بحث حول عيد الأضحى
عيد الأضحى
يُعرَّف عيد الأضحى أو ما يُسمّى بالعيد الكبير بأنّه: العيد الذي يحتفلُ به جميع المُسلمين في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، وقد شرعه الله -تعالى- لعباده؛ ليفرحوا بما وفّقَهم إليه من عبادة فيما سَبقه من أيّام العَشر الأُوَل من الشهر؛ كصيام يوم عرفة، والتكبير، والتهليل، والصدقة، وغير ذلك من العبادات.
سبب تسمية عيد الأضحى
العيد أي كُلّ يومٍ يكون فيه اجتماع، وقِيل إنّه من العادة؛ لأنّ الناس اعتادته، وقال الأزهري إنّ العيد عند العرب يُطلَق على كُلّ شيء يتكرّر؛ سواء بالفرح أو الحزن، وقال ابن الأعرابيّ: إنّه ما يعود في كُلّ عام بفرحٍ جديد، وقال الإمام النوويّ إنّ العيد سُمِّي عيداً لأنّه يعود ويتكرّر، أو لأنّ الفرح يعود فيه.
وهو من باب التفاؤل لِمَن يعود عليه العِيد؛ لأنّ العرب كانت تُسمّي القوافل عندما تخرج بالتفاؤل؛ ليتفاءلوا برجوعها سالمة، وقِيل لأنّ الله -تعالى- يعود على عباده في ذلك اليوم من كُلّ عام بكثرة الإحسان عليهم، أمّا تسميته بالأضحى فهي نسبة إلى الأُضحية؛ إذ إنّ الناس تبدأ بذَبْح الأضاحي في هذا اليوم، ويُسمّى أيضاً بيوم النَّحر ؛ لأنّ الهَدي والأضاحي تُنحَر فيه.
عدد أيام عيد الأضحى
شرَع الإسلام للمسلمين عيدَين، وهُما: عيدُ الفِطر، و عيد الأضحى ، وقد حُدِّدت أيّام عيد الأضحى شرعاً بأربعة أيّام؛ يُسمّى الأوّل منها بيوم النَّحر، أمّا الأيام الثلاثة التي تأتي بعده فتُسمّى بأيّام التشريق، وقد جاء ذِكر هذه الأيّام في الحديث الشريف.
قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (يومُ الفِطْرِ، ويومُ النحرِ، وأيامُ التشريقِ، عيدُنا أهلَ الإسلامِ)، وقال الإمام الشوكانيّ: إنّ هذا الحديث فيه دلالةٌ على أنّ أيّام التشريق الثلاثة هي من أيّام العيد.
صلاة عيد الأضحى وخُطبته
شرع الله -تعالى- لِعباده في يوم العيد صلاةً خاصّةً به تُسمّى صلاة العيد، وقد وردت مشروعيّتها في القرآن الكريم بقوله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ)، أمّا حكمها فقد تعدّدت آراء الفقهاء في ذلك، وفيما يأتي بيان أقوالهم:
- الحنفية
ذهب الحنفيّة في المُعتمد عندهم إلى أنّها واجبة؛ لمُواظبة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عليها في جماعة وعدم تَركها، فلو كانت من السُّنن لاستثناها كما استثنى بعض الصلوات من الجماعة، كصلاة التراويح.
- المالكية والشافعية
قالوا إنّها من السُّنَن المُؤكَّدة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ بدليل أنّ رجلاً جاء إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يسألُه إن كان عليه غير الصلوات الخمس، فأجابه النبيّ: (لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ).
- الحنابلة
ذهبوا إلى أنّها من فروض الكفاية التي لو أدّاها البعض لسَقط الإثم عن الآخرين؛ واستدلّوا بقول الله -تعالى-: (فَصَل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وبمُواظبة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عليها.
أمّا بعد الانتهاء من الصلاة، فيُشرَع للإمام أن يقوم فيخطب بالناس، ويعظهم، ويوصيهم؛ إذ جاء عن ابن عباس أنّه شهد العيد مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، كما شهدَه مع أبي بكر، و عُمر ، وعُثمان -رضي الله عنهم جميعاً-، فكانوا يخطبون بعد صلاة العيد.
سُنَن عيد الأضحى
تكبيرات عيد الأضحى
يُسَنّ للمُسلم الإكثار من التكبير في أيّام عيد الأضحى، ويبدأ التكبير منذ صلاة فجر يوم عرفة، ويمتدّ إلى عصر اليوم الرابع من العيد، ويكون بأيّ صِفةٍ كانت؛ لعدم وجود نصّ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في تحديد صِفة مُعيَّنة له، وهُناك نوعان من التكبير في عيد الأضحى، بيانهما فيما يأتي:
- التكبير المُطلَق
وهو التكبير الذي لا يتقيّد بوقتٍ مُعيَّن، إذ يجوز التكبير في الصباح والمساء، وفي أيّ وقت، وأيّ مكان، ويبدأ هذا التكبير منذ أوّل يومٍ من شهر ذي الحجّة، ويمتدُّ إلى آخر أيّام العيد.
- التكبير المُقيَّد
وهو التكبير الذي يكون بعد الصلوات المفروضة، ويبدأ هذا النوع من التكبير منذ فجر يوم عرفة، ويمتدّ إلى آخر أيّام التشريق؛ وهو اليوم الرابع من أيام العيد.
الأضحية
تُعرَّف الأُضحية في اللغة بأنّها: ما يُنحَر في عيد الأضحى، أمّا تعريفها في الاصطلاح الشرعيّ فهو لا يخرج عن التعريف اللغويّ؛ إذ إنّها تعني: ما يُذبَح تقرُّباً لله -تعالى- في أيّام الأضحى بشروطٍ مخصوصة، وقد جاءت مشروعيّتها في القُرآن الكريم، والسُنّة النبويّة؛ فقال الله -تعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).
وثبت في السُنّة النبويّة الكثير من الأحاديث التي تحثّ على الأُضحية وتُبيّن فضلها، وتُحذّر من تَركها، ومن ذلك فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا)، كما نُقِل الإجماع عن كثير من العُلماء في مشروعيّة الأُضحية.
وتتمثّل الحكمة من مشروعيّة الأضحية فيما يأتي:
- شُكر الله -تعالى- على نِعَمه، ومنها نعمة الحياة.
- إحياء سُنّة نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام- لَمّا أمره الله -تعالى- بذَبْح ابنه، واستجابتهما -عليهما السلام- لأمر الله، ففداه الله -تعالى- بكبش عظيم، وكان ذلك في يوم الأضحى، فيتذكّر المسلم صبرهما، وتقديمهما طاعة الله -تعالى- ومَحبّته على مَحبّة النفس والولد.
- توسعة المسلم على نفسه وأهل بيته، وإكرامه لجيرانه وضيوفه، و التصدُّق منها للفقراء، وفي ذلك نوعٌ من إظهار الفرح الذي أمر به الإسلام في يوم العيد، والتحدُّث بنِعمة الله -تعالى-؛ قال -تعالى-: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
- تصديقٌ لله -تعالى- بما أخبر به في كتابه من أنّه خلق الأنعام؛ لينتفعَ الناس بها بذَبحها والأكل منها.
- تقرُّب المسلم من الله -تعالى-؛ بصِلة رَحِمه، وإهدائهم بعضاً منها.
آداب عيد الأضحى
يُستحَبّ في عيد الأضحى الالتزام بالعديد من الآداب، ومنها ما يأتي:
- تقديم صلاة العيد بعد ارتفاع الشمس بِمقدار رُمح؛ ليكون هُناك وقت أكبر للأُضحية.
- تأخير الأكل في العيد إلى ما بَعد صلاة العيد.
- الذهاب إلى صلاة العيد من طريق، والعودة إلى البيت من طريقٍ آخر؛ لفِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.ر
- يُستحَبّ إخراج النساء والأطفال إلى صلاة العيد.
- تأدية صلاة العيد قبل الخُطبة، ويُشار إلى عدم وجود سُنّة قَبليّة أو بَعديّة لصلاة العيد، كما يُستحَبّ الأكل والشرب في يوم العيد؛ فقد جاء عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (يومُ عرفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ عيدَنا أَهلَ الإسلامِ ، وَهيَ أيَّامُ أَكلٍ وشربٍ)،
- الاغتسال والتطيُّب قبل الخروج إلى الصلاة.