التعريف بكتاب منهاج الطالبين وعمدة المفتين
كتاب منهاج الطالبين وعمدة المفتين
هو كتاب في المذهب الشافعي، للإمام محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي -رحمه الله- (631-676)هـ، علّامة بالفقه والحديث، مولده ووفاته في نوى "من قرى حوران، بسورية"وإليها نسبته، تعلم في دمشق، وأقام بها زمنًا طويلًا، كان من العلماء العاملين، والأئمة الراسخين، ورعًا زاهدًا، شيخ الإسلام في عصره، وله مؤلفات وكتب كثيرة في الفقه و الحديث الشريف .
أما كتابه "منهاج الطالبين وعمدة المفتين" فهو مختصر لكتاب "المحرر" للإمام أبي القاسم الرافعي -رحمه الله-، وهو عمدة في المذهب الشافعي للمفتي وغيره، منهجه فيه النص على الصحيح في المذهب، والتنبيه على قيود في أصلها محذوفة، واختصار بعض العبارات من غير خلل في المعاني والأفكار.
منهاج الإمام النووي في تأليفه
كتاب "المنهج" كتاب أشرقت خصائصه، وتعددت مزاياه، وأجمع العلماء على تقدمه وسبقه؛ لصلاح مؤلفه وتقواه، ومكانته بين العلماء، واشتغال شيخي المذهب الشافعي به من الرافعي -رحمه لله- تأليفًا إلى النووي -رحمه الله- تلخيصًا وإضافة مستجدات عليه، وطريقة الإمام النووي -رحمه الله- فيه تتلخص بما يأتي:
- عرض الإمام النووي -رحمه الله- الأقوال في المذهب الشافعي وبيّن المعتمد فيه.
- لخص طرق الخلاف في كلمات ومصطلحات شرحها في المقدمة بطريقةٍ بيّنة للطالب، ولذلك يعتبر الكتاب زبدة الفقه الشافعي والخلاصة فيه بدون منازع، وهو سهل واضح غير ممل ولا مخل.
منزلة كتاب منهاج الطالبين وعمدة المفتين بين المذاهب
هو كتاب قيّم، سبق من قبله ولم يأت مثله بعده، قال عنه الحافظ جلال الدين السيوطي :"المنهاج المختصر المحرّر، مجلد لطيف، ودقائقه نحو ثلاث كراريس، وهو الآن عمدة الطالبين، والمدرسين، والمفتين".
وقد نبه الإمام النَّووي -رحمه الله- على ميزتين في مختصره "المنهاج":
- اختصاره في نحو نصف حجم كتاب "المحرر"؛ ليسهل حفظه.
- ما ضم إليه من النفائس، والتنبيه على قيود في بعض المسائل المحذوفة من الأصل.
- وقد ختم الإمام النووي مقدمة كتابه "المنهاج" ببيان أن كتابه هو شرح لكتاب "المحرر"، وأنه لم يحذف فيه شيئًا من الأحكام الأصلية أو الخلافية.
أهمية كتاب منهاج الطالبين وعمدة المفتين
تظهر أهمية الكتاب من عدة جوانب، منها:
- عناية مؤلفه به
حيث أنّه أدرك أهمية اختصاره، وقيمة فحواه، فألف كتابه "الدقائق" شرح فيه دقائق المنهاج، وبيّن الفرق بين ألفاظ "المنهاج" وألفاظ كتاب "المحرر" للرافعي -رحمه الله-، وقد صرح بهذا في مقدمة كتابه المنهاج فقال: "وقد شرعت في جمع جزء لطيف على صورة الشرح لدقائق هذا المختصر".
- شهادة شيخ الإمام النووي
جمال الدين أبو عبد الله محمد الطائي، حيث قال: "والله لواستقبلت من أمري ما استدبرت؛ لحفظته، وأثنى على حسن اختصاره، وعذوبة ألفاظه".
- عناية العلماء والفقهاء
فقد تتالت في حياة الإمام النووي وبعد وفاته؛ حتى أصبح محورًا تدور حوله الجهود، ومنبعًا للفوائد والأحكام.
وقد أجاد فيه القائل حيث قال:
قد صنف العلماء واختصروا فلم** يأتوا بما اختصروه كالمنهاج.
جمع الصحيح مع الفصيح وفا** ق بالترجيح عند تلاطم الأمواج.
اهتمام العلماء بكتاب منهاج الطالبين وعمدة المفتين
اهتم العلماء اهتمامًا بالغًا بكتاب المنهاج، وتلقوه بالشرح والتفصيل والبيان، فكثرت شروحه حتى زادت عن المئة؛ ومن ذلك:
- "تحفة المحتاج بشرح المنهاج"، لأحمد بن حجر الهيثمي -رحمه الله-.
- "كنز الراغبين"، على المنهاج لجلال الدين محمد بن أحمد بن محمد المحلي -رحمه الله-.
- "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج"، للشيخ محمد الشربيني الخطيب -رحمه الله-.
- "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج"، لشمس الدين محمد بن أحمد الرملي المصري، الشهير بالشافعي الصغير-رحمه الله-.
آراء العلماء بكتاب منهاج الطالبين وعمدة المفتين
- قال التقي السبكي -رحمه الله تعالى- في أول القطعة التي شرحها منه ما نصه: "هذا الكتاب في هذا الوقت هو عمدة الطلبة وكثير من الفقهاء، في معرفة المذهب".
- وقال الإمام السخاوي -رحمه الله تعالى-: "إن من وفور جلالته وجلالة مؤلفه انتساب جماعة ممن حفظه إليه، فيقال له: المنهاجي، وهذه خصوصية لا أعلمها الآن لغيره من الكتب".
- وقال أحد العلماء فيه:
إن رمتَ فِقهًا صافيًا كالعاج** فعليك يا ذا الذهن بـ "المنهاج"
فيه الصحيح مع الفصيح وعمدة ال** مُفْتين والحكام والحُجّاج
من قاسه بسواه مان وذاك من** غبْنٍ ومن حسدٍ وسوءِ مزاج.