بحث عن خصائص السكان فى البيئة الصحراوية
خصائص سكان البيئة الصحراوية
يقطن في المناطق الصحراويّة نحو مليار شخص حول العالم، وهم حضارات بشريّة كانت تتنقل باستمرار بحثاً عن الماء والطعام، فتحولت حضارتهم لجماعات بشريّة يُطلق عليهم اسم البدو ، وتقوم ثقافتهم البدويّة على عادات قديمة جداً تهدف إلى جعل حياتهم في البيئة الصحراويّة أكثر سهولة، ويُعرَف البدو بكونهم رعويين أو متجولين، إذ إنّهم لا يمتلكون مواطن دائمة لكونهم يتنقلون باستمرار بحثاً عن المياه والأراضي الصالحة لرعي قطعانهم من الأغنام والماعز، وبسبب هذه الخاصيّة فإنّ بيوتهم قابلة للفك والنقل بسهولة، فهي عبارة عن خيام ذات جدران مصنوعة من قماش سميك وقويّ، بحيث تحجب رمال وغبار الصحراء عن الدخول، وتسمح بدخول نسمات الهواء الباردة، ومتاعهم لا يتعدّى حيواناتهم -كالجمال- وخيامهم.
قد تتحوّل بعض المناطق الصحراويّة وخاصة في الدول المتقدمة إلى أراضٍ زراعيّة بسبب عمليات الريّ، إذ أصبح بالإمكان استصلاح الأراضي الصحراويّة للزراعة بسبب توفر مياه الريّ، ومن دونه لا تنمو سوى بعض النباتات الصحراوية مثل الصبير أو التِيْن شَوْكِيّ (بالإنجليزية: Prickly Pear)، والأغاف أو الأجاف أو الصبارة (بالإنجليزية: Agaves). وبالرغم من أن المناطق الصحراويّة بيئة بريّة خطرة، إلّا أنّ الحقيقة التاريخيّة تبيّن أنّ البشر كانوا دائمي البحث عن الأراضي القاحلة، وأنّ الجنس البشريّ مهيئ بشكل كبير للبقاء في الصحراء.
وللتعرّف على خصائص البيئة الصحراوية يمكنك قراءة المقال خصائص البيئة الصحراوية
ملابس السكان التقليدية
يتناسب لباس سكان البادية مع ظروف معيشتهم في الصحراء والتي تتصف بكونها حارّة، وجافّة، وترابيّة، لذا يرتدي بعض البدو ملابس قماشيّة باللون الأبيض غالباً بسبب امتلاكه خاصية عكس أشعة الشمس الحارّة، وهي مصممة لتكون طويلة، وذات أكمام طويلة لتغطي الجسم كاملاً عدا الرأس واليدين، كما أنّها فضفاضة لتسمح بتدفق الهواء عبر الجسم للتهوية، وتتميّز بكونها قابلة للتعديل عن طريق طيّها، إذ يُمكن تقصير طولها وطول أكمامها، ولا يقتصر نمط الأزياء البدويّة على ذلك، إذ يرتدي البعض العباءة التي تكون بلا أكمام، أو الدِجِبّة (بالإنجليزية: Djebba) وهي عبارة عن كنزة صوفية قصيرة مربّعة الشكل مخصصة للرجال.
يرتدي أهل البادية غطاءً للرأس لحمايتهم من أشعة الشمس، والغبار، والرمال، يُطلق عليه اسم الكوفية، وهو عبارة عن قطعة مستطيلة من القماش المطويّ بشكل فضفاض، تثبت حول الرأس باستخدام رباط يُسمّى العقال، وفي حال غياب العقال تُلف قطعة من القماش حول الرأس ويُطلق عليها اسم العمامة، وقد تكون قطعة القماش طويلة جداً بحيث يصل طولها إلى حوالي 6 أمتار، وهي ما يُطلق عليها اسم التوربان.
مساكن السكان التقليدية
تختلف طبيعة المساكن التي يعيش فيها سكان الصحارى من منطقة إلى أخرى، وعلى الرغم من احتفاظهم بتقاليد مساكنهم منذ الأزل إلّا أنّهم تمكنوا من تكييفها لتكون ملائمة أكثر للمناخ الصحراويّ ، كما تكيّفوا ليكونوا أكثر معاصرة للحياة الحديثة، ومن أنماط مساكن البدو غير المتعارف عليها المساكن الجُرفيّة، وهي عبارة عن مجمعات سكنيّة ضخمة مبنيّة في منحدرات صخريّة، وهي منتشرة بشكل كبير في صحراء سونوران جنوب غرب الولايات المتحدة وشمال المكسيك، وقد عمل على بنائها شعوب أناسازي (بالإنجليزية: Anasazi) البدويّة القديمة، وتتميّز هذه المساكن بجدرانها الترابيّة السمكية التي تعمل كعازل للحرارة الخارجيّة، فلا يتأثر المحيط الداخليّ بتقلبات الحرارة الشديدة في الصحراء بين النهار والليل، كما صُممت للمساكن نوافذ صغيرة بهدف التهوية وتوفير الضوء دون السماح بدخول كميّات كبيرة من الغبار والرمال الصحراويّة.
طبيعة حياة سكان البيئة الصحراوية
تتنوّع أشكال حياة البدو باختلاف البيئة الصحراويّة التي يقيمون فيها، إذ يوجد العديد من المناطق الصحراويّة في العالم، من أهمهّا:
الصحراء العربيّة
توجد الصحراء العربيّة (بالإنجليزية: Arabian Desert) في منطقة شبه الجزيرة العربيّة ، ويقيم فيها البدو الذين يتركز أغلبهم في السهول الساحليّة، حيث الطبيعة أقلّ قساوة، وتوصف طبيعة حياتهم بأنّها غير مستقرّة، فالبدو العرب أشخاص رُحّل يتحركون ويتنقلون بشكل مستمر أو موسميّ، ويعملون كمربين للحيوانات، أو كتجّار، أو يعملون في مجال النقل، ويسكن أغلبهم في بيوت تقليديّة تُدعى الخيام أو بيوت الشعر، وتُسمّى بذلك لأنّها مصنوعة من خيوط سوداء منسوجة من شعر الأغنام والماعز، وأهمّ ما يميّز هذه المساكن المرونة وخفّة الوزن مما يجعلها سهلة النقل، كما أنّ نسيج الخيمة فضفاض حتى يسمح للحرارة بالخروج، وبذلك تختلف درجة الحرارة داخل الخيمة عن خارجها، فهي في الداخل أقل بحوالي 10°-15° درجة مئويّة، أمّا في الشتاء فتمنع الخيمة دخول الأمطار إلى الداخل، وتنقسم الخيمة إلى جزئين يفصل بينهما حاجز، جزء خاص للرجال، وجزء خاص بالنساء وهو الأكبر، حيث يُخزن فيه الطعام وأواني الطهي.
الصحراء الكبرى
يعيش في الصحراء الكبرى (بالإنجليزية: Sahara Desert) -باستثناء وادي النيل- نحو 2.5 مليون شخص، أي أقل من شخص في الكيلومتر المربع الواحد، أمّا باقي المساحات فهي فارغة من السكان، ومن الأمثلة على الشعوب التي تعيش في الصحراء الكبرى الطوارق الذين استقرّوا في المنطقة منذ أكثر من ألفيّ عام، وقد كانت وظيفتهم الأساسيّة تجارة القوافل عبر خمسة طرق تجاريّة صحراويّة باستخدام الجمال، ممّا ساهم في ربط المدن الواقعة على الحافّة الجنوبيّة للصحراء، وعمل بعض الطوارق في تربية الماشية، واستقرّ جزء منهم وأصبحوا مزارعين، وحدادين، وتقوم النساء بعدد من الأعمال كصنع الزبدة، وتحضير جلود الحيوانات، وصناعة الملابس والفراش من الجلد.
صحراء طهار
يعيش البدو في صحراء طهار (بالإنجليزية: THAR Desert) حياة صعبة؛ نظراً إلى صعوبة المناخ فيها وشحّ المياه، وهم يعملونَ بشكل أساسيّ في تربية الحيوانات، بالإضافة إلى الزراعة، وعلى الرغم من صعوبة الظروف إلّا أنّ السكّان ابتكروا ثقافة وتراثاً شعبيّاً ينتمون إليه، كالأغاني الشعبيّة والشعر الشعبيّ.
صحراء قره قوم
تُعدّ صحراء قره قوم (بالإنجليزية: Karakum Desert) منطقة ذات تعداد سكانيّ منخفض جدّاً، إذ لا تتجاوز الكثافة السكانيّة حدود شخص واحد لكلّ 6.5 كم، ويتكون أغلب السكان من التركمان، ويعمل بدو صحراء قره قوم في المزارع الجماعيّة والخاصة، ويعمل بعضهم في تربية الماشية والحيوانات الأليفة، ومع التطوّر الحديث تمكنوا من تطوير مدنهم لتكون مستقرة ومزوّدة بالغاز والطاقة، ممّا ساعدهم على بناء مستوطنات جديدة جذبت العديد من الجنسيّات إليها، أمّا في العصور القديمة فقد كان يعمل سكّان هذه الصحراء في الصيد، إذ كانوا يمارسون مهنتهم على طول سواحل بحر قزوين وآمو داريا أو جيحون (بالإنجليزية: Amu Darya)، كما كانوا يعملون في التجوال الرعويّ.
صحراء كالاهاري
يقطن في صحراء كالاهاري (بالإنجليزية: Kalahari Desert) منذ 20 ألف عام شعب يدعى بوشمان (بالإنجليزية: Bushmen)، كما يُطلق عليهم اسم (سان)، ويعمل رجالهم في الصيد وخاصة صيد الظباء باستخدام السهام والرماح السامة، أمّا النساء فيعملن على جمع النباتات بما في ذلك التوت، والمكسرات، والجذور، والبطيخ، وهم يعيشون معاً في بيوت مؤقتة مصنوعة من الخشب، ويتصف شعب البوشمان ببشرتهم الصفراء الفاتحة، ويبلغ معدّل أعمارهم نحو 45-50 عاماً.
صحراء تاكلاماكان
تُعدّ صحراء تكلامكان (بالإنجليزية: Takla Makan Desert) منطقة خالية من السكّان؛ نظراً لخلوّها من الغطاء النباتيّ، ولكن يمارس فيها الصيادون الصيد بشكل دوريّ، وتتميّز الصحراء بوجود النفط على الحافة الشماليّة، والذي تمّ اكتشافه في الخمسينيات من القرن الماضي، وفي فترة الثمانينيّات تمّ اكتشاف ترسبات من النفط بكميّات كبيرة جداً تنتشر على الحافة الجنوبيّة والجزء المركزيّ من الصحراء.
صحراء أمريكا الشمالية
تضمّ صحراء أمريكا الشماليّة (بالإنجليزية: North America Desert) أكثر من 17 قبيلة أمريكية أصليّة حديثة، إذ يبلغ عدد سكانها نحو 4.3 مليون نسمة، وتُشكّل مدينة فينيكس في ولاية أريزونا الأمريكيّة أكبر مدينة في هذه الصحراء، كما تُعدّ المنطقة الممتدة على ضفاف نهر سولت (Salt River) الموجود وسط ولاية أريزونا واحدة من أسرع المناطق الحضرية نموّاً في الولايات المتحدة الأمريكيّة.
صحاري قارة أمريكا الجنوبية
تمتدّ في قارّة أمريكا الجنوبيّة 3 صحارى رئيسيّة، لكلّ منها خصائصها التي تميّزها، وهذه الصحاري هي:
- صحراء أتاكاما: توجد معظم مدن صحراء أتاكاما (بالإنجليزية: Atacama Desert) على طول ساحل المحيط الهادئ، بالإضافة إلى المدن الداخليّة التي توجد فيها العديد من الواحات وبعض الوديان، لذا فإنّ الكثافة السكانيّة في صحراء أتاكاما قليلة جدّاً، إذ يوجد أغلب السكان في مدينة سان بيدرو دي أتاكاما (San Pedro de Atacama) ومدينة فرياراينا (Freirina)، ولم يحدث فيها نموّ سكانيّ كبير إلّا في القرن التاسع عشر؛ وذلك بسبب الهجرة التي جاءت من وسط تشيلي.
- صحراء مونتي: لا يقطن في صحراء مونتي (بالإنجليزية: Monte Desert) سوى أعداد قليلة من السكان، يعمل أغلبهم في تربية الماشية، واستخراج الموارد من الأراضي الصحراويّة، مثل: النفط، والغاز، والفحم.
- صحراء باتاغونيا: يعود تاريخ أوّل بشر قطنوا صحراء باتاغونيا (بالإنجليزية: Patagonian Desert) إلى العصور القديمة، ويظهر ذلك من خلال وجود لوحات في الكهوف في المنطقة، أمّا في الوقت الحاليّ فيسيطر على المنطقة شعب مابوتشي (بالإنجليزية: Mapuche)، الذين انتقلوا إلى المنطقة الشماليّة من الصحراء منذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وهم يعملون في تربية الخيول، ويتحكمون في الطرق التجاريّة التي يأتيها التجّار من مدن جنوب تشيلي ، وبعض مدن الأرجنتين، مثل مدينة بوينس آيرس، وغيرها.
الصحراء الأسترالية
يعيش في الصحراء الأستراليّة (بالإنجليزية: Australian Desert) الشعوب الأصليّة التي وصلت إلى المنطقة عبر البحر منذ آلاف السنين، وهم يعملون في التعدين والزراعة.
أنماط معيشة السكان في البيئة الصحراوية
يتميّز كلّ شعب بدويّ بنمط معيشيّ معيّن تطوّر بناءً على الظروف البيئيّة المحيطة به، ويُمكن تلخيص هذه الأنماط المعيشيّة ضمن 4 أنماط رئيسيّة، هي:
تأمين المأكل والمشرب
تعتمد بعض القبائل البدويّة في حياتها على الصيد والتجميع لتأمين احتياجات الحياة الأساسيّة، فقد صقلت الظروف مهاراتهم في صيد الحيوانات، فأصبحوا ماهرين في التقاط الفريسة والجري السريع لمسافات طويلة وراء الحيوانات الجريحة، وتقوم هذه القبائل بصنع السهام، والفخاخ، والرماح، والمصائد المسمومة باستخدام مجموعة من الإمكانيّات البسيطة، ويستعين الرجال بكلب بريّ من فصيلة دنغو ليساعدهم على العثور على الأرانب، والطيور، والكنغر، كما تجمع النساء الأعشاب، والعسل، والجذور، والتوت، والبذور كمكملات غذائيّة.
أمّا المصدر الرئيسيّ للمياه التي تتزوّد بها هذه الجماعات فهو الندى الذي يتجمع على أوراق الشجر، والذي يتمّ تجميعه في الصباح الباكر وحفظه في قشرة بيض النعام الفارغة، أو يتمّ سحبه من الأرض باستخدام قصبة مجوفة، تعيش هذه الشعوب وترتحل معاً على شكل مجموعات صغيرة، يتخذون منازلهم في حفر محفورة تحت شجر الزعرور المحاطة بالشجيرات، ومن أشهرهم بوشمان، والسكان الأصليين في صحراء أستراليا.
البدو الرحل
يتخذ البدو الرحّل الحيوانات وسيلة لنقلهم، فهم ينتقلون من منطقة إلى أخرى طوال العام بحثاً عن الماء والطعام، وتتمثّل وظيفتهم الأساسيّة في تربية الماشية كالأغنام، والماعز، والجمال، والخيول، فهي مصدر مهم للحليب، واللحوم، والجلود التي تُستخدَم لصنع الخيام، والأحزمة، والملابس، والأحذية، وحقائب نقل المياه، بالإضافة إلى ذلك يُستخدَم الشعر والصوف المُستخرَج من الحيوانات في صناعة الملابس، والسجاد، والحبال، كما يعمل البدو الرحّل في التجارة، إذ يعقدون الصفقات التجاريّة مع تجار القوافل والأشخاص بالقرب من الواحات ، فيقايضونَ منتجاتهم بالمشروبات، والتمور، والأدوية، ومن أشهر الشعوب الرحّل البدو العرب الذين يقيمون في الخيام ويرتحلون على ظهور الخيل، والطوارق الذي يرتحلون على الجمال، والمغول الذين يرتحلونَ في صحراء جوبي (بالإنجليزية: Gobi Desert) على ظهور الخيول، ويعملون على تربية حيوان القطاس المستأنس أو ثور التيبيت (بالإنجليزية: Yak).
تجار القوافل
يعمل البدو في التجارة عبر الصحراء الكبرى وتركستان، إذ يرتحلون بهدف التجارة لعدّة أشهر، ويحملونَ بضائعهم على ظهور الجمال، فقد اختاروا الجمل ليكون وسيلة سفرهم؛ لأنّه يستطيع السفر لمسافة تصل إلى حوالي 80 كم في اليوم الواحد، ويستطيع حَملَ نحو 160 كغ من الحمولة، ولا يحتاج إلى الكثير من الماء بسبب قدرته على بتخزينه، كما أنّه يُوفر لهم الحليب والشعر، وعادة ما يرتحل البدو للتجارة ليلاً، ويحملون الأسلحة لحماية أنفسهم وبضائعهم من قطّاع الطرق، إلّا أنّ تعرضهم للقتل والسرقة حدّ من أعداد تجّار القوافل، فاستبدلوا الجمل بوسائل النقل الحديثة، وانحصر عمل ما تبقى منهم في الأجزاء الداخلية من الصحراء.
المزارعون المستقرون
أصبح بعض البدو يعملون كمزارعين بعد أن استقرّوا بالقرب من مصادر المياه كالسدود، والأنهار، وشبكات القنوات المائيّة، والواحات التي هي عبارة عن منخفضات بأحجام مختلفة تصعد إلى سطحها المياه الجوفيّة، ومن أهمّ الأمثلة على المزارعين المستقرين المصريون الذين استقرّوا بالقرب من ضفاف نهر النيل والدلتا منذ حوالي 5 آلاف عام، فهم يعتمدون على فيضان نهر النيل على الأحواض والضفاف المزروعة بالأرز والقطن، كما يستغلّ المصريون السدود الخرسانيّة التي بنيت حديثاً في ريّ مزروعاتهم، مثل سدود سنّار وأسوان، ومن الأمثلة الأخرى على المزارعين الصحراويين الجماعات التي قطنت على ضفاف نهر السند (بالإنجليزية: Indus River) بالقرب من باكستان، ونهري دجلة والفرات في العراق، ونهر كولورادو في وادي كاليفورنيا، وواحة تافيلالت في المغرب.
وللتعرف أكثر على البيئة الصحراوية يمكنك قراءة المقال بحث عن البيئة الصحراوية