العين الثالثة: حقيقة أم خيال
العين الثالثة حقيقة أم خيال
الكلام عن العين الثالثة يختلف باختلاف مفهوم المقصود منها، مع ملاحظة مَنشأ الفكرة، وإمكانية إخضاعها للقياس الحسّيِّ المادي أو عدم إمكانية ذلك وفق التصورات المختلفة عنها، ولو حاولنا الوقوف على تعريفات العين الثالثة فإننا سنجدها في عِدَّة تصورات، أشهرها ما يأتي:
العين الثالثة هي الغدة الصنوبرية
يدَّعي بعضهم أنَّ المقصود بالعين الثالثة الغُدَّة الصنوبرية ، وأنها عين فيزيائية ظلَّت فائدتها غامضة وغير معروفة للبشرية، وهي مركز الروح والقوى الروحانية، بالإضافة إلى تحكُّمها ببعض الوظائف البيولوجية للجسد؛ كالتحكُّم بالجوع والعطش، والساعة البيولوجية، والتنظيم الحراري، والتأثير في لون البشرة، وغير ذلك.
العين الثالثة اختراع من ديانات وثنية
يرى آخرون أنَّ العين الثالثة لها طقوس معيّنة لفتحها، وهي طقوس وثنية تُنكر وجود الله، مثل طقوس عُبَّاد البقر، ولكنها في حقيقة الأمر تعتبر من باب الدخول في متاهات خطيرة من خلال ما يتبعه المدرِّبون الوثنيون من طرق غريبة، وهي بوابة يدخلون منها إلى عوالم الشعوذة، والجنِّ، والشياطين، و الكهانة .
العين الثالثة مفهوم باطني صوفي
يرى آخرون أنَّ العين الثالثة مفهوم باطني صوفي فلسفي، يوفر إدراكاً فوق الرؤية البصرية العادية المعروفة، وتعطي القدرة على الكشف النوراني المرتبط بالحدس والإدراك والاطلاع على المستقبل، وتجارب الخروج من الجسد؛ من أجل الوصول إلى فضاءات وعي وإدراك أعلى.
العين الثالثة أصحاب البرمجة العصبية
يرون أنَّ العين الثالثة موجودة على الجبين، وبالتركيز وشحن الطاقة يمكن للإنسان أن يستخدمها، شأنها شأن الإسقاط النجمي والجسم الأثيري، وهي بزعمهم تعطي القدرة على رؤية هالة حول الجسم، وإمكانية الرجوع إلى الماضي، ومعرفة العلم والغيب، وتحريك الأشياء من مكانها بمجرد التأمل، وقراءة الأفكار في أذهان أصحابها، وهذا كله أوهام وخرافات لم يثبتها العلم ولا الشرع.
أسماء أخرى للعين الثالثة وموقعها
يدَّع بعضهم أن العين الثالثة لها مُسمَّيات أخرى متعدِّدة، فهي تعرف باسم عين البصيرة، وعين العقل، والعين الروحانية، والعين الداخلية، ويقال إنها موجودة في منطقة وسط الجبين بين الحاجبين، ويمكن فتحها بتطبيق تمارين ذهنيّة؛ بتركيز الانتباه والتأمل بين الحاجبين مُدَّة من الزمن مع المحافظة على إبقاء العينين مُغمضتين، وهذا مما افتُتِن به كثير من الناس.
العين الثالثة غير خاضعة للقياس
لا شكّ أنَّ العلم التجريبي قد أحرز تقدماً كبيراً استطاع الأطباء من خلاله الاطلاع على كلِّ أجزاء الجسم البشري بتفاصيله الدقيقة؛ من خلال تسخير أجهزة التصوير الشعاعي والمغناطيسي بصورة لم يسبق الوصول إليها من قبل، ومع ذلك كله لم نسمع أنَّ في جسد أحدنا عيناً ثالثة مَخفيةً في الجبين، أو أنَّ التوَّسع في عمل الغدَّة الصنوبرية لحدِّ الكشف عن المستقبل وغيره!
ومن قال إن العين الثالثة هي الغدة الصنوبرية كأنَّه أراد الهروب من التصريح بحقيقتها بأسلوب تحويل الفكرة إلى عالم المحسوسات، التي تخضع للقياس والتحليل والتشريح، وأما الآخرون فهم دائرون في فلك الأوهام والاختراعات الخيالية التي تُستغلُّ لخداع الناس، وتضليلهم بأساليب مغطاة بغطاء الروحانيات، أو القدرات الخارقة، والذهاب خارج العالم المحسوس إلى العالم الآخر، وليس له من ذلك إلا خيالات وهمية لها مقاصد فاسدة.
فراسة المؤمن
لعلّ من المناسب الإشارة إلى ما يطلق عليه فراسة المؤمن ، وهي الخواطر التي تستقرّ في قلب المؤمن بسبب قوة الإيمان وصفاء القلب ونقاء السريرة؛ فكلما زاد إيمانه نوّر الله قلبه حتى لا تكاد بصيرته تُخطئ، ومثل هذا كثير في سيرة الصحابة الكرام والسلف الصالح.
ويستند أهل العلم في تقرير نصيب المؤمن من الفراسة بقول الله -سبحانه-: (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ)، وقوله -سبحانه-: (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).