بحث عن الأسلوبية بين القدامى والمحدثين
الأسلوبية بين القدامى والمحدثين
ظهرت الأسلوبية كمنهج وبدت معالمها واضحةً عند نقاد العصر الحديث، أمّا عند القدماء كانت تُعرف بالأسلوب ولها بوادر كثيرة عندهم، وللمقارنة بين الأسلوبية عند القدماء وعند المحدثين وفق معايير فيما يأتي:
المفهوم والنشأة
ظهرت بوادر الأسلوبية عند العرب القدماء بما يُعرف (بالأسلوب)، وعرّفه بعضهم بأنّه طريقة التعبير، وقد تطورت اللفظة فعرّفها النقاد والبلاغيون فهي طريقة العرب في أداء المعنى، وقد يرتبط مفهوم الأسلوب بالغرض أو الموضوع عند نقاد آخرين، إضافةً إلى أنّ بعضهم عدّه دال على النوع الأدبي وطرق صياغته.
أمّا النقاد المحدثين من العرب فقد استوعبوا ما قدمه النقاد القدماء قبلهم، فنجد أنّهم في تعريفهم للأسلوب متقاربون فمنهم من عرّفه بأنّه طريقة الأديب الخاصة في اختيار الألفاظ وتأليف الكلام، أو طريقة الكتابة أو طريقة الإنشاء، ومنهم من عرّفه بأنّه الميّزة النوعية للأثر الأدبي.
بعض النقاد الغربيين عرفوه بأنّه استخدام الكاتب لأدوات تعبيرية من أجل غايات أدبية، وهو بذلك يكمن في الاختيار الواعي لأدوات التعبير الخاصة في الكاتب نفسه، بحيث يُعبر الأسلوب عن السمة الشخصية للأديب، فهو يعكس خصائصه وخصائص الظروف المحيطة حوله.
تطور مفهوم الأسلوب إلى ما أَطلق عليه النقاد المحدثين بالأسلوبية، وهي عندهم تختلف عن الأسلوب، فقد عرّفوها بأنّها مجموعة الصيغ اللغويّة التي يعمل الأديب من خلالها على إثراء القول وتكثيف الخطاب في العمل الأدبي، وما يتبع ذلك من بسط لذات المتكلّم وبيان شخصيته في العمل، وبيان مدى التأثير على السامع والمتلقي.
الأسلوبية المنهج
ارتبطت نشأة الأسلوبية بنشأة علوم اللغة فأول من مهّد الطريق إليها هو العالم اللغوي (سوسير)، والذي بدوره فتح لأحد تلاميذه وهو (شارل بالي) المجال بأن يُؤسس الأسلوبية كمنهج ومردّها اللسانيات، فأصبحت مرتبطةً بعلوم اللغة وأصبحت الجسر الذي يربط علوم اللغة بالأدب.
عدّ النقاد المحدثين الأسلوبية منهجًا باعتبارها مجموعة من الإجراءات يتم من خلالها تحليل الأعمال الأدبية بهدف دراسة البنى اللسانية في النصوص، وعلاقاتها للكشف عن طابع النصوص، ومعرفة القيم الفنية والجمالية وراء البنى اللسانية، والتي بدورها الباعث الرئيسي على التحليل الأسلوبي.
علاقة الأسلوبية بعلم اللغة
ارتبطت نشأة الأسلوبية بعلم اللغة ارتباطًا واضحًا وجاء ذلك من خلال الإدراك التام بدراسة النص الأدبي وتحليله نفسيًا واجتماعيًّا وأدبيًّا تبعًا للمنهج المتبع في التحليل، وعلم اللغة كما عرّفه (سوسير) هو نظام متعارف عليه من الرموز التي يتفق عليها مجموعة من الأفراد يتفاهمون فيما بينهم من خلالها، فعلم اللغة يختص بدراسة الكلام ومكوناته فاللغة تزوّد الأديب بالأدوات اللازمة لبناء عمله الأدبي من ألفاظ وتراكيب وتعابير.
أمّا عن الأسلوبية فهي تدرس كيفية قول هذا الكلام في الواقع في استعمال فرد معين في حالة معينة، فلكل فرد شخصيته وتفضيلاته الخاصة، وهي مكونة من عدة مستويات في التحليل، هي كالآتي:
- المستوى الصوتي.
- المستوى الدلالي.
- المستوى البلاغي.
- المستوى التركيبي.