تحليل رواية مولانا
التحليل الموضوعي ل رواية مولانا
رواية مولانا من الروايات المصرية المشهورة ، وهي رواية للكاتب المصري إبراهيم عيسى، وفيها تناول ظاهرة ما بات يعرف باسم (شيوخ الفضائيات)، وهي الظاهرة التي سادت العالم العربي خلال السنوات الأخيرة والتي جاءت من خلال مشاركة العديد من الشيوخ في البرامج التلفزيونية الفضائية وعلاقتهم بالمؤسسة الأمنية والسياسية وبرجال الأعمال.
ًإذ تم الإساءة إلى الكثير من المبادئ الإسلامية على يد نفر من هؤلاء الشيوخ وجعلها في خدمة العملية السياسية، ويشير الكاتب إلى أنه بدأ بكتابة هذه الرواية عام 2009م عندما كان معارض سياسي للرئيس الأسبق، ولكن لم يتمكن من إكمالها؛ بسبب بعض التعقيدات والعراقيل، حتى اندلعت الثورة المصرية عام 2011م ومن ثم استأنف العمل بها.
وعليه فإن رواية مولانا ما هي إلا سجل، يرصد مجموعة من التحولات الفكرية والاجتماعية للمجتمع المصري والعربي، وهي نتاج طبيعي لثورة الاتصالات والعولمة وظهور ما بات يعرف بالإسلام السياسي، الذي كان السبب وراء ظهور الكثير من النزاعات الطائفية والعرقية.
وهو الأمر الذي جعل فئة من أصحاب الخطاب الديني هم الذين يتصدرون القائمة في توجيه الجماهير والمجتمعات عبر الإعلام المرئي والمسموع وأصبحوا مصدرًا ماليًا كبيرًا لذلك الإعلام؛ بسبب ما تدره البرامج الخاصة بهم من أموال الإعلانات، كما ويتقاضى هؤلاء الدعاة أموال تصل إلى ملايين الجنيهات لقاء ظهورهم في تلك البرامج.
تركيز رواية مولانا على النزاع الحاصل بين المتطرفين
كما لم يغفل الكاتب التطرق إلى النزاع الحاصل بين المتطرفين المسلمين والمسيحيين على حد سواء، كما تعرضت الرواية إلى العديد من الفتاوى الدينية التي بات المجتمع العربي يسمعها بين فترة وأخرى وهي فتاوى صادمة في حقيقة الأمر وكانت لها الكثير من الآثار السلبية على عموم الناس والمجتمعات.
والتي أيضًا لم تكن محط اتفاق بين رجال الدين أنفسهم الذين انقسموا بين معارض لها وموافق عليها، ضاربين عرض الحائط رأي المجتمعات والعامة من الناس.
الأسلوبيّة في رواية مولانا
استخدم الكاتب في روايته مولانا الأسلوب الساخر والعفوي، فاستطاع أن يجذب إليه القارئ المصري والعربي فقد استخدم عنصر الإثارة والتشويق في جميع مراحل الرواية لكي لا يفقد القارئ حماسه في متابعة القصة؛ إذ تحتوي الرواية على الكثير من التفاصيل والمعلومات، التي قد تصيب البعض بالملل والضجر.
لذا أضفى الكثير من التشويق على أحداث الرواية؛ لكي يجعل من القارئ يتكهن بما سيقع من أحداث قادمة، وقد استخدم الكثير من الأحاديث والآيات القرآنية والشواهد والوقائع التاريخية بلغة بارعة على لسان الداعية (حاتم الشناوي): وهو الشخصية الرئيسية في الرواية ،والبارع في لغة المناظرة والتنظير والمتمكن من أدواته الخطابية، والقادر على استمالة الكثير من قلوب وعقول المتابعين له.
الاستعارة والصور الفنية في رواية مولانا
يبدو أن الكاتب إبراهيم عيسى كان قد رسم في ذهنه نموذجًا لداعية إسلامي هو أقرب إلى صورة نجوم التلفزيون في مجالات الفن أو السينما أو الرياضة من كونه رجل دين، كما وصوره إلى كونه تاجر علم يمتلك من العلم والمعرفة ما يؤهله للظهور للناس، واستمالة قلوبهم وجعلهم يتبعونه.
وهو في حقيقة الأمر لا يسعى سوى إلى تحقيق مكاسب شخصية وتربح مالي من هذا العمل من جهة، ومن جهة أخرى هو ينفذ السياسية التي يتم وضعها له من قبل أصحاب القناة ورجال المال والسياسة، فيضفي عليه صفة المولى وهي صفة لا تتبع الموصوف هنا إذ إن الولي: ذلك الشخص الذي يسخر نفسه لخدمة الدين والناس، لا لتحقيق مصالحه الشخصية.
حتى يصل الأمر أن يذكر الكاتب على لسان بطل الرواية الداعية (حاتم الشناوي): أنه شخصيًا أصبح "يكسب من الدين فلوسًا أكثر من التي كسبها الخلفاء الراشدون والإمام البخاري ومسلم، كما يبدو أن المؤلف في بعض أجزاء من الرواية، يستعير العمامة الأزهرية وسنوات الإعداد للأئمة لكي تكون في نهاية المطاف وسيلة للكسب المال وليس لينتفع الناس بالدين.
الحوار والسرد في رواية مولانا
رسم الكاتب عيسى إبراهيم مؤلف الرواية شخصية حاتم الشناوي، وهي تعيش الكثير من الصراعات الداخلية؛ فهو وإن يؤمن بما ذهب إليه المعتزلة من أعمال سلطة العقل أمام سلطة النص، لكنه في ذات الوقت لم يكن قادرًا على البوح بهذا الإيمان أو المعتقد بل على العكس راح يخاطب الناس بما يخالف تمامًا ما يعتقد به وهو نتيجة الخوف أو الرغبة في تحقيق مصالح ذاتية.
لذلك فضل المؤلف استخدام لغة بسيطة في السرد والحوار، إذ تتوسط بين العامية والفصحى، وهي اللغة القادرة على جذب الكثير من عامة الناس وفي الوقت ذاته إيصال الفكرة بطريقة أسهل وأسرع.
أهم الآراء والانتقادات حول رواية مولانا
تعرضت رواية مولانا إلى العديد من الانتقادات بخاصة بعد أن تحولت تلك الرواية إلى فلم سينمائي، تم عرضه في مصر وفي معظم الدول العربية، ولعل من أهم الآراء النقدية التي وجهت إلى الرواية أو الفيلم هي:
الدكتور محمود مهنا عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
الذي يرى أنه لا يوافق على أي عمل فني يهدف إلى إظهار علماء الدين بصورة غير حقيقية كالتي أظهرتها رواية مولانا فهو تعميم خاطئ فضلًا عن أنه تشويه للمرجعية الأولى للإسلام والمسلمين وطعن فيها، إلا وهي مؤسسة الأزهر الشريف، فهو يدعو إلى التركيز على الإيجابيات التي يتمتع بها علماء الأمة وترك ما دونها.
الدكتور عبد المنعم فؤاد عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين
هو من الرافضين لفكرة الرواية، أو الفيلم القائم على أساسها ويرى أن النيل من علماء الأمة الإسلامية تحت مظلة حرية الرأي والتعبير أمر غير مقبول بأي حال من الأحوال.
الدكتور منصور مندور كبير الأئمة بوزارة الأوقاف المصرية
يرى أن الرواية تحوي الكثير من القضايا المهّمة في التاريخ الإسلامي، التي لا يعلم عنها المؤلف شيئًا، وطالب بضرورة عرض أي عمل يتناول الشؤون الدينية على المؤسسات الدينية المختصة.
النائب البرلماني اللواء شكري الجنيد
هو أيضًا انضم إلى رأي أئمة الأزهر الشريف، بعدم جواز تشويه صورة الأئمة في المجتمعات العربية الإسلامية.
الناقد الفني طارق الشناوي
يرى أن الرواية تجسد واقع حقيقي تعاني منه العديد من المجتمعات العربية والإسلامية، وأن تلك المجتمعات مليئة بالكثير من الدعاة الذين أصبحوا يتمتعون بالكثير من الشهرة، ويجنون الكثير من الأموال إذ تحولوا من دعاة دين إلى دعاة سياسة.
- النائب يوسف القعيد عضو لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب المصري يرى أن رواية مولانا هي ليست رواية دينية، بل أنها تجسد قصة رجل دين ينجح في تقديم برنامج ديني ويحقق انتشارًا واسعًا، وليس فيه إساءة إلى رجال الأزهر الشريف.
رواية مولانا للكاتب إبراهيم عيسى من أهم الروايات العربية التي نالت شهرة واسعة، حتى تم ترشيحها لتدخل إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2013م، وهي رواية أثارت الكثير من الجدل حولها؛ بسبب كونها تتناول حياة رجل دين ينجح في أن يصبح داعية ديني، من خلال برنامج تلفزيوني.
فيعقد الكثير من الصفقات مع رجال الأمن والسياسة والأعمال؛ ليسخر خطابه الديني في خدمة هذه الفئة من المجتمع، ويحقق مقابلها الكثير من المصالح الشخصية والذاتية.