الفرق بين الزواج المدني والزواج الشرعي
الفرق بين الزواج المدني والزواج الشرعي
يمكن التفريق بين الزواج المدني والزواج الشرعي من خلال بيان معالم كل نوع من أنواع الزواج السابقة، وعليه يمكن التفصيل بها وفق الآتي:
أولاً: الزواج المدني
يمكن بيان ملامح الزواج المدني من خلال المحاور الآتية:
مفهوم الزواج المدني
يعرف بأنه: هو المؤسسة والشراكة التي تجمع بين الرجل والمرأة؛ لتحقيق الدعم والتكامل لكل منهما، بغية تحمل أعباء الحياة، وإنجاب النسل،ويعرف كذلك بأنه: الاتفاق والتشارك بين الرجل والمرأة لعقد شراكة حياتية؛ تتولى مؤسسة رسمية الإقرار بهذه الشراكة؛ وتوجب أن تستكمل هذه الشراكة جميع الشروط الصحية والاجتماعية.
وبالنظر في التعريفات السابقة يتجلى بوضوح أن مفهوم الزواج المدني مرتكز على الشراكة الجسدية والمادية والفكرية بين الرجل والمرأة؛ بغية تحقيق الاستمرار الحياتي بأفضل النتائج وأقل الخسائر، من هنا كان من الضروري تحقيق نوع من التكامل الصحي والاجتماعي بينهم.
بيد أنه مما يؤخذ على مفهوم الزواج المدني بصورة عامة؛ هو افتقاده لضوابط واضحة المعالم ومؤطرة السياقات؛ ذلك أنه قد تم عزو الشروط للمؤسسة التي تتولى عقد الزواج، ولما اختلفت المؤسسات المدنية وقراراتها، كان لزاماً تجلي التمايز في شروطها وأطرها للزواج، وعليه أصبحت الشراكة الزوجية غير مستندة أو مرتكزة على ثوابت وقواعد ثابتة.
خصائص الزواج المدني
من أهم الخصائص أنه نظام مدني ومعنى ذلك أن الدولة بقوانينها المدنية تتولى تسيير هذه المؤسسة وفك النزاعات بينها في حال تحققت هذه النزاعات، فضلاً عن كونه ارتباطاً بين رجل واحد بامرأة واحدة، الأمر الذي يبطل إمكانية تعدد الزوجات من قبل الرجل تحت أي ظرف كان، علاوة على كونه عقداً علنياً لا بد من إعلانه وإشهاره، وأخيراً فمن أهم خصائص الزواج المدني تحقيق النفع والخير للرجل والمرأة، وكذا تحقيق الخير للجماعة.
أهداف الزواج المدني
يهدف الزواج المدني إيجاد شراكة بين الرجل والمرأة ينتفع كل منهما بها، على الصعيد الاقتصادي والجنسي والاجتماعي، كما يهدف إلى نبذ الطائفية، ذلك أن دعاة الزواج المدني يرون في الزواج المدني دعوة إلى انصهار الطوائف مع بعضها البعض، وهو ما لا يتحقق في الزواج الشرعي، فضلاً عن كونه يهدف إلى تزويج كافة الفئات المجتمعية بما فيها فئة الملحدين، وإيجاد شراكة ومؤسسة توافق فيما بينهم بعيداً عن الدين.
ثانياً: الزواج الشرعي
يمكن التأسيس المنهجي لملامح الزواج الشرعي من خلال المحاور الآتية:
مفهوم الزواج الشرعي
يعرف بأنه: "الزواج الذي اجتمعت فيه شروط الصحة وانتفت عنه موانعها"،كما ويعرف بأنه: ميثاق غليظ شرعه الله تعالى ليجمع بين الرجل والمرأة في حدود الأطر والضوابط الشرعية، بغية تحقيق التكامل المعونة بين كل منهم، ولانجاب النسل، وتحقيق التكاثر للأمة الإسلامية؛ وصيانة لشبابها من الوقوع في الفواحش.
وعليه وبالنظر في التعريفات الآنفة يجدر القول بأن الزواج هو سلوك تعبدي عظيم في الشريعة الإسلامية؛ يقع وفق شروط الزواج وضوابطه في الشرع الإسلامي؛ لكي تحكم هذا السلوك وإذا ما تحقق وفق الصورة المرسومة له؛ يغدو حينها بمثابة المؤسسة البناءة في المجتمع المسلم، بل يعتبر أهم المؤسسات وأولها تكويناً في الشريعة الإسلامية.
خصائص الزواج الشرعي
يقوم الزواج الشرعي على مهر وعقد صحيح بين الزوج والزوجة، وهذا العقد يقتضي توافر الشهود والأهلية في الزوجين، وحضور الصيغة والإيجاب للعقد، فضلاً عن ضرورة موافقة الولي الخاص بالزوجة على زواجها.
كما يعتبر الزواج الشرعي زواجاً معياري؛ حيث يقوم على معيار الدين بالدرجة الأولى، مصداقاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ).
وبصورة عامة فالزواج الشرعي بمثابة مؤسسة تقوم على جملة من الشروط والضوابط المستمدة من الشرع، والتي تعمل بمقتضاها ما دامت هذه المؤسسة قائمة، فأي مشكلة أو نزاع داخل حدود هذه الشراكة وهذه المؤسسة، ويعتبر الشرع هو المُحكم لهذه النزاعات، والميسر لمنظومة التوجيهات الأسرية.
كما أنه يسمح بتعدد الزوجات وفق شروط معينة، وهذا مما لا يتحقق بالزواج المدني، بيد أن سماح الشريعة الإسلامية بتعدد الزوجات إنما جاء في حالات محددة، ووفق حاجات ملحة اقتضت تعدد الزوجات.
أهداف الزواج الشرعي
يهدف الزواج إلى عمارة الكون وتحقيق معنى الخلافة الذي أراده الله -عز وجل-، كما يهدف إلى صرف الشهوة الجنسية في الحلال وفي سياق محدد المعالم ومنضبط الشروط والمآلات، كما يهدف إلى تحقيق النسل، ليتم التكاثر للأمة الإسلامية.
علاوة على هدفه لتوثيق العلاقات والأواصر الاجتماعية؛ من خلال التكافل والتكامل الاجتماعي الذي يتحقق بالنسب والمصاهرة بين الأسر المسلمة، وأخيراً فيحقق الزواج السكينة والسكن لكلا الزوجين.