تخريج حديث (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه..)
تخريج حديث (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه..)
ذكر الإمام النووي هذا الحديث في كتابه الأربعين في مباني الإسلام وقواعد الأحكام، وهو المتن المشهور باسم الأربعين النووية، وهذا يدل على أهمية موضوع الحديث وأنه من جوامع كلم النبي -صلى الله عليه وسلم- كما هو شرطه في اختيار أحاديث المتن.
نص الحديث
قال الإمام النووي: "عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)، حديث حسن صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح.".
التخريج التفصيلي للحديث
روى هذا الحديث الإمام ابن أبي عاصم في كتاب السنة، وعنه روى الإمام إسماعيل الأصبهاني هذا الحديث في كتاب الحجة في بيان المحجة، ورواه ابن بطة في الإبانة الكبرى، والبغوي في شرح السنة، وكلهم من طريق نُعيم بن حماد عن عبد الوهاب الثقفي عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عقبة بن أوس، عن الصحابي عبد الله بن عمرو به.
الحكم عليه من حيث القبول والرد
للعلماء ثلاثة اتجاهات في الحكم على هذا الحديث من حيث القبول والرد:
- تصحيح الحديث
وقد صرح النووي بذلك عندما أورده في متن الأربعين النووية كما سبق.
- تقوية الحديث بشواهده
وهذا اعتراف بأن في إسناده ضعفا؛ لذلك احتاج إلى نصوص شرعية أخرى تقوي معناه، وقد ذهب إلى هذا الرأي الأثيوبي في كتاب البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج، وانتصر الأثيوبي لهذا الحكم في كتابه الآخر، مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه ، عطية سالم في شرح الأربعين النووية.
- الحكم على سند الحديث بالضعف
وذهب إلى هذا الرأي ابن رجب الحنبلي في كتاب جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، وأيّده الألباني في كتاب ظلال الجنة في تخريج كتاب السنة، وقد ذكر ابن رجب أن تصحيح الحديث بعيد جدا، وذكر عدة أسباب لتضعيفه، وهي:
- تفرّد نعيم بن حماد بروايته، ونعيم مختلف في توثيقه وتضعيفه، وقد ذكر النقاد أن له تفردات عن الثقات لا أصل لها، فأين أصحاب هشام بن حسان وأصحاب محمد بن سيرين عن هذا الحديث حتى يتفرد به نعيم؟! لذلك لا يقبل ما ينفرد به.
- الاختلاف على نعيم؛ فمرة يرويه عن عبد الوهاب الثقفي عن هشام بن حسان، ومرة يرويه عن عبد الوهاب الثقفي عن بعض مشايخ هشام أو غيره؛ فيكون شيخ الثقفي غير معين من هو.
- عقبة بن أويس يقال إنه لم يسمع من عبد الله بن عمرو، فيكون منقطعاً.
صحة معنى الحديث
ذكر ابن رجب أن معنى الحديث صحيح، فلا يكمل إيمان المسلم حتى يحب ما يحبه الله ورسوله ويكره ما يكرهه الله ورسوله، وقد دل القرآن العظيم على ذلك في آيات كثيرة، ودلّ عليه أيضاً أحاديث نبوية صحيحة، ومن أشهرها، حديث: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)، رواه البخاري، ومسلم واللفظ له.