تحليل سورة الإخلاص بلاغيًا
تحليل سورة الإخلاص بلاغيًا
إنَّ السورة مع قلة كلماتها، وقصر آياتها إلا أنَّها تحمل دلالات عظيمة نجملها فيما يأتي:
أولاً
بدأت الآيات بفعل أمر (قل)؛ ليفيد أنَّ ما بعده مأمورٌ بتبليغيه واعتقاده ثم تلا الفعل ضمير الشأن (هو)؛ للدلالة على الاختصاص أي هو المتفرد بهذا الوصف وهو الوحدانية المطلقة التي لا تليق بأحد غيره.
ثانياً
وصف الله نفسه في السورة بقوله: "الله الصمد" والصمد هو الذي يُقصد في الحوائج دائماً، وهذا الوصف ملازمٌ له، ونُلاحظ أنَّ الخبر أفاد فائدة معلومة بالضرورة، فكيف بمن يملك مقادير كل شيء إلا يحتاج إليه جميع الناس؟!
ثالثاً
نفى الله عن نفسه النظير والمثيل، فهو لم يلد ولم يولد؛ لانعدام مجانسته، فكما هو منفردٌ بالوحدانية كذلك هو منفرد بالألوهية والربوبية المطلقتين، ونلاحظ أنَّه أتى بلفظ (لم)؛ ليدل بالنفي القاطع الجازم على هذا المعنى الثابت.
رابعاً
يؤكد الله المعاني السابقة بألفاظ أخرى مغايرة، فأتى بنفي المكافئ والمثيل مرة أخرى بلفظ (لم) والفعل المضارع (يكن) الدال على الثبوت والاستمرار، كما جاء بلفظ أحد لنفس الجنس أي لنفي أي جنس أحد من المخلوقات أن يكون له مكافئ أو نظير أو مثيل.
خامساً
بدأت الآيات وانتهت بأوصاف لا تليق إلا بالذات العلية سبحانه وتعالى ولا تستقيم مع غيره كالوحدانية والصمدية والفردانية المطلقة، وذلك بكونه مستغنياً عن الخلق والولد والزوجة، متفردٌ بالإرادة والمشيئة.
سادساً
ورد الفعل المبني لما لم يُسمَّ فاعله "يولد" للدلالة على نفي الوالد عن الله، فالفعل المبني للمجهول يأتي لعدة دلالات أبرزها: شهرة المسمَّى وعدم الحاجة لذكره، فهو معلوم لكل عاقل.
سابعاً
تميَّزت الفاصلة القرآنية بالتناسب، فكل آية خُتمت بحرف الدال؛ لتستقيم الدلالة الصوتية المتقاربة، ولتدرك العقول روعة النسيج العذب الذي نزل من حكيم عليم.