تخريج حديث إنما الأعمال بالنيات
حديث (إنما الأعمال بالنيات) وتخريجه
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ، وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
وهذا حديث صحيح متّفق عليه، أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، وهو من أحاديث الآحاد، لعدم رواية الحديث إلّا من طريق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فلم يصل حدّ التواتر.
شرح حديث (إنما الأعمال بالنيات)
فيما يأتي شرح بسيط لبعض ألفاظ الحديث، وذلك على النحو الآتي:
- إنما
هي أداة حصر، واقترانها بالأعمال دلالة على حصر الأعمال.
- النيّة
القصد، فكانت لتمييز الطاعات والعبادات عن غيرها.
- إنما لكلّ امرئ ما نوى
أي إنَّ كلّ عمل نوى فيه الخير كان فيه الخير والأجر، وكلّ عمل نوى فيه الشرّ عاد عليه بالشرّ والسيئات.
- الهجرة
وهي الترك؛ وهنا جاءت في موضع ترك بلد الخوف والانتقال إلى بلد الأمن والأمان.
- فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله
وهي لمن كان في زمن النبي -عليه الصلاة السلام-، وأراد في هجرته من دار حرب إلى دار الإسلام، قاصداً الأجر والثواب، والانقياد والطاعة لله -عزَّ وجلّ- ونبيّه -عليه الصلاة السلام-.
- ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها
أي من بلاد الحرب إلى دار الإسلام طالباً فيها التجارة أو الزواج.
- فهجرته إلى ما هاجر إليه
فهذا فيه استحقار لما فيه من أمر الدنيا.
مكانة حديث (إنما الأعمال بالنيات)
يُعدّ حديث "إنّما الأعمال بالنيّات" من أصول الدين وقواعده، فهو من الأحاديث التي يقوم عليه الدين، حيث يُبيّن باطن وخفايا العمل، وهو إشارة إلى ضرورة الإخلاص في العمل لله -عزّ وجلّ-، فحتى يُقبل عمل المرء لا بدّ أن يكون صواباً خالصاً لله -تعالى-، فتكون نيّة المرء لله -تعالى- صحيحة وموافقة لما ورد في السنّة النبويّة.
قال الله -تعالى-: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)، وقد تميّز هذا الحديث بكونه جاء مُقدَّماً في كتب الحديث، وقد أوصى أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي من أراد تصنيف أي كتاب، أن يبدأ بحديث "إنّما الأعمال بالنيّات".
أهمية النية في أعمال المسلمين
النيّة في اللغة: القصد، ومحلّها القلب، وهي شرط لصحة العمل وقبوله ، أمّا في الشرع فهي: "العزم على فعل العبادة تقرُّباً إلى الله -تعالى-"، وهي على نوعين:
- نيّة العمل
وهو القصد لفعل الفعل؛ كصلاة وغُسل ووضوء وغيرها.
- نية المعمول له
أي لله -سبحانه وتعالى-، فيَقصد المرء بالفعل التقرُّب لله -سبحانه وتعالى-، فإن قام لصلاة أو غسل أو وضوء؛ كان القصد بالقيام التقرُّب لله -سبحانه وتعالى-.
ويُشترط لقبول العمل شرطان كما مرّ سابقاً:
- الإخلاص في العمل
فيَصْدق المرء في فعله، طالباً مرضاة الله -سبحانه وتعالى-، مُتجرِّداً عن أقوال الناس.
- الصواب في العمل
فيكون فعل المرء مشروعاً كفعله -صلى الله عليه وسلم-.