اللهم تقبل صيامنا وقيامنا
قبول الصيام والقيام
يُعرَّف القبول بأنّه: حصول ناتج العمل وآثاره من ثواب، واستجابة دعاء، وقبول الله -تعالى- للعمل هو رأس الأمر كلّه، والعلم بأهمّية القبول من عدمه مهم في العمل؛ فإن لم يقبل الله العمل كان مردوداً على عامله، وجعله الله هباءً منثوراً.
شروط قبول الصيام والقيام
لقبول العمل الصالح عامّةً عدد من الشروط المُتعلّقة باستكماله، وهي: الإخلاص، والموافقة، والإسلام، وفيما يأتي تفصيلها:
- يُشترَط أن يكون من يؤدّي العمل مسلماً مؤمناً بالله، قال -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
- يُشترَط الإخلاص في العمل؛ وذلك بأن يكون المسلم خالص التوجُّه في عمله لله -تعالى-، قال -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، والإخلاص لغة هو: الصفاء من الشوائب، ومنه تصفية الطاعة من كلّ ما يشوبها من رياء، ونفاق، وسُمعة، وتصنُّع، ونحوه؛ وهو قصد وجه الله -تعالى- وحده في العمل، وترك رياء الناس فيه، ورجاء ثواب الله، والخوف من عقابه، ومن أدلّة اشتراط الإخلاص في العمل قوله -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ).
- تُشترَط المتابعة، وتعني: موافقة العمل لشرع االله؛ أي موافقته للكتاب والسنّة، وهي إمّا أن تكون واجبة، أو كاملة؛ فالواجبة تكون بمتابعة أمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في أصل العمل، أمّا الكاملة فتكون بالإتيان بسُنَن العمل، ومُستحَبّاته، وقد وردت في هذا الشرط لقبول العمل أدلّة من كتاب الله -تعالى-، والسنّة النبويّة؛ فقال -تعالى-: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)، وقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ).
أوصاف الصيام المقبول
يقبل الله -سبحانه- صيام العبد حين يكون خالصاً لوجهه لا يشرك فيه مع الله أحداً، وجزاؤه عند الله غفران ذنوبه؛ لحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، وميزة الصيام أنّ الإخلاص فيه أيسر؛ حيث يسهل على الصائم أن يُخفي صيامه، فلا يعرف أحد ممّن حوله بذلك، وبهذا لا يُرائي بصيامه أحداً، ويُشترَط أيضاً لقبول الصيام أن يكون مُوافقاً لهدي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ومن ذلك أن يمسك الصائم عن المُفطرات من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وأن يحرص على تناول السحور؛ ففيه بركة وقوّة للجسم، وفيه إعانة للصائم على تحمُّل ساعات الصيام، وأقلّ السحور أن يشرب الماء، وأن يتّبع هدي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الإفطار، كما يأتي:
- تعجيل الإفطار؛ لأنّه من سُنّة النبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم-.
- كَسر الصيام قبل أداء صلاة المغرب؛ فيفطر على بعض الرُّطَب، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد فيشرب الماء.
- الإلحاح بالدعاء عند الإفطار؛ فللصائم دعوة لا تُرَدّ.
أوصاف القيام المقبول
يُشترَط لقبول قيام رمضان أن يكون خالصاً لله -تعالى-، والصلاة ليلاً أقرب إلى الإخلاص؛ لأنّها تكون سرّاً، وقليل هم الذين يطّلعون عليها حتى ولو كانوا أقرب الناس، ومن شروط قبول القيام أن يكون مُوافقاً لسُنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ كان يُصلّي في الليل إحدى عشر ركعة؛ يُصلّيها ركعتَين ركعتَين، ويختم بواحدة، وكان يُطيل القيام فيهنَّ، ويقرأ بالسُّور الطويلة من القرآن.
علامات قبول الصيام والقيام
تتعدّد علامات قبول الطاعات التي يُؤدّيها المسلم، كصيامه، وقيامه، ومن أهمّ هذه العلامات: المسارعة إلى الطاعات، والزيادة منها، واستشعار الرقّة في القلب، وتذوُّق الحلاوة والمتعة في أداء هذه الطاعات، والشعور بتحسُّن العلاقة بالله، وحُسن الإقبال عليه، وتوالي الحسنات والأعمال الصالحة، واستشعار نعمة الله -تعالى- عليه بأن وفّقه إلى الأعمال الصالحة.