بر الوالدين بعد موتهما وفضله
طرق بر الوالدين بعد موتهما
لا يتوقف واجب بر الوالدين على الأبناء بعد موتهما؛ إذ إن بر الوالدين مستمر حتى بعد انتقالهما إلى الحياة الأخرى، ولكن طرق برهما تختلف عن برهما حال حياتهما، وفيما يأتي بيان لطرق بر الوالدين بعد وفاتهما:
الدعاء والاستغفار لهما
يستطيع الأبناء بر آبائهم وأمهاتهم بعد موتهم من خلال الاستغفار لهم، ويكون ذلك من خلال طلب العفو والصفح والرحمة لهم من الله -سبحانه وتعالى-؛ قال تعالى: (رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا).
وقد ثبت في الحديث الشريف أثر دعاء واستغفار الابن لأبيه المتوفى؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ ليَرفَعُ الدَّرجةَ للعبدِ الصَّالحِ في الجَنَّةِ فيقولُ يا ربِّ أنَّى لي هذه فيقولُ باستغفارِ ولدِك لك).
الصدقة عنهما
تعد الصدقة عن الوالدين إحدى الطرق لبرهما بعد وفاتهما، وتتنوع هذه الصدقات لتشمل الصدقات الجارية؛ كسقيا الماء وبناء المساجد والمدارس، أو قد تكون صدقات مالية على شكل نقود تعطى للفقراء والمساكين.
قضاء ديونهما
من صور بر الوالدين بعد وفاتهما قضاء الديون المترتبة عليهما، ويدخل في ذلك الديون الواجبة لله -تعالى-؛ مثل النذور والكفارات ككفارة اليمين وكفارة القتل الخطأ وغيرها من الديون المتلعقة بالله -عز وجل-، كما يضاف إلى ذلك الديون المتعلقة بحق الآدمي.
وقد جاء الحث على قضاء دين الوالدين في الحديث الصحيح: (أنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَتْ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَقالَ: أَرَأَيْتِ لو كانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ: فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بالقَضَاءِ).
تنفيذ وصيتهما
يعد تنفيذ وصية الوالدين أحد طرق برهما بعد موتهما، وقد جاءت الإشارة إلى ذلك في الحديث: (يا رسولَ اللهِ هل بَقِيَ من بِرِّ أبَوَيَّ شيءٌ بعدَ موتِهما أبَرُّهُما قال: نَعم، خِصالٌ أربعٌ: الدعاءُ لَهما والاسْتِغفارُ لَهما، وإِنْفاذُ عهدِهِما، وإِكرامُ صدِيقِهِما، وصِلةُ الرَّحِمِ التِي لا رَحِمَ لَكَ إِلَّا من قِبَلِهِمَا).
وقال بعض العلماء إن العهد الوارد في الحديث الشريف يتعدى تنفيذ وصيتهما؛ حيث إن العهد قد يشمل كل ما يهتم الوالدين لأمره من الإحسان لشخص معين، أو الاهتمام بشيء معين كانا يهتمان به، فإن ذلك كله يدخل في تنفيذ العهد والإحسان إلى الوالدين بعد وفاتهما.
إكرام أصدقائهما
لا شك أن كلاً من الأم والأب كان لديهما أصدقاء أوفياء يحبون وصلهم وزيارتهم باستمرار، ومن باب البر بالوالدين بعد موتهما الإبقاء على هذه الصلات الطيبة وإكرام أصدقائهما والمداومة على التزاور والسؤال عن حالهم، وقد جاء في الحديث الصحيح: (إنَّ أَبَرَّ البِرِّ صِلَةُ الوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ).
فضل بر الوالدين
لبر الوالدين فضل عظيم، وهذا الفضل لا يقتصر على الأجر الكبير المتحصل في الآخرة من بر الوالدين؛ وإنما يتعداه إلى ثمار يقطفها المسلم في الحياة الدنيا، وفيما يأتي بيان لفضل بر الوالدين على دين المرة ودنياه:
- تحقيق طاعة الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ إن الله تعالى ورسوله الكريم أمرا ببر الوالدين وطاعتهما فيما يرضي الله -تبارك وتعالى-.
- شكر الله -جل وعلا-؛ إذ إن الوالدين سبب في حياة الابن وفي برهما شكر لله -تعالى- على نعمة الإيجاد.
- بر المسلم لوالديه سبب لأن يبره أولاده في المستقبل.
- بر الوالدين أحد أسباب دخول الجنة.
- بر الوالدين من أسباب سعة الرزق.
- بر الوالدين من أسباب البركة في العمر.