بحث حول العنف المدرسي
تعريف العنف المدرسي
يُعرّف العنف المدرسيّ بأنّه أيّ نشاط يُعيق سير العمليّة التعليمية في المدارس، ويُمكن أن يحدث في أماكن متعدّدة سواء داخل الحرم المدرسي، أو في الطريق إلى المدرسة، أو خلال أيّة فعاليّة خارجيّة تُقيمها المدرسة، وتتعدّد أشكال العنف المدرسي فمنها ما هو جسدي ومنها ما هو جنسي، كما يشمل تسلّط الزملاء وأيّ عنف خارجي قد ينتقل إلى المدرسة، وقد أصبح العنف المدرسيّ شأناً مهمّاً على الصعيد الدوليّ في تسعينيات القرن الماضي، بعد انتشار خبر لحادثٍ إطلاق نار في إحدى المدارس.
أسباب العنف المدرسي
تتعدّد الأسباب التي تؤدّي إلى حدوث ظاهرة العنف المدرسيّ أو تزيد من احتمالية حدوثها، وتتضمّن الاضطرابات النفسيّة لدى الطالب ، مثل: الاكتئاب، والقلق، والتوتّر، ومشاهدة الطلاب لسلوكيات عنيفة في المنزل أو في الشوارع أو حتّى في ألعاب الفيديو أو الأفلام ممّا يُشجّعهم على محاكاة العنف واستسهاله، ومن الأسباب المؤدّية للعنف المدرسيّ تعنيف الطالب من قِبَل والدِيه أو المجتمع المحيط به وتعرّضه للإقصاء والرفض، ممّا يدفعه إلى فعل أيّ شيء من أجل إيقاف ما يحدث وبهذا قد تصدر عنه سلوكيات عنيفة، وأخيراً يتّفق الخبراء على أنّ سهولة وصول الطالب إلى الأسلحة بمختلف أنواعها تُسهّل عليه استخدامها ضدّ الأشخاص أو الأشياء التي لا يُحبّها أو تُسبّب له الأذى.
أشكال العنف المدرسي
صنّف التقرير العالمي للعنف ضدّ الأطفال العنف المدرسي إلى الأنواع الآتية:
- العقاب البدني: يُقصد به العنف الذي تُستخدم فيه القوة الجسديّة للتسبّب بالأذى مهما كان مقداره، ويتضمّن ضرب الطالب وصفعه باليد أو باستخدام أداة ما، والحرق، والكيّ، والركل، والخدش، بالإضافة إلى إجباره على اتخاذ وضعيات غير مريحة، أو تناول مواد معيّنة.
- تسلّط الزملاء: أكثر الفئات عرضةً للتسلّط ذوو الإعاقة أو من ينتمون إلى أقليّة عرقيّة أو طائفيّة معينة، ويتّخذ التسلّط أشكالاً عدّة؛ فمنه ما هو مباشر؛ كالمطالبة بممتلكات الآخرين، ومنه ما هو غير مباشر؛ كنشر الإشاعات والأخبار الكاذبة عن تلميذ معيّن، ممّا يجعل الطالب عرضةً لسخرية أقرانه واستهزائهم عند تعرّضه للعنف بشكل متكرّر.
- العنف الجنسي: يكون العنف الجنسي بمعاقبة الطلاب استناداً إلى جنسهم؛ كالعنف البدني الممارس على الفتيات نتيجة قيامهم بسلوك معيّن، والعنف الجنسي، والعنف النفسيّ الذي يُحقّر بعض الطلاب بسبب جنسهم أو لكونهم ضحايا ممارسات غير أخلاقية.
- العنف الخارجيّ: هو العنف الذي يحدث خارج البيئة المدرسية لكنّه قد ينتقل إليها، فالعنف الأسري وعنف العصابات والحروب السياسيّة تُسبّب شعور الفرد بانعدام الأمان والاستقرار ممّا قد يدفعه لاستخدام الأدوات الحادة، والأسلحة الخطيرة.
آثار العنف المدرسي
آثار صحيّة للعنف المدرسي
تتضمّن الأضرار الصحيّة التي يُسبّبها العنف المدرسي بعض الأضرار المرئيّة التي قد تكون خفيفةً وقد تكون جسيمةً ومؤثّرة، ومن الأمثلة عليها الكدمات والكسور الناجمة عن الضرب أو استخدام الأسلحة، أمّا الأضرار غير المرئيّة فهي تحدث على مستوى صحّة الطالب النفسيّة، مثل: الاكتئاب، والقلق، والخوف، والعديد من الاضطرابات النفسيّة الأخرى، ويُشار إلى أنّ العنف المدرسيّ قد يدفع الطالب إلى سلوكيات مضرّة بصحّته، مثل: تعاطي المخدّرات، أو إدمان الكحول، أو الميل للانتحار.
آثار أسرية للعنف المدرسي
يؤدّي العنف المدرسي إلى العديد من الأضرار التي قد تحدث على مستوى أسرة الطالب المعنِّف، إذ إنّ الأسرة ستكون مسؤولةً عن إصلاح الخطأ الذي قام به الطالب سواء كان ذلك بدفع الأموال أو الذهاب إلى المحاكم أو غير ذلك، كما أنّ الأسرة ستحتاج إلى بذل مجهود ووقت كبيرين من أجل محاولة تعديل سلوك ابنهم الذي تصدر منه سلوكيات عنيفة، ومن الأضرار التي قد تحدث للأسرة أيضاً التعرّض للانتقاد من المجتمع المحيط والأصدقاء، كما أنّ النقاش الحادّ بين الأسرة والابن المعنِّف قد يؤدّي إلى إحداث مشكلات ونزاعات داخل الأسرة مما يُهدّد استقرارها.
آثار اجتماعية للعنف المدرسي
تتضمّن الأضرار الاجتماعية التي قد تحدث بسبب العنف المدرسيّ عدم قدرة الطالب على تكوين علاقات اجتماعيّة أو عاطفيّة مع الآخرين بشكلٍ طبيعي، وانخفاض قدرته على التمتّع بالمشاعر الإيجابيّة، والنفور من التقارب الجسديّ والعاطفيّ، كما يُبدي الطلاب المعنَّفون في المدرسة ردود أفعال عنيفة عند تهدئتهم أو الإمساك بهم أو احتضانهم، ويكون من الصعب التنبّؤ بتصرّفاتهم، بالإضافة إلى أنّ أيّة محاولة لتغيير روتينهم اليومي تؤدّي إلى ظهور سلوكيات رافِضة قد تكون عنيفةً بسبب رغبتهم في التحكّم ببيئتهم واتخاذ قراراتهم بأنفسهم.
آثار أكاديمية للعنف المدرسي
تتعدّد الأضرار الأكاديمية للعنف المدرسي، ولا يقتصر أثرها على الطلاب المتعرّضين للعنف إنّما يمتدّ ليشمل الطلاب الذين يشاهدون العنف أيضاً، وتتضمّن الأضرار الأكاديمية تغيّب الطلاب عن المدرسة، أو تسرّبهم منها، أو تخوّفهم من الذهاب إليها، وفقدان التركيز أثناء التواجد في الصفّ أو خلال أيّ أنشطة مرتبطة بالمدرسة، وقد أثبتت الدراسات وجود علاقة واضحة بين العنف المدرسيّ وضعف التحصيل الدراسيّ في المواد الأساسية كالرياضيات، كما أشارت التحليلات إلى أنّ العنف المدرسيّ الذي يتعرّض له الطلبة على يد معلّميهم أو أقرانهم يُقلّل احتماليّة متابعة هؤلاء الطلبة للتعليم العالي، كما أنّ الطلاب المعنَّفين غالباً ما تصدر عنهم سلوكيات رافضة لأيّ تغيير ممّا يمنعهم من التطوّر الأكاديمي واكتساب المهارات.
كيفية الحدّ من العنف المدرسي
تتطلّب عمليّة الحدّ من العنف المدرسي تضافر الجهود الأسرية والمدرسية؛ وذلك حتّى يتمّ حماية الطلاب من كافّة الأضرار التي يتسبّب بها العنف المدرسيّ، ففي الأسرة مثلًا يجب تقديم الرعاية والدعم والتعليم للطالب، ومراقبة الأهل له منذ طفولته والانتباه إلى نمط سلوكياته ومحاولة تعديلها بشكل يُقلّل من احتماليّة انحرافه إلى السلوكيات العنيفة، كما يجب على الأهلِ مناقشة أبنائِهم الطلبة حول سلوكياتهم بطريقة إيجابيّة لمساعدتهم على التمييز بين السلوك الخاطئ والسلوك الجيّد.
يجب على إدراة المدرسة وضع مجموعة من القواعد الصارمة للحدّ من ظاهرة العنف المدرسيّ، وخلق جوّ من الراحة والتعاون بين الطلبة والمعلّمين، ونظراً إلى أنّ المعلّمين يلتقون بالطلاب لساعات طويلة فإنّ عليهم تطوير علاقتهم معهم والتحدّث معهم حول سلوكياتهم ومشاعرهم، ومن الإجراءات التي يُمكن أن تتخذها المدرسة للحدّ من العنف المدرسيّ؛ توظيف حرّاس في الحرم المدرسي، واستعمال أجهزة الكشف عن المعادن حتّى يتمّ الكشف عن أيّة أسلحة يُمكن أن تتواجد في المدرسة، بالإضافة إلى تقديم برامج توعويّة لمكافحة العنف المدرسيّ، وأخيرًا تقديم الدعم والرعاية للطلبة وتشجيعهم على التحدّث عمّا يدور في أذهانهم.
فيديو تعريفي عن العنف المدرسي
للتعرّف على المزيد حول العنف المدرسي يُمكن مشاهدة الفيديو الآتي: