تحليل كتاب أوراق الورد
تحليل كتاب أوراق الورد
فيما يأتي تحليل مفصل لكتاب أوراق الورد :
التحليل الموضوعي لكتاب أوراق الورد
يعد كتاب أوراق الورد من أشهر مؤلفات الرافعي في النثر الفني الأدبي، وهو عبارة عن خواطر وأحوال كتبها الرافعي يصف فيها جزءًا من مشاعره وفترةً من عمره متحدثًا فيه عن فلسفة الحب، جامعًا في الكتاب رسائل حبيبته ورسائله، لكن الكتاب لم يتناول قصة حب بقالب الرسائل بالمعنى الحرفي كون الرسائل لم تكن حقيقةً بل كانت من باب المجاز، فكان كتابه من وحي فتاتين أحبّهما في فترتين من عمره.
يعد كتاب أوراق الورد جزءًا مكملًا لكتابي الرافعي "رسائل الأحزان" و"السحاب الأحمر" اللذين كانا وسيلةً لتفريغ الرافعي لمشاعر حبّه وكبريائه، وما اجتاحه من حزن وغضب إثر الفراق الذي تعرّض له، فجاء أوراق الورد بعد ذلك الفراق بفترة طويلة وبعدما استكانت نفسه وهدأت، فكتب ودوّن خواطره في الجمال والحب التي لازمته والرؤى والأحلام التي راودته في فترات تناسيه وانشغاله في معترك الحياة.
التحليل الأسلوبي لكتاب أوراق الورد
إن كل مَن قرأ للرافعي لابدّ وأنه يلاحظ لغته البليغة ومخزونه اللغوي المثمر، فقد استخدم الرافعي لغته الساحرة هذه في وصف الموضوعات في الكتاب، كالفلسفة و الصوفية والحب والاشتياق، كما يبهرنا بكلمات في غاية العمق تصف مراحل الحب وتطوره مع مرور الوقت، وحتى عندما يحدث الفراق كيف يعيش كلا الحبيبين في حالة حزن ممزوجة بالحنين.
كما يعدّ مصطفى صادق الرافعي من أقرب الأدباء العرب إلى روح العصر الحديث، لأننا نجد في أسلوبه عذوبة وفيه لمحات من الشعر الوجداني الصادق، وهذا ظهر جليًّا في أوراق الأوراد، بالإضافة إلى لجوءه وميله للخيال أكثر من الواقعية في سرده، وتركيزه على المجاز أكثر من الحقيقة، والقارئ للرافعي بطبيعة الحال يعلم درجة اعتنائه بالتراكيب أكثر من العناية بالألفاظ، مراعاة تناسبها وموسيقاها.
آراء بعض النقاد في كتاب أوراق الورد
اختلف النقاد في آرائهم حول كتاب أوراق الورد، وعلى الرغم من أننا نجد البعض يأخذ على الرافعي طريقة سرده وأسلوبه، إلا أن غالبهم يقرّون بقوة لغته وجزالة ألفاظه، ومدى أهمية كتبه في التراث الأدبي العربي، من آراء النقاد ما يأتي:
لطفي جمعة
"إن كنا لانزال نذكر أنه بجانب جمال أسلوب أوراق الورد ونقاء ديباجتها التي قد لا تجاري من حيث الفصاحة والبيان إلا أن المعاني كانت مبهمة وبها بعض الغموض، لقد كان الأسلوب في تلك الكتب يشبه ثوباً واسعًا جميلا مزركشًا ولكن لابسه طفل صغير.
وغاية الرافعي أن يظهر اللغة العربية بمظهر القادر على احتواء المعاني وكسوتها بأجمل شكل وأبهى صورة، إذ العبرة في نظره وفي نظر كل كبار الأدباء ليست بغرابة المعنى، ولكن العبرة بجمال الشكل."
إبراهيم المصري
"الأستاذ مصطفى صادق الرافعي ولوع بالأدب العربي وطريقة التأليف العربية تستهويه بالجملة المتماسكة والعبارة المصقولة واللفظ السليم فيشتغل بالعرض عن الجوهر ويصيب من بلاغة القول أضعاف ما يصيب من بلاغة الحياة، وهو غني بالألفاظ غنى يحسد عليه، لا يحفل بالفكرة وتناسبها وعمقها قدر احتفاله بصياغة اللفظ وحلاوته وحسن رنينه".
ومن هذه الناحية فهو فنان، فنان مغرم بالشكل الظاهري وتطربك أهازيج أسلوبه، ولكنها لا تنفذ إلى قرارة نفسك ولا تستطيع أن تؤثر في مجرى تفكيرك على أن الرجل يحاول أن يفكر وقد يصادفك في كتابه الجديد "أوراق الورد" خواطر مبتكرة رائعة ولكن إفراطه في حبك العبارة ونحتها يسوقه إلى تضحية بالفكرة في سبيل اللفظ."
محمد علي غريب
عارض فكرة الرافعي أن الأدب العربي يخلو من رسائل الحب وأن أوراق الورد كان بابًا لفن جديد من صنع الرافعي فقال:" قد يكون هذا الرأي صائبًا فلم ينته إلينا مؤلف كهذا إلا ما تفرق بين أسفار الأدب من بعض الرسائل مما جرى بين المحبين."
اقتباسات من كتاب أوراق الورد
حوى كتاب أوراق الورد على الكثير من المعاني السامية في الحب، ومن الاقتباسات الجميلة فيه ما يأتي:
- "ترفعنا الهموم والآلام، لأن عواطف الحزن والشقاء لا تكون إلا من سمو، وهي لابد أن تكون لأنها وحدها الحارسة فينا لإنسانيتنا."
- "قالت له: إذا كنت تريدني سماءً تستوحيها وتستنزل منها ملائكةَ معانيك، فلماذا تنكر عليَّ أن يكون لي مع أنواري سحابٌ و ظلمةٌ ورعدٌ وبرق؟"
- "كيف ينبض القلم في يديك هذه النبضات الحية المتمثلة حتى ما يخالجني شك في أنه لو وضع على كتابك ميزان الحرارة لجاءت درجته في حرارة قلب "
- "ما أرى الحب إلا قوة تخرج النفس وتشيعها في الوجود كله أو تدخل الوجود كله إلى النفس وتدعه شائعًا فيها، ولهذا فمهما يبلغ من سعة العالم فإنه لن يمتلئ عن المحب إلا بواحد فقط. هو الذي يحبه."
- لا يمكن للقلب أن يعانق القلب، ولكنهما يتوسلان إلى ذلك بنظرة تعانق نظرة، وابتسامة تضم ابتسامة.""