الغزل العذري عند قيس بن ذريح: سماته وملامحه الفنية والجمالية
الغزل العذري عند قيس بن ذريح: سماته وملامحه الفنية والجمالية
سُمي هذا الغزل بالعذري، نسبةً إلى بني عذرة المعروفين بالإخلاص للمحبوبة، وقد كان هذا النوع من الشعر الأكثر شيوعًا في العصر الأموي، وقد تميز الغزل العذري عند قيس بن ذريح بمجموعة من السمات والملامح الفنية والجمالية، وهي على النحو الآتي:
- وصف الخصائص الجمالية لحبيبته، من دون وصف جمال جسدها ومفاتنها.
- التعبير عن حبه وأشواقه ومشاعره تجاها، وصعوبة العيش من دونها بعد فراقها.
- الصدق في المشاعر .
- العفة في ذكر المحبوبة.
- بدء القصيدة بذكر المحبوبة من دون وجود أيّة تمهيدات.
- وصف الشعر الألم الذي يشعر به؛ بسبب بعده عن لبنى.
- الإخلاص في حبه للبنى، فمن المستحيل أن يُغازل فتاةً غيرها في قصائده.
- سهولة وبساطة المعاني، ووضوحها.
نماذج من شعر الغزل عند قيس بن ذريح
نماذج من شعر الغزل عند قيس بن ذريح ما يأتي:
خليلي مالي قد بليت ولا أرى
قال قيس بن ذريح:
خَليلَيَّ مالي قَد بَليتُ وَلا أَرى
:::لُبَينى عَلى الهِجرانِ إِلّا كَما هِيا
أَلا يا غُرابَ البَينِ مالَكَ كُلَّما
:::ذَكَرتَ لُبَينى طِرتَ لي عَن شِمالِيا
أَعِندَكَ عُلمُ الغَيبِ أَم لَستَ مُخبِري
:::عَنِ الحَيِّ إِلّا بِالَّذي قَد بَدا لِيا
فَلا حُمِلَت رِجلاكَ عُشّاً لِبَيضَةٍ
:::وَلا زالَ عَظمٌ مِن جَناحِكَ واهِيا
أُحِبُّ مِنَ الأسماءِ ما وافَقَ اِسمَها
:::وَأَشبَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا
وَما ذُكِرَت عِندي لَها مِن سَمِيَةٍ
:::مِنَ الناسِ إِلّا بَلَّ دَمعي رِدائِيا
ألا حي لبنى اليوم إن كنت غاديا
قال قيس بن ذريح:
أَلا حَيِّ لُبنى اليَومَ إِن كُنتَ غادِيًا
:::وَأَلمِم بِها مِن قَبلِ أَن لا تَلاقِيا
وَأَهدي لَها مِنكَ النَصيحَةَ إِنَّها
:::قَليلٌ وَلا تَخشَ الوُشاةَ الأَدانِيا
وَقُل إِنَّني الراقِصاتِ إِلى مِناً
:::بِأَجبُلِ جَمعٍ يَنتَظِرنَ المُنادِيا
أَصونُكِ عَن بَعضِ الأُمورِ مَضَنَّةً
:::وَأَخشى عَلَيكِ الكاشِحينَ الأَعادِيا
قصة قيس ولبنى
قيس بن ذريح هو شاعر أموي، واسمه الكامل قيس بن ذريح بن سنة من قبيلة كنانة، وهو أخ الحسين بن علي بن أبي طالب في الرضاعة، وهو واحد من العشاق المتيمين، فقد أحب فتاة اسمها لبنى بنت حباب الكعبي، وقد كانت تسكن في المدينة المنورة، وقد رآها صدفةً عندما كان يُريد أن يستريح في مسيره ويأخذ شربة ماء، فتملكه حبها من أول نظرة.
مرت علاقتهما بالكثير من المصاعب، فبعد أن أحبها رغب أن يتزوجها، ولكن أمه وأباه رفضا ذلك، وأمراه أن يتزوج ابنة عمه فأبى، ولكن في النهاية تزوجها، وكانت عقيم لا تنجب، فأمرته أمه أن يُطلقها ويتزوج غيرها، وأصر والده أيضًا على هذا القرار، وأقسم أن لا يكون في بيت يُوجد فيه قيس ما دامت لبنى زوجةً له، فطلقها مجبورًا، ومرض على بعدها مرضًا شديدًا، وبات يكتب قصائد الغزل فيها ليلًا نهارًا.
بعد مرور الأيام تزوج قيس من فتاة أخرى، ولما سمعت لبنى بالخبر حزنت حزنًا شديدًا، ووافقت على الزواج من خالد الغطفاني، بعدها بفترة أخبرت لبنى زوجها بأنّها لم تتزوجه رغبةً فيه، وإنّما خوفًا على قيس من رجال قبيلتها، وبعدها ذهب الحسين إلى دار الغطفاني، وطلب منه أن يُطلق زوجته ففعل، فردها قيس زوجةً له، بقيت لبنى زوجةً لقيس حتى ماتت، ومات بعد ذلك بثلاثة أيام حزنًا عليها.