العصر الحديث في أوروبا
العصر الحديث في أوروبا
شهدت أوروبا في العصر الحديث تغيرات واختلافات عدة ميزتها عن العصور الوسطى، ومن أهم ما يميز العصر الحديث في أوروبا ما يأتي:
ظهور الطبقة البرجوازية
تعتبر البرجوازية سمة العصر الحديث في أوروبا كما كان الإقطاع سمة العصور الوسطى في أوروبا ، والطبقة البرجوازية هي الطبقة التي تمتلك وسائل الإنتاج، وقد أدى ظهور البرجوازية إلى توسع الاستعمار والفتوحات الاستعمارية، فتوسعت الطبقة البرجوازية أكثر مع حركة الاكتشافات الجغرافية.
ومن أبرز الفتوحات الاستعمارية في العصر الحديث في أوروبا؛ فتوحات أمريكا الجنوبية والوسطى عن طريق الإسبان والبرتغاليين، أما في أمريكا الشمالية فكانت هذه الفتوحات على يد الإنجليز والهولنديين والفرنسيين.
النهضة الأوروبية
والنهضة تعني البعث والإحياء، وتشير إلى الابتكار الذي شهدته أوروبا في مجالات متعددة؛ كالأدب، والسياسية، والقانون، والدين، والتصوير، والعمارة، ومن الجدير بالذكر أن النهضة الأوروبية بدأت في إيطاليا وتحديدًا في الجزء الشمالي منها، وقد تجسدت النهضة الإيطالية في ما يأتي:
جمع المخطوطات
فقد اهتم الأمراء أيما اهتمام في جمع المخطوطات والكتب القديمة الفريدة ،حتى أنهم جلبوا العلماء لهذا الغرض ودفعوا مبالغ هائلة لإيجاد المخطوطات الأوروبية.
إنشاء المكتبات العامة والخاصة
فخلال القرن الخامس عشر جمعت ثمانمائة من المخطوطات القديمة ودفع ثمنها أمير يدعى (كوزيمو دي ميدتشي)، وفي أواخر القرن نفسه سعى إلى تأسيس مكتبة في الفاتيكان.
وقبل انهيار القسطنطينية وسقوطها ترجمت كتب لفلاسفة عدة؛ كأرسطو، وأفلاطون، وبلوتارك إلى اللغة اللاتينية، كما شهدت منطقة فلورنسا في إيطاليا توافد الإغريق المهتمين بتعلم اللغة والفلسفة.
تأسيس الأكاديميات والمجمعات العلمية
وتعتبر الأكاديميات هي عنوان النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وهي مكان مخصص لاجتماع طلاب العلم والأساتذة لدراسة العلوم ومناقشتها.
تطور الفنون
من المعروف أن سطوة الكنيسة في العصر الحديث تراجعت، مما ساعد ذلك على تطور الفنون بعدما كانت في العصور الوسطى موجهة لأغراض دينية، فالفن في العصر الحديث تمتع بمساحة كبيرة من الحرية، ومن أشهر الإنتاجات الفنية في العصر الحديث؛ لوحة الموناليزا، وصورة العاصفة، وميدوسا لدافنشي.
تقدم العلوم
تطور علم الجغرافيا وعلم الفلك في العصر الحديث ، وأثبت العالم البولندي كوبرنيكوس في ذلك الوقت أن الشمس هي المركز الذي تدور حوله الأرض وكل الكواكب، وأن حركة الشمس والكواكب ليست إلا حركة ظاهرية أساسها دوران الأرض حول نفسها مرة واحد كل يوم.
النهضة في فرنسا
تختلف النهضة الفرنسية اختلافًا تامًا عن النهضة الإيطالية، وكان هذا الأمر طبيعيًا بسبب الاختلاف بين العقليات، ففي الوقت الذي أحيت فيه العقلية الإيطالية كل ما هو قديم قامت العقلية الفرنسية بالاقتباس منها ووضع بصمتها الخاصة المتفردة، وبدأت النهضة في فرنسا في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وبرزت حركة من أجل نشر الكتب اليونانية، كما شجع ملوك فرنسا على انتشار الدراسات الإنسانية.
يعود الفضل في انتشار الكلاسيكيات الفرنسية إلى (جيوم بوديه) وهو تلميذ (لاسكاريس وألياندر)، ومن أهم أعلام النهضة الفرنسية (رابليه) المشهور في الروايات الفكاهية، ولم يبلغ فن التصوير في فرنسا ما وصل إليه في إيطاليا مما دفع الملك (فرانسوا الأول) إلى جلب مصورين ورسامين من إيطاليا حتى يقوموا بمهمة تزيين قصره، ويعد فن النحت والعمارة هو النهضة الحقيقية في فرنسا، إلا أنه كان مختلفًا عن النحت الإيطالي، فالنحت الفرنسي تركز في الأماكن العامة والقصور.
الإصلاح الديني في الدول الأوروبية
كانت الكنيسة في العصور الوسطى تدعو إلى الزهد والابتعاد عن الحياة وملذاتها وهذه لم يكن سوى أفكار تستغل فيها الكنيسة الناس حتى يقبلوا الاستغلال الإقطاعي آنذاك، وفي العصر الحديث شمل الإصلاح الديني عدة دول، منها سويسرا وألمانيا وغيرهم.
وقد كان الإصلاح الديني في سويسرا على يد كلفن، إذ تم دمج إدارة الشؤون الدينية بين الوزراء والشيوخ، كما دمج السلطة المدنية بالسلطة الدينية، وأصبح لرجال السياسة إمكانية التدخل في أمور الكنيسة، وشدد على الصلاة ومعاقبة من لا يؤديها.
ظهور الدول القومية
ومن أسباب ظهور الدول القومية في أوروبا ما يأتي:
- سقوط الإقطاع
فبعد زوال النظام الإقطاعي لم يعد هنالك عائق أمام القومية وتوحد الأمة.
- تراجع سلطة وسطوة الكنيسة
فبعدما تراجعت سلطات الكنيسة في العصر الحديث أدى ذلك إلى تحرر كل من الفكر واللغة والفن.
- تلاشي وجود الإمبراطوريات
فلم يعد للإمبراطوريات التي كانت حاضرة في العصور الوسطى وجود في العصر الحديث، فبدأت تظهر الدول القائمة على أساس قومي وليس إمبراطوري.