التخفيف في الصلاة
التخفيف في الصلاة
يُقصد بالتخفيف في الصلاةِ: الاقتصار على الحدّ الأدنى من كمالها، مع الإتيان بالواجبات والسُنن من غير إخلالٍ بها، أو بغير تطويلٍ مُملّ، ويُندبُ للإمام التخفيف في الصلاة ؛ مُراعياً بذلك أحوال الناس، وللرفق بهم، ويختلف التّخفيف بحسب أحوال المُصلين، وهو من الأمور المُجمعِ عليها، والمندوب إليها، وهو من الرُّخص الشرعيّة التي تصدّقَ الله -تعالى- بها على عِباده، تخفيفاً وتيسيراً عليهم. فيُسنّ لِمَن يُصلّي في جماعة عدم التطويل، وإن صلّى لوحده فليطل ما شاء، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ؛ فإنَّ منهمُ الضَّعِيفَ والسَّقِيمَ والكَبِيرَ، وإذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ ما شَاءَ).
والتخفيفُ يكون على نوعين، الأول: لازمٌ، وهو الذي يكون في الظُروف الطبيعيّة؛ اتّباعاً لِسُنة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- وصلاته، والثاني: التخفيف الطارئ، كسماعِ الإمام لبُكاء طفل، ويُسنُّ للإمام عدم الإطالة باستثناء الركعة الأولى؛ لكي يتمكّن المُتخلّف عن الصلاة إدراكِها، ولِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ومن حُسن الصلاة بالمأمومين عدم إطالة الصلاةِ عليهم، تجنّباً للضجر والتعب والنّفور.
ضوابط التخفيف المأمور به
يُعدُّ التّخفيف من الأُمور النسبية، فلا حد لأكثره أو أقله، وهو يرجعُ إلى اختلاف أحوال الناس وعاداتهم، ويكون بحسب ما يرى الإمام فيه المصلحة، ويكون بتخفيف الإمامِ في القِراءة والأذكار مع فعله لأدنى الكمال في سُنن الصلاة، وقد سمع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ معاذ -رضي الله عنه- يطوّل بالصلاة على المأمومين، فنهاه عن ذلك، لِعلمه بأنّ قومه لا يُحبّون الإطالة، وبالمقابل أيضاً يُكره للإمام الإسراع في صلاته، بحيث يجعل المأموم لا يقدر على فعل السُّنن بسبب السرعة، كتثليث التسبيح في الرُكوع والسُجود.
أنواع تخفيف الصلاة
إنّ للتخفيف في الصلاة العديد من الأنواع، وهي كما يأتي:
- تخفيف الإسقاط: كإسقاطِ بعض الصلوات لِعُذرٍ، كالجُمعةِ لصاحب العذر، وإسقاط الصلاة عن الحائض والنُفساء.
- تخفيف التنقيص: وذلك كقصر الصلوات بتنقيص عدد ركعاتها، وتنقيص بعض أفعال الصلاة عن المريض، فيُصلّي بقدر استطاعته.
- تخفيف الإبدال: كإبدال القيام إلى الجُلوس لغير القادر.
- تخفيف التقديم والتأخير: كتقديم بعض الصلوات أو تأخيرُها، بسبب المطر أو السفر.
- تخفيف الترخيص: كصلاة التيمّم، ويكون عند الضرورة أو الحاجة بسبب عدم وجود الماء.
- تخفيف التغيير: كالتغيير الحاصل في نظم الصلاة؛ كصلاة الخوف.
أسباب التخفيف في الصلاة
إنّ للتخفيف في الصلاة العديد من الأسباب، ومنها:
- مُراعاة أحوال الناس وأعرافهم في الطول والقُصر، حيث إنّ التخفيف في الصلاة من الأمور النسبيّة، بالإضافة إلى مُراعاة أحوال الناس من حيث المرض والصحة، فمنهم المريض ، والكبير، وصاحب الحاجة، والمعذور، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ؛ فإنَّ منهمُ الضَّعِيفَ والسَّقِيمَ والكَبِيرَ، وإذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ ما شَاءَ).
- تحرّي أحوال المأمومين، فقد كان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يُخفّف في الصلاة عند سماعهِ لِبُكاء الطفل، فقد صحّ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (ما صَلَّيْتُ ورَاءَ إمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً، ولَا أَتَمَّ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنْ كانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فيُخَفِّفُ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ).
- مُراعاةِ الإمام لِحال المأمومين خلفه حتى لا يلحقُ بهم السآمة والملل.