بحث حول الكتب السماوية
الكتب السماوية
يعدّ الإيمان بالكتب السماويّة، أحد أركان الإيمان الستة، وهو الركن الثالث، ويُقصد بالكتب السماويّة: أنّها الكتب التي أنزلها الله -سبحانه وتعالى- مع رسله لهداية الخلق، وعبادة الخالق، رحمة بهم بهدايتهم وتبليغهم أوامر الله -تعالى-؛ لتحقيق النّجاة لهم في الدنيا والآخرة، و الإيمان بالكتب السماويّة يتحقّق بما يأتي:
- الإيمان والتّصديق بأنّها جميعا من عند الله -سبحانه وتعالى-.
- الإيمان بمسمّياتها التي اختارها الله -سبحانه- لها، والتي وصلنا العلم بها، فنؤمن بكتاب سماويّ اسمه القرآن الكريم، وكتاب سماويّ اسمه الإنجيل، وما لم نعلم بها نؤمن بها إجمالاً.
- التّصديق بما جاء فيها من أمور صحيحة غير المحرّفة.
- الإيمان بوحدة الرّسالة ووحدة الاعتقاد فيها، فمصدرها واحد، وهدفها الذي جاءت من أجله واحد، لذلك جاءت جميعها تدعو إلى مكارم الأخلاق وتنهى عن سيّئها.
- اتّفاق بعض التشريعات فيما بينها، وقد تختلف؛ بحسب الأمّة التي نزلت إليها.
- الإيمان والتصديق التامّ بأنّ القرآن الكريم آخر هذه الكتب السماويّة، وأكثرها شمولة، بل هو الحاكم عليها جميعاً؛ فهو يجمع بين ما جاء فيها وبين أخبار الأمم السابقة واللّاحقة.
والكتب السماويّة يبلغ عددها -فيما ثبت في القرآن الكريم- خمسة كتب، وهي: صحف إبراهيم -عليه السّلام-، والتوراة، والزّبور، والإنجيل، والقرآن الكريم، وفيما يأتي بيان لهذه الكتب السماويّة.
صحف إبراهيم
قال -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى)، قيل في صحف إبراهيم -عليه السّلام-: إنّها صحف نزلت على سيّدنا إبراهيم -عليه السّلام- وعددها عشرة، جاء فيها ذكر الله -تعالى- وذكر الآخرة، وأنّها أبقى من الحياة الدنيا، وجاء ما فيها أيضاً موافقاً لصحف الأنبياء، كصحف موسى -عليه السّلام- من غير التوراة.
وجاء عن أبي ذر الغفاريّ -رضيَ الله عنه- بالحديث الضعيف أنّه سأل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عمّا يبيّن أخبار هذه الصّحف من ذكر الأمثال، والعبارات القصيرة ذات الدلالة، فقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (أيُّها الْمَلِكُ المسلَّطُ الْمُبْتَلَى المغرورُ، إنِّي لم أبعَثْكَ لِتَجْمعَ الدُّنيا بعضَها على بعضٍ، ولكنِّي بعثتُكَ لِتَرُدَّ عنِّي دَعوةَ المظلومِ؛ فإنِّي لا أرُدُّها ولو كانت مِنْ كافرٍ).
التوراة
تعدّ لفظة التوراة عبرانيّة الأصل، وتعني: الشريعة أو الناموس، وأمّا في اصطلاح اليهود فهي تعني: الأسفار، وأمّا عند المسلمين: فهي كتاب الله -تعالى- المنزل على سيّدنا موسى -عليه السّلام- لهداية بني إسرائيل، وقيل إنّ النصارى يستخدمون كلمة التوراة لجميع أسفار العهد القديم، وهي خمسة أسفار، نذكرها فيما يأتي:
- سفر التكوين: الذي يتحدّث عن خلق السماوات والأرض، ومنذ خلق سيّدنا آدم إلى نهاية حياة سيّدنا يوسف -عليهما السّلام-.
- سفر الخروج: الذي يتحدّث عن خروج بني إسرائيل إلى مصر.
- سفر اللاويين: الذي يتحدّث عن المكلفين بالمحافظة على الشريعة والأمور الدينيّة، منتسبين إلى لاوي بن يعقوب.
- سفر العدد: الذي يتضمّن معلومات عن عدد بني إسرائيل.
- سفر التثنية: الذي يتحدّث عن إعادة الأوامر والنواهي.
الزبور
يقول -سبحانه وتعالى-: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)، فالزّبور لم يرد فيه وصف قرآني، ولكنّه اسم يدلّ على أنّه: أقرب ما يكون إلى الأنشودة والتذكير؛ لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن أبي موسى الأشعريّ -رضيَ الله عنه-: (لقد أُوتيَ هذا مِزمارًا مِن مَزاميرِ آلِ داودَ).
أيّ إنّه حسن الصّوت، والمزامير الموجودة في عصرنا الحالي تعود إلى سيّدنا داود -عليه السّلام- وإلى غيره، وتظهر بطابع الوحي، وفيها بعض النشيد المنسوبة إلى داود -عليه السّلام-.
الإنجيل
يعرّف الإنجيل بأنّه: الرّسالة التي أنزلها الله -سبحانه- على سيّدنا عيسى -عليه السّلام-، المتمّمة لما جاء في التوراة من شريعة سيّدنا موسى -عليه السّلام-، موجّهة إلى بني إسرائيل، داعية إلى توحيد الله -سبحانه- وإلى كل فضيلة، ولكنّها قوبلت بالرّفض الشديد، ممّا أدى إلى فقدان النّصوص الأصليّة لها، وكثرة التحريف بمعتقداتها ونشر أفكار الوثنية فيها.
القرآن الكريم
هو الكتاب الذي أوحاه الله -تعالى- إلى سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بواسطة الملك جبريل -عليه السّلام- بلفظ عربي، والمنقول جيلاً بعد جيل، والذي يتعبّد بتلاوته، والمبدوء بسورة الفاتحة، والمختوم بسورة النّاس، وهو آخر الكتب السماويّة، وأشملها، وأفضلها؛ لما له من خصائص وميّزات، نذكر منها:
- اشتمل على جميع تعاليم الكتب السماويّة الأخرى؛ كالتوراة والإنجيل، مصدّقاً للحق الذي جاء فيها، من توحيد وعبادة، وأخلاق وآداب.
- تعاليم القرآن الكريم وأحكامه خالدة، محفوظة من التغيّير والتبديل، وناسخة لما جاء قبلها.
- القرآن الكريم لا يتعارض مع العلم أبداً، بل هو مؤكد له.
- القرآن الكريم سهل ميسر؛ للحفظ والفهم والتطبيق، وصالح لكلّ زمان ومكان.