التضحية والفداء في الإسلام
التضحية في الإسلام
قَدَّم الإسلام العديد من النماذج الحية في التضحية والفداء عبر تاريخه؛ لِما لها من أجرٍ عظيمٍ عند الله تعالى حيث قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مجروح يُجرَحُ في سبيلِ اللهِ واللهُ أعلمُ بمن يُجرَحُ في سبيلِه إلا جاء يومَ القيامةِ وجرحُه كهيئتِه يومَ جُرِحَ، اللونُ لونُ الدَّمِ، والريحُ ريحُ الِمسكِ"، وذلك من أجل إعلاء كلمة الله عزَّ وجلَّ ونشر دعوة الإسلام في جميع بقاع الأرض.
مفهوم التضحية
هي بذل كل ما هو باستطاعة الإنسان أن يبذله من نفسٍ ومالٍ ووقتٍ وجهدٍ، من أجل كسب رضا الله تعالى وتبليغ رسالة الدعوة الإسلامية لجميع البشر؛ وذلك لإخراجهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فالمطلوب من المسلمين الجهاد في سبيله تعالى الذي لا يتحقق إلا بأناسٍ يُضحُّون بكل شيءٍ من أجل إظهار الحق وإزهاق الباطل ونشر العدالة بين الناس، فلا غنىً عن التضحية وبذل الغالي والنفيس من أجل مرضاة الله عزَّ وجلًّ والفوز بجنته.
ميادين التضحية في الإسلام
تتسع رقعة التضحية في جوانب كثيرة، ولكن يمكن حصرها فيما يلي:
- التضحية بالنَّفس: ويكون ذلك بالجهاد في سبيل الله تعالى الذي يُعتبر ذُروة سنام الإسلام، وهو من أحب الأعمال إلى الله تعالى وأفضلها، ومن التجارة الرابحة للإنسان فقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، وقد توعد الله عزَّ وجلَّ من ترك الجهاد والتضحية في سبيله، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ".
- التضحية بالأموال: فقد حثَّ الإسلام على الإنفاق في سبيل الله تعالى وجعلها من أعلى مراتب الإيمان واليقين بالله تعالى حيث قال: "إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ" [11]، ونقتدي بسيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عندما ضحَّى بماله وجهَّز ثلث جيش العسرة، فقال صلى الله عليه وسلم: " ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ".
- التضحية بالعلاقات الاجتماعية، وتشمل الأهل والعشيرة والأقربين، وأعظم موقف تجسدت فيه هذه التضحية هي هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة بعد أن تخلوا عن كل ما يتعلق بهم استجابةً لأمر الله تعالى إذ قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".
- التضحية بالوقت والجهد، يُبدي المسلم أهمية قصوى للوقت، ومن أفضل الأمور التي تُضحي بوقتك من أجلها هي الدعوة إلى الله عز وجل وإعطاء الجهد الكامل في تبليغها للناس.