فوائد مؤخر الصداق
الصداق في الإسلام
لقد جاءت جميع أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية صيانة وحفظاً لحقوق الزوجين وحقوق الأولاد الناشئين من هذا الزواج، ومِنعة لحصن الأسرة الكريمة التي أرادها الله -تعالى-، فاشتراط الولي والشهود في الزواج وغيرها من الشروط إنما وُضع بهدف صيانة الزواج من الميول والانحراف عن مقاصده الأصيلة الشريفة.
والمهر إنما هو حق من حقوق المرأة وضعه الإسلام كشرط من شروط الزواج وحقاً من حقوق المرأة التي تحفظ كرامتها ابتداءً، ليعلم الزوج أن الزواج ليس أمراً عبثياً ليس له قيمة، والمهر رمز من رموز بيان قيمة ومكانة المرأة في الإسلام ولا يفهم من هذا الكلام أنه ثمن للمرأة، إذ كرامة المرأة المسلمة لا تُقدر بثمن، وإنما المهر رمز لإكرام المرأة وبيان لجدية الزواج.
والصداق هو المهر الذي يدفعه الزوج لزوجته بسبب عقد النكاح ، وقد سمي المهر صداقاً لأنه من الصدق؛ أي دلالة على صدق وجدية الزوج في زواج المرأة وصيانتها، والأصل في المهر أن يكون مهراً واحداً يثبت في ذمة الرجل مرة واحدة عند عقد النكاح، ويجوز جعل المهر كله أو بعضه مؤجلاً لزمان معلوم يتفق عليه الطرفان في عقد الزواج.
فوائد مؤخر الصداق
لجأ جمع من المسلمين إلى جعل المهر مقسوماً بين مهر معجل ومهر مؤجل لغايات وحكم عديدة، ومن هذه الغايات ما يلي:
التخفيف على الشباب المسلم في تكاليف الزواج
حيث مرَّ المسلمون عبر تاريخهم بأزمات اقتصادية أدت إلى عزوف الشباب عن الزواج بسبب غلاء المهور وارتفاعها وعجزهم عن سدادها، فلجأ المسلمون إلى جعل المهر معجلاً ومؤجلاً إلى وقت معلوم تخفيفاً على الشباب المسلم عند إرادة الزواج، حيث يصعب على الشاب دفع جميع المهر دفعة واحدة عند إرادة الزواج.
حفظ مؤسسة الزواج من الضياع
حيث يشترط معظم الناس في زماننا استحقاق مؤخر الصداق عند أحد الأجلين وهما الطلاق أو وفاة الزوج، فعندما يعلم الزوج أن الطلاق سيترتب عليه استحقاق المرأة لمؤخر الصداق فعندها سيتريث في إيقاع الطلاق ولا يتعجل به مما يؤدي إلى حفظ المؤسسة الزوجية من الضياع في كثير من الحالات.
ضمان جدية الزوج ومصداقيته في قصد الزواج
حيث يلتزم الزوج بمهر معجل ومهر مؤجل تأكيداً على إرادة الزواج الذي لا تلاعب فيه ولا غش أو خداع، حيث يعلم الزوج ما يترتب عليه من استحقاقات مالية جراء عقد النكاح هذا.
صيانة مادية للمرأة عند وقوع أحد الأجلين، الوفاة أو الطلاق
حيث يكون هذا المال عوناً وسنداً لها عند حصول أحد الأجلين فلا تكون في مهب الريح لا معين لها ولا ناصر، مع العلم أنها لا تسقط نفقتها على أوليائها ولكن لكثرة فساد الذمم فإن هذا المال سيحفظ ماء وجهها، وسيصونها عن إذلال نفسها للغير.
مؤخر الصداق في القرآن الكريم
إن تأخير المهر كله أو بعضه في كثير من الحالات يكون نافعاً للزوجين، حيث فيه إعفافهما وسترهما، وهو منهج قرآني نبوي كما حصل مع نبي الله موسى -عليه الصلاة والسلام-، يقول الله -تعالى-:(قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).
فقد يسر ولي زوجة موسى على موسى -عليه السلام- بتأجيل المهر وجعله منفعة يقدمها موسى له على مدى عشر سنوات، فقبل نبي الله موسى ذلك وأدَّى حق هذه المرأة على أتمِّ وجه، عشر سنين تامات ثم سار بأهله.