القوة في الإسلام
مفهوم القوة في الإسلام
إنّ القوة في الإسلام لا تعني قوة البدن فقط واستعراض العضلات بغير وجه حق، بل صرف الطاقة في الوجه المشروع، والقوة في الإسلام تشمل العديد من الجوانب، فهي القوة في الإيمان والعقيدة، وفي البدن، وفي الطاعة وعمل الخير والأعمال الصالحة، وفي الإرادة والنفس، ممّا يُحقّق مصالح المسلمين، ويعود عليهم بالخير والنصر على الأعداء.
مظاهر القوة في الإسلام
تتجلى القوة في الإسلام بمظاهر عدة، نذكر منها:
- صدق الإيمان والمعتقد، فالمسلم القوي يأخذ تعاليم دينه بقوة فلا يتهاون فيها ولا يتراجع، فهو إذا تكلم كان واثقاً في كلامه، وإذا فعل كان ثابتاً في فعله لا يعرف التردد أو الوهن.
- الثبات على الخطى، فالمسلم ينأى بنفسه عن الباطل ويرفض مسايرة أهله، وبالمقابل يقف مع الحق ويعين الناس عليه، فهو في حياته على بصيرة من أمره.
- المصارعة في الحق وترك المجاملة فيه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المستند إلى قوة الاستمساك بالحق والرضا به.
- التحكّم في الإرادة، وضبط النفس، وتلك الصفة تدل على كمال الخصال، وعلوّ السجايا.
- القوة العسكرية التي تدافع عن الأمّة الإسلاميّة ضد الأعداء.
أسباب قوة المسلمين وعزتهم
ما هي مقوّمات القوة في الإسلام؟
لا شك بأنّ هناك أسباباً وعوامل تؤدّي بمجموعها إلى تشكيل مقوّمات القوّة في الإسلام وعزّة المسلمين، منها:
- تمسّكهم بكتاب الله تعالى وسنة نبيه، وتحكيم الشريعة في كل جوانب الحياة.
- محاربة البدع والانحرافات عن الدين.
- الالتفاف حول علماء الأمّة الإسلاميّة الذين هم أبصر بمشاكل الأمة، وأدرى بحلول مشاكلها.
- قراءة التاريخ الإسلامي قراءةً متدبّرة نستذكر من خلالها تاريخ الأمّة المجيد حينما دانت لهم الأمم، فتشحذ النفوس، وتنبعث العزائم من جديد.
- التفاؤل بأنّ المستقبل لهذا الدين والنصر حليفه مهما طال الزمن، فقد تحدث النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن أمر هذا الدين وقال: (لا يبقَى علَى ظَهْرِ الأرضِ بيتُ مدَرٍ ولا وبَرٍ إلَّا أدخلَهُ اللَّهُ كلمةَ الإسلامِ بعِزِّ عزيزٍ أو ذلِّ ذليلٍ إمَّا يعزُّهمُ اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - فيجعلُهُم من أَهْلِها، أو يذلُّهم فيدينونَ لَها)، فلا يبنغي أن يتسلل القنوط واليأس إلى المسلمين.
- استشعار المسؤولية، والبدء في إصلاح الناس لأنفسهم ثم التوسع في إصلاح مجتمعاتهم.
- اجتناب المعاصي، وعدم الاغترار بالعدد والعدة، والتنبّه لمكائد الأعداء، وعدم التهويل من شأنهم.
أنواع القوة في الإسلام
هناك نوعان أساسيّان للقوة في الإسلام، نوردهما فيما يأتي:
- القوة العلمية: وأساس هذه القوة هو العلم الذي يُثمر البصيرة في القلب، وأهمّ ما يتوجّب على المرء تعلّمه حتى يكون مؤمناً قويّاً:
- تعلّم الإيمان والإسلام والإحسان: وهذا هو أوّل ما ينبغي تعلّمه والإلمام به، لأنّه الأساس الذي تقوم به القوة العلمية.
- تعلّم الوضوء وواجبات الصلاة ومبطلاتها: حيث إنّ الصلاة ثاني أركان الإسلام، وهي عمود الدين.
- تعلّم أركان الإسلام: فعلى صاحب المال أن يكون عنده علمٌ في فقه الزكاة، بالإضافة إلى تعلّم فقه الحجّ والعمرة للمستطيع، وفقه الصيام، وغيرها من الأركان الأساسية المهمّة.
- تعلّم أحكام الشريعة والمعاملات وأمور الدين: مثل المعاملات التجارية للتاجر، وفقه الزواج وما يتعلّق به، وأحكام الميراث، إلى غير ذلك من العلوم الشرعية الأساسية المهمّة.
- القوة في أداء الطاعات والعبادات: إنّ اكتساب المرء القوة العلمية بداية له عظيم الأثر في قوّته العملية كذلك، فمن علم فقه الصلاة وواجباتها وأركانها، وأداها على النحو المطلوب شرعاً، فإنّ صلاته ستنهاه عن الفحشاء والمنكر كما جاء في القرآن، وكذلك في الزكاة وغيرها، فأداء العبادات والنوافل حقّ الأداء له عظيم الأثر في حياة المسلم وفي تحسين نفسه باستمرار، وله عظيم الأثر المتعدّي لغيره في المجتمع كذلك.
- القوة في الأخلاق: فالأخلاق والسلوكات الحسنة لا شكّ بأثرها العظيم على الإنسان وعلى المجتمع من حوله، فلو أنّ كلّ أحدٍ يحرص على الالتزام بالخلق الحسن؛ فلا يغتاب، ويغضّ بصره، ولا يغشّ، ولا يظلم، ولا يكذب، ولا يأكل حقوق الناس، لحلّ الأمان في المجتمع، ولانتفت الضغائن والأحقاد بين الناس.
- الوحدة وعدم التفرّق: وهي قوة الترابط والتآلف بين المؤمنين، فيكونون رحماء فيما بينهم، يحرص كلّ منهم على مصلحة غيره كالجسد الواحد، وأشدّاء على أعدائهم.
- القوة في دعوة الناس إلى دين الله: بحيث يحرص المسلم على أخيه المسلم، وينصحه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، ولا يتركه يضيع بين شهوات الدنيا.
أهمية القوة في الإسلام
فضّل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المؤمن القوي على المؤمن الضعيف، على الرغم من وجود الخيريّة في كلٍّ منهم، ذلك أن المؤمن القوي أكثر نفعاً للمسلمين، فهو بما يمتلك من قوةٍ إيمانيةٍ، وبدنيةٍ، وعمليةٍ، قادرٌ أكثر من غيره على الجهاد في سبيل الله، ودحر الأعداء، كما أنّه أقدر على تحقيق مصالح المسلمين، والدفاع عن الدين.
ملخّص المقال: القوة في الإسلام تشمل جميع الجوانب؛ سواء البدنية أم العقديّة أم الخُلُقيّة وغيرها، كما تشمل القوة العلميّة المتمثّلة بتعلّم أمور الدين المهمّة، والقوة العلمية المتمثّلة في تطبيق الدين على الوجه الذي يُرضي الله -تعالى-، ولها العديد من المظاهر؛ كالثبات على الحقّ والمبادئ، والتحكّم بالنفس وضبطها، والصدق في الإيمان، وأهم أسباب عزّة المؤمنين وقوّتهم؛ تجنّب الذنوب والمعاصي، والتمسك بكتاب الله وسنة رسول، فيكون المؤمن بعد ذلك قوياً وأكثر نفعاً لمن حوله من المؤمن الضعيف.