بحث حول دراسة العلوم الشرعية
بحث حول دراسة العلوم الشرعية
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ)،وهذا الحديث يدل على مكانة العلم في الدين؛ وأنه هو المسلك الذي من سلكه مخلصاً لله -عز وجل-، فقد أراد الله -سبحانه- به خيراً.
وذلك لأن شرف العلم بشرف متعلقاته، والعلم بالدين متعلق به مصالح العباد في الدنيا والفوز في مآلهم في الآخرة؛ وذلك أسمى ما يُؤمل ويُرجى، وغاية الفقه والفهم الصحيح، فكل علم مهما سما بصاحبه في الدنيا، فإنه منقطع إن لم يتصل بالنجاة في الآخرة.
الفقه في الدين بمنزلة الجهاد في سبيل الله
قال الله -عز وجل-: (وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ)، وهذه الآية تبين مكانة العلم الشرعي والفقه في الدين وأنه مكمل لمهمة الجهاد في سبيل الله.
إذ حاجة الناس إلى الفقه في الدين ملحة ومستمرة، وكل أمة تحتاجها على مر العصور، ولا يمكن أن تكتمل حياة الناس بصورة صحيحة سليمة تتم فيها مصالحهم وتتحقق منافعهم؛ إلا إذا كان فيهم من يدلهم على ربهم -عز وجل-، ويبين لهم أحكام دينه ليسلموا في الآخرة.
كل العلوم رفعة أصحابها التامة مفتقرة إلى العلم الشرعي
في قوله -تعالى-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، إظهار لمكانة العلم الشرعي ورفعة أهله؛ وذلك مفهوم من قرن الإيمان بالعلم، وليس الإيمان إلا أصل الفقه في الدين.
وحتى العلوم الأخرى على مكانتها فإنها غاية نفعها لصاحبها في هذه الحياة الدنيا؛ إن لم تقترن بالإيمان بالله و اليوم الآخر ، بالإضافة إلى أن الآية نزلت في الصحابة الذين كانوا يتزاحمون على سماع العلم النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد علّم النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه الدين وأحكامه وتطبيقاته العملية في الحياة.
لماذا دراسة العلوم الشرعية مهمة؟
إن العلم ترتقي مكانته باعتبار ثلاثة أمور؛ الأول: حاجة الناس إليه، والثاني: موضوعه الذي يبحث فيه، والثالث: المآلات التي يوصل إليه، وهذه بعض النقاط التي تظهر شرف علم الشريعة وارتقاءه فوق غيره من العلوم:
- حاجة الناس إلى علوم الشريعة أعظم من حاجتهم إلى غيرها
وذلك لأن الحياة الدنيا ليست إلا طريقاً ذاهباً بنا إلى الحياة الخالدة الحقيقية بعد الموت، وعلوم الشريعة تبين السبيل الذي بسلكه نكون من الفائزين بالجنة ناجين من النار، وبيان هذه السبيل إنما هو من اختصاص علم الشريعة دون غيره.
- موضوع علم الشريعة هو التبليغ عن رب العالمين عز وجل
وإيصال ما أراد تبيينه للناس من التكاليف والمنافع، والمصالح الحقيقية التي بها تصلح حياتهم الدنيا، ويسلم مصيرهم في الآخرة.
- لا يتعارض علم الشريعة مع غيره من العلوم النافعة للناس
بل إنه يأمر بإتقانها والبراعة فيها، وتسخيرها في تحقيق مصالح الناس، وتيسير حياتهم من كل النواحي، وتنهى عن كل ما يفسد على الناس حياتهم ويعطل عليهم منافعم.
- الأفراد والأمم الذين يضبطون أعمالهم بشريعة ربهم -عز وجل-؛ مآلهم الفلاح في الدار الآخرة.