الصلاة في رمضان
الصلاة في رمضان
المحافظة على صلاة الفرائض في رمضان
يجتهد المسلم في رمضان في أداء الفروض والنوافل من الأعمال الصالحة، وخاصّة الصلاة التي تُعَدّ عمود الدِّين، ورُكناً من أركان الإسلام الخمسة، فيحرص المُسلم على المُحافظة عليها، وأدائها في وقتها بطُمأنينة وخُشوع؛ فهي واجبة على كلّ مسلمٍ ومسلمة، ويجدر بالرّجال أداء الصلوات الواجبة جماعة في المسجد، وقد أثنى الله -سُبحانه وتعالى- على من يُحافظ على الصلاة بقوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)، ومن أعظم الأوقات التي يتأكّد القيام بها شهر رمضان.
المحافظة على صلاة النافلة في رمضان
حثّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في كثيرٍ من الأحاديث على الإكثار من أداء صلاة النافلة، ومنها قوله: (الصلاةُ خيرٌ موضوعٍ ، فمَنِ استطاعَ أنْ يَسْتكْثِرَ فلْيستكْثِرْ)، وتُقصد بالكثرة في الحديث النوافل؛ لأنّ الفرائض من الله -تعالى- ولا تجوز الزيادة فيها، وقد قسّم العُلماء النوافل إلى قسمَين، هما: النَّفل المُقيَّد؛ وهي السُّنَن الراتبة، وغير الراتبة المُقيَّدة بعدد أو وقت، كصلاة الوتر ، وسُنّة الفجر، وصلاة ركعتَين قبل الظهر وركعتَين بعده، والنَّفل المُطلَق؛ أي النوافل غير المُقيَّدة؛ أي التي يجوز للمسلم أن يُصلّي منها عدد ما شاء، ومتى شاء، بشرط ألّا تُصلّى في وقت من الأوقات التي نهى النبيّ عن الصلاة فيها، وهُناك بعض النوافل التي تُؤدّى لأجل سبب مُعيَّن، كصلاتَي الكُسوف والخُسوف، وصلاة الاستسقاء، وصلاة ركعتَين بعد الوضوء، وغيرها، كما أنّ هُناك بعض النوافل التي تُؤدّى في أوقات مُعيَّنة، كصلاة العيد، وصلاة التراويح، وصلاة الضُّحى، وقيام العَشر الأخير من شهر رمضان، "وللمُحافظة على النوافل ثمراتٌ عظيمة، ومنها ما يأتي:
- تجبر النقص الذي يحصل في الفرائض.
- تساعد في الحفاظ على الفرائض؛ فالذي يُحافظ على السُّنَن هو للفرائض أحفظ.
- ينال العبد بأدائها الأجر الكبير والثواب العظيم من الله -سُبحانه وتعالى-؛ فقد بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مثلاً ثواب سُنّة الفجر؛ فقال: (رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا).
- تفتح لصاحبها أبواب المغفرة، كقيام رمضان، فقد بيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ قيام رمضان سبب لمغفرة ما تقدَّم من الذنوب، وصيام يوم عرفة يُكفّر سنة قَبله.
- تقود المسلم إلى طريق الجنّة؛ فقد جاء عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه سمع صوت أقدام بلال -رضي الله عنه- في الجنّة، وأخبره بلال أنّه كان يُصلّي ركعتَي نافلة بعد الوضوء، ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال: (يا بلَالُ حَدِّثْنِي بأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ في الإسْلَامِ، فإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ قالَ: ما عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِندِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، في سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إلَّا صَلَّيْتُ بذلكَ الطُّهُورِ ما كُتِبَ لي أَنْ أُصَلِّيَ).
- تُعَدُّ سبباً لنَيل مَحبّة الله -تعالى-؛ لقول الله في الحديث القُدسيّ الذي ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ)، وهذه المَحبّة تُقرّب العبد من الله؛ فيُوفّقه إلى طاعته، ويرفع درجته.
صلاة التراويح في رمضان
تُعرَّف صلاة التراويح بأنّها: الصلاة التى تُؤدّى في شهر رمضان وتكون في أوّل الليل، وسُمّيت بذلك؛ لأنّ الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يجلسون بعد كُلّ أربع ركعات منها؛ للاستراحة، واتّفق الفُقهاء على أنّها من السُّنَن المُؤكَّدة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فقد قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ)، وقد صلّاها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع الصحابة ثلاثة أيّام ثُمّ تركها بعد ذلك ولم يخرج إليهم؛ مخافة أن تُفرَض على الناس، وبقي الصحابة يُصلّونها كُلٌّ منهم بِمُفرده إلى أن تولّى عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخلافة وجمع الناس على إمامٍ واحد؛ وهو أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه-، ولا تزال التراويح تُصلّى جماعةً مع الإمام منذ جَمع عمر -رضي الله عنه-.
قيام الليل في رمضان
حثَّ الله -سُبحانه وتعالى- على قيام الليل ؛ لِما فيه من الأجر العظيم والثواب الكبير، ويتأكّد قيام الليل في أوقاتٍ مباركة، كشهر رمضان، وقد رغّب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في قيام الليل في رمضان، وأدّاه مع الصحابة؛ فصلّى بهم إماماً عدّة أيّام، ولقيام الليل الكثير من الفضائل؛ فهو سبب لمغفرة الذُّنوب، ودخول الجنّة، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ)، ومدح الله -سُبحانه وتعالى- من يقوم الليل بقوله: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)، وأفضل وقتٍ لقيام الليل يكون في آخر الليل.
حكم صيام من لا يصلي الفرض
يُعَدّ ترك الصلاة من الذُّنوب العظيمة، وهو كبيرة من الكبائر، وقد فرّق العُلماء بين تركها تكاسُلاً، وتركها جحوداً وإنكاراً لها؛ فمَن تركها تكاسُلاً فصيامه صحيح ومقبول عند الله -تعالى-، إلّا أنّه آثم بتركه إيّاها، أمّا من تركها جحوداً وإنكاراً لها فصيامه وأعماله جميعها غير مقبولة؛ للأنّ من ترك الصلاة وهو منكرٌ لفرضيتها وجاحد بوجوبها يعدّ كافراً كُفراً مُخرجٌ من الملّة؛ إذ أنكر معلوماً من الدين بالضرورة.
الأعمال الصالحة في رمضان
يغتنم المُسلم بعض الأوقات ويجتهد فيها أكثر من غيرها؛ لِعِظَم فَضلها، كشهر رمضان ؛ لأنّ الله -سُبحانه وتعالى- يُضاعف فيها الحسنات، ويغفر فيها الذُّنوب، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وَأَنَا أَجْزِي به)، وقد كان من هَدي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أن يجتهد في رمضان أكثر من غيره من الشُّهور، وخاصّة في العَشر الأواخر منه، وتتنوّع الأعمال الصالحة التي يمكن أداؤها، كالصدقة، وقيام الليل، والدُّعاء، والابتعاد عن كُلّ ما يُنقص من أجر الصيام، كقول الزُّور، وقد أخبر الله -سبحانه- نبيّه -صلى الله عليه وسلم- أنّ أحبَّ ما يتقرّب به العباد منه -عزّ وجلّ- أداءُ الواجبات المفروضة، تليها النّوافل الأخرى؛ ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -عليه السلام- قال: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ).