تحليل قصيدة طرقت باب الرجا
تحليل قصيدة طرقتُ باب الرجا
شاعت أبيات (طرقتُ باب الرجا) بين الناس شيوعًا كبيرًا، وهي أبيات للشاعر ابن النحوي، وهو يوسف بن محمد بن يوسف التوزري التلمساني، أو أبو الفضل الذي عاش في الفترة 433 - 513 هجري/ 1041 - 1119 ميلادي، وعُرِف بابن النحوي التوزري نسبة إلى توزر مسقط رأسه في الجنوب التونسي، وكان ابن النحوي مائلًا إلى الاجتهاد في الفقه ومتمكنًا من أصول الدين والفقه، شاعرًا وأديبًا ولغويًّا
أبيات القصيدة
طرقتُ بابَ الرجاءِ والناسُ قدْ رقدوا
- وبتُّ أشكو إلى مولاي ما أجدُ
وقلتُ يا أملي في كل نائبةٍ
- يا منْ عليهِ لكشفِ الضرِّ أعتمدُ
أشكو إليكَ أمورًا أنت تعلمها
- مالي على حملها صبرٌ ولا جلَدُ
وقدْ بسطتُ يدي بالذلِ مفتقرا
- إليك يا خيرَ من مُدّتْ إليه يد
فلا ترُدَّنها يا ربِّ خائبةً
- فبحرُ جودك يروي كلَ من يردُ
شرح أبيات القصيدة
مناسبة القصيدة
كانت المناسبة التي قيلت فيها أبيات الشاعر ابن النحوي هي أن أحدًا من أهل ابن النحوي اشتكى إليه ظلم الحاكم في بلده وعدم رغبته في عودته إلى البلاد، فاستجاب ابن النحوي له وتضرّع لله عز وجل مُتهجدًا في الليل وكتب أبياته السابقة، وكانت الناس تتأمل في ابن النحوي خيرًا؛ فهو فقيه، ولغويّ خالط العلماء وتخلّق بأخلاقهم، وأمضى حياته مغتربًا عن بلاده وكان زاهدًا مُجاب الدعاء
الفكرة العامة في الأبيات
التضرّع لله عز وجل في استجابة الدعاء ، وطلب العون، وكشف الهمّ والغمّ.
الأفكار الرئيسة في الأبيات
- شكوى الشاعر من همّ أصاب أحد إخوانه من أهله، وتضرعه لله تعالى.
- أمل الشاعر في رحمة الله وعونه، واعتماده على الله عز وجل.
- تسلية نفس الشاعر بالصبر على أمور لا يستطيع احتمالها.
- ابتهال نفس الشاعر، والتذلل بالدعاء لله تعالى.
- رجاء الشاعر بأن لا يردّ الله يده فكرم الله تعالى بحر لا ينفد.
شرح الأبيات
- يقول الشاعر في البيت الأول: بأنه قام وتضرّع لله تبارك وتعالى في قيام الليل والناس نِيام.
2. يقول الشاعر في البيت الثاني: بأنه لجأ إلى الله فهو أمله الوحيد والاعتماد عليه وحده في كشف الضر.
3. يقول الشاعر في البيت الثالث: بأن هناك أمور عسيرة يستعين عليها بالله، فالشاعر وحده لا يستطيع الصبر عليها.
4. يقول الشاعر في البيت الرابع: بأنه رفع يديه في الدعاء والشكوى لله من ظلم أصاب أحد إخوانه، كي يكشفه عنه.
5. يقول الشاعر في البيت الخامس: بأنه يرجو من الله تعالى ألا يردّه خائبًا وأن يكشف الغم والمصيبة.
معاني الكلمات في الأبيات
رقدوا: ناموا
جَلَد: الصبر
مُبتهلًا: مُتضرعًا
خائبة: لم يتحقق له ما كان مأمولًا
الجود: الكرم
الصور الفنية في الأبيات
- البيت الأول:
طرقتُ باب الرجا والناسُ قد رقدوا
- وبتّ أشكو إلى مولايَ ما أجدُ
الصورة الفنية: صوّر الشاعر الرجاء بالباب الذي يطرقه ليلًا.
- البيت الخامس
فلا تردّنها يا ربّ خائبةً
- فبحرُ جودكَ يروي كلّ من يجدُ
الصورة الفنية: صوّر الشاعر كرم الله تعالى بالبحر.
الأساليب المستخدمة في الأبيات
من الأساليب التي استخدمها الشاعر في أبياته ما يأتي:
1. أسلوب الالتفات بالضمائر: فقد استخدم الشاعر في أبياته عددًا من الضمائر المتصلة والمنفصلة، وانتقل من ضمير المتكلم إلى الغائب، ثم المتكلم والمخاطب، وأكثرها المتكلم والمخاطب ويدل ذلك على الحالة النفسية للشاعر في مناجاته مع الله عز وجلّ، وقدرته اللغوية فابن النحوي كما نعرف لغويّ فصيح.
2. استخدامه لبعض الأساليب الإنشائية مثل:
- أسلوب النداء ، كما جاء في قول الشاعر:
وقلتُ يا أملي في كل نائبةٍ
- يا منْ عليهِ لكشفِ الضرِ أعتمدُ
- أسلوب النهي ، كما جاء في قول الشاعر:
فلا ترُدَّنها يا ربِّ خائبةً
- فبحرُ جودك يروي كلَ من يردُ
العبر والدروس المستفادة من الأبيات
- اللجوء إلى الله تعالى في كل الأوقات بالدعاء.
- الشكوى لا تكون إلا لله تعالى وحده.
- أفضل الأوقات في إجابة الدعاء هو وقت السَحَر وقيام الليل.
- الله تعالى هو الأمل الوحيد ولا يُرجى الأمل إلا به.
- الصبر على المصائب والاستعانة عليها بالله تعالى.
- لا ييأس المرء من كرم الله فكرمه وعطاؤه لا ينفدان.