بحث عن الإمام الشاطبي
التعريف باسمه
هو الإمام إبراهيم بن موسى بن مُحمد اللخميّ الغرناطي الشاطبيّ، فهو غرناطيّ؛ فهو نسبةً إلى مدينة غرناطة التي عاش بها، وشاطبيّ؛ فهي نسبةً إلى شاطبة أحد المُدن الواقعة في شرق الأندلس، واشتغل مُنذُ صغره بالعلم، وتميّز في طلبه للعلم بالشموليّة؛ حيثُ إنه لم يقتصر على علمٍ واحد، فقد كان أُصوليّاً، ومُفسِّراً، وفقهياً، ومُحدثاً، ولُغويّاً.
كما كان مُطلعاً على الثقافات والمعارف، وبعض العُلوم الأُخرى، وكان له فضلٌ في القراءات ، واللُغة والنحو، والفقه، والأُصول، والحديث، ولكنّه برع في الأُصول ومقاصد الشريعة، وبفضل براعته وذكائه التحق بكبار الأئمة في العُلوم، وتكلّم مع شيوخه في كبار المسائل.
ولادته ونشأته
وُلد الإمام الشاطبيّ في مدينة شاطبة في أواخر سنة خمسُ مئة وثمانيةٍ وثلاثين من الهجرة، ووصفوه بالضرير والمكفوف والأعمى؛ لأنه وُلد ضريراً كما نقل ذلك ابن الجُزريّ، ولكن من لا يعرفه كان لا يُميز أنه ضرير؛ لما كان يتمتع به من ذكاء، ولا يظهر منه ما يدُل على أنّه أعمى.
ونشأ الإمام الشاطبيّ في مدينة غرناطة ، وولد في أوائل القرن الثامن من الهجرة، وأوائل القرن الثالث عشر من الميلاد، ومع تعدد آراء العُلماء في تحديد عام ولادته، ولكن ذكر بعضُ المُحققين أنه وُلد قبل عام سبعُ مئة وعشرون.
حياته العلمية
نشأ الإمام الشاطبيّ في مدينة غرناطة، وهي آخر الممالك الإسلاميّة التي قصدها النّاس، وكان ذلك في عصر ازدهار المماليك الفكريّ والعلميّ، ولم يُذكر عن الإمام الشاطبيّ خُروجه من غرناطة إلى غيرها، بل ذُكِر أنّه لم يخرج في سفرٍ أصلاً لا إلى الحج أو العُمرة.
وذكر عن نفسه أنه مُنذ فهم عقله وهو ينظر في الأُصول والفُروع وترجيحات العُلماء، وأنه لم يدخر جُهداً في علمٍ من العُلوم على حساب غيره، وقد نقل العُلماء عنه حُبه الشديد للعلم مُنذ طُفولته، وتحمل في ذلك، وبدأ في تعلمه للعلم بالتدرُج، وكان مُتمسكاً بالكتاب والسُنة.
شيوخه
أمّا شيوخه الذين كان لهم الفضل الكبير في تكوين شخصيته، فمن غرناطة؛ الشيخ أبو عبد الله مُحمد بن علي الفخار البيريّ، وهو من أفضل قُرّاء الأندلس من حيث التلاوة والأداء، وقرأ عليه الشاطبيّ القراءات السبع بسبعِ ختمات، وتعلّم منه العربية، كما تعلّم من الشيخ المقري القادم من تلمسان، كما تلقّى العربية من شيخه أبو جعفر أحمد الشتوري الذي كان يُدرِس كتاب سيبويه، وقوانين ابن أبي الربيع، و ألفيّة ابن مالك .
وكذلك تعلمّ من أبي سعيد فرج بن قاسم بن أحمد بن لب، وشيخه أبو عبد الله مُحمد بن علي البلنسي الأوسيّ؛ الذي تعلّم منه علم البيان واللُغة، وأمّا شيوخه القادمين إلى غرناطة لتلقي العُلوم فيها؛ كأبو عبد الله مُحمد بن مُحمد بن أحمد المقري، وأبو القاسم مُحمد بن أحمد الشريف الحسني السبتي.
وأمّا من تلامذته؛ فكان أبو يحيى بن عاصم، والقاضي أبو بكر الأندلسيّ الغرناطيّ، والشيخ أبو عبد الله المجاري، وعلي بن مُحمد بن سمعت الأندلسيّ الغرناطيّ، ومُحمد أبو عبد الله البيانيّ، وأحمد القصار الأندلسيّ الغرناطيّ.
مؤلفاته
ألف الإمام الشاطبيّ العديد من الكُتب، ومنها ما يأتي:
- كتاب الموافقات
وهو كتابٌ في أُصول الفقه ، واسمه: عنوان التعريف بأسرار التكليف؛ لأنه ذكر فيه الأسرار التكليفيّة المُتعلقة بالشريعة، وأثنى عليه العُلماء قديماً وحديثاً، واختصره عددٌ من العُلماء.
- كتاب الاعتصام
وهو كتابٌ في البدع، وبحث فيه موضوع البدع بشكلٍ دقيق، وسار فيه بمعايير الأُصول الشرعيّة، ولكنه مات قبل أن ينتهي من تأليفه.
- كتاب الإفادات والإنشادات
وهو كتابٌ في الإفادة والإنشاد، وجمع فيه بين الطُرف والتُّحف والمُلح الإعرابيّة.
- كتاب المقاصد الشافيّة في شرح الخلاصة الكافية
ونسبه إليه أحد تلامذته وهو المجاري باسم شرح رجز ابن مالك، ومدح العُلماء هذا الكتاب وأثنوا عليه.
- كتاب المجالس
وهو كتابٌ شرح فيه كتاب البيوع في صحيح البُخاريّ .
- كتاب عنوان الاتفاق في علم الاشتقاق، وكتاب أصول النحو
ونسبهما إليه أحمد بابا، وذكرهما عند شرحه للألفية.
وفاته
بالنسبة لوفاته فقد ذكر تلميذه أبو عبد الله المجاريّ وأحمد بابا أنه كان في شهر شعبان من السنة سبعُ مئةٍ وتسعين، وأمّا أحمد باب فقد زاد في تاريخ وفاته اليوم الذي توفّي فيه وهو يوم الثلاثاء، وكُل من ترجم للإمام الشاطبيّ اتفق معهم على تاريخ وفاته.