كيف تجدد إيمانك
كيفية تجديد الإيمان
هناك العديد من الأعمال التي تجدّد الإيمان في قلب المؤمن وتقوّيه، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:
- التوبة والرجوع إلى الله -سبحانه-، قال الله -تعالى-: (وَالَّذينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تابوا مِن بَعدِها وَآمَنوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعدِها لَغَفورٌ رَحيمٌ)، فإن كانت التوبة خالصةً وصادقةً لله -عز وجل-، مع العزم على عدم العودة للمعصية، فإنّها سببٌ لمغفرة وتكفير الذنوب، لِذا ينبغي على المؤمن أن يحرص على مراجعة نفسه والتوبة إلى الله باستمرار، ويدعو الله -عز وجلّ- أن يتقبّل توبته، فإنها رحمة من الله، ولولاها لتفشّى في المجتمع المعاصي والظلم، كما أن السيّئات والمعاصي تُضعف الإيمان في القلب، لذا فالقلب بحاجة لتجديد إيمانه بالتوبة، لذلك أتبع الله -سبحانه- الإيمان بالتوبة في الآية السابقة.
- التواضع ؛ فتواضُع المؤمن في هيئته وكلامه وأسلوبه؛ يدلّ على تواضع قلبه وخشيته لله -سبحانه-، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ألا تسمَعون، ألا تسمَعون، إنَّ البذاذةَ منَ الإيمانِ، إنَّ البذاذةَ منَ الإيمانِ)، والبذاذة تعني تواضع المؤمن في اللّبس والكلام والتّعامل، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن ترَكَ اللِّباسَ تواضعًا للَّهِ، وَهُوَ يقدِرُ عليهِ، دعاهُ اللَّهُ يومَ القيامَةِ على رؤوسِ الخلائقِ، حتَّى يخيِّرَه من أيِّ حُللِ الإيمانِ شاءَ يلبَسُها)، وقد كان الصحابيّ عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- لا يُميّز بين العبيد الذين يعملون عنده لشدّة تواضعه.
- محبة الله -عز وجل- وخشيته، والتقرّب إليه بالرجاء وحسن الظن به والتوكل عليه، والرضا بقضائه، والمداومة على شكره وذكره، والتأدّب معه -سبحانه وتعالى- بالصدق واليقين والثقة به، والحرص على عدم هجر كتابه الكريم، والاستقامة على طريق الهِداية.
- محاسبة النفس، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّـهَ).
- التوجّه إلى الله -عزّ وجلّ- بالدعاء بتجديد الإيمان بقلب المؤمن، والحرص على الابتعاد عن الفِتن والشهوات التي تُضعِف الإيمان في القلب.
- المحافظة على الأعمال الصالحة التي تُقوّي الإيمان وتجدّده في القلوب، ومنها المحافظة على ذكر الله وأذكار الصباح والمساء ، والإكثار من الصلاة على النبيّ، والاستغفار، وتفقّد أحوال الأيتام والأرامل، والصدقة على الفقراء والمحتاجين، وزيارة المرضى، وزيارة المقابر للعِظة والاعتبار، وتذكّر أحوال الآخرة.
حاجة الإيمان للتجديد
المؤمنُ شديد الحاجة لتجديد إيمانه، فالإيمان لا يبقى كما هو؛ فقد يقلّ، أو يضعف، أو يتعرّض المؤمن لفترة فتورٍ في حياته، وهذا ليس بغريبٍ، فالدنيا دار فتنةٍ وموطن شهواتٍ، كما أن قلّة ذكر الله -تعالى-، والانشغال بالمُلهيات عن الطاعة والعبادة، والإكثار من ارتكاب المعاصي والذنوب؛ يؤدّي إلى ضعف الإيمان والبعد عن الله -سبحانه-، وكل ذلك يحتاج إلى توبةٍ وتجديدٍ للإيمان في قلب العبد الصالح، وقد ورد دليل ذلك في السنة النبوية ، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثّوبُ، فاسْألُوا اللهَ تعالَى أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ)، فينبغي على المؤمن أن يحرص على تجديد إيمانه، والعودة إلى الله -تعالى- بالتوبة النصوح، والتقرّب منه، فالقلوب متقلّبةٌ ولا تبقى على حالها وعلى نفس درجة إيمانها، وقد كان معاذ -رضي الله عنه- يحرص على دعوة أصحابه ليؤمنوا؛ ويقصد بذلك أن يجلسوا فيذكروا الله -سبحانه-، وكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كثير الذكر أثناء حديثه، فلا يختم كلامه إلا بقول "لا إله إلا الله".
والإيمان يبْلى في قلب المؤمن كما يبْلى الثّوْب، بدليل قول النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث السابق، لِذا جديرٌ بالمؤمن أن يحرص على تزكية نفسه باستمرار، والمحافظة على أذكاره، وطاعته لله -سبحانه-، وأداء النوافل والسُّنن، حتّى يقي نفسه من الفِتن والشّهوات والتقصير، وقد ورد في السنة النبوية أيضاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من القلوب قلبٌ إلا و له سحابةٌ كسحابةِ القمرِ، بينما القمرُ يُضيءُ إذ عَلَتْه سحابةٌ، فأظلَم، إذ تجلَّتْ)، فقد شبّه الرسول -صلى الله عليه وسلم- قلب المؤمن بالقمر، والقمر يُغطَّى من قِبل السُّحب في بعض الأوقات، وإذا ذهبت هذه السُّحب عاد مُضيئاً، وكذلك قلب المؤمن؛ تأتيه فترةً يكون نُور إيمانه خافتاً من المعاصي، فيتجدّد إيمانه بالله -عز وجل- بذكره، و بالاستعانة به، والرجوع إليه، فيرجع مضيئًا بنور الله -عز وجل-.
أهمّية تجديد الإيمان
إن تجديد الإيمان ضرورةٌ مُلحّةٌ لكلّ مؤمنٍ يرجو التقرّب من خالقه ونيل رضاه، فقد جاء الأمر به وبإحكام الصلّة بالله -سبحانه- في الكتاب والسنة النبوية، قال الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ في جَوْفِ أحدِكُمْ كَما يَخلَقُ الثّوبُ، فاسْألُوا اللهَ تعالَى أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ في قُلوبِكمْ)، فتجديد الإيمان يقي القلب من الملل ومن الفتور، ويُعين على السير إلى الله -عز وجل-، ويملأ قلب المؤمن بالله، فلا يتوكّل على أحدٍ سِواه.