الاقتصاد في الحضارة الفينيقية
الاقتصاد في الحضارة الفينيقية
نشأت الحضارة الفينيقية على ضفاف شواطئ البحر الأبيض المتوسط الممتد من لبنان وسوريا وصولًا إلى فلسطين، ولا ريب أن هذا الموقع الاستراتيجي على الساحل أدى إلى تطور حركة التجارة الداخلية والخارجية على حد سواء، مما أنعش الاقتصاد كثيرًا.
عوامل ازدهار الاقتصاد في الحضارة الفينيقية
يمكن تلخيص عوامل ازدهار الاقتصاد في الحضارة الفينيقية بالنقاط التالية:
- الطبيعة الجغرافية المحيطة، حيث أمكن ذلك من إقامة الموانئ والاتصال التجاري من وإلى حدود الدولة الفينيقية بكل سهولة، بالإضافة لامتهان صيد الأسماك.
- القدرة الصناعية المتطورة التي ساعدتهم على بناء سفن متميّزة ومتينة، والمتمثلة بشكل رئيسي بتوفر الأخشاب اللازمة في جبال لبنان، وتتكوّن هذه السفن من شراع مربع وسارية واحدة ومجاديف يدوية.
- الفطنة والبديهة التي تمتع بها التجار الفينيقيون ، والتي جعلت منهم نموذجًا يُحتذى به في ذلك الزمن، فقد جالوا أفريقيا بكاملها تاركين بصمة فيها وبكل مكان، ويعتبر استقطابهم للصناعات والحرف من الدول المحيطة بهم مثالًا على ذلك، فقد جلبوا معهم الأسماك المملحة والذهب والفضة والقصدير من جزيرة كريت وبحر إيجه، والنحاس والمنتوجات الزراعية من مصر، وغير ذلك الكثير.
- نشر تجارتهم خارج حدود الحضارة الفينيقية عن طريق إقامة المخازن والمحطات التجارية في مناطق مختلفة مثل مصر.
- وصول صيت الفينيقيين التجاري إلى أحد ملوك الفراعنة وهو (نيخاو)، وبتكليف منه طافوا حول أفريقيا كلها، وقد رفع هذا من سمعتهم التجارية حول المنطقة كلها.
- تميز الحرفيين من صانعي الخزف والأواني الفضية والنحاسية والصِباغ الخاصة بالملابس وغيرها، ونقلها عن طريق التصدير إلى مختلف أنحاء أفريقيا.
- إنتاج النبيذ من محاصيل العنب وتصديره إلى الخارج.
- الدعم الجغرافي المميز والاستراتيجي الذي جعل من التجار الفينيقيين وسيطًا تجاريًا بين مختلف الحضارات على امتداد حوض البحر الأبيض المتوسط.
تأثر الاقتصاد بطبيعة الحياة الفكرية والاجتماعية والدينية
قُسمت الدولة الكنعانية أو الفينيقية إلى مدن أو إقطاعيات صغيرة، وكان لكل مدينة حاكم ملكي صلاحياته محدودة جدًا مقارنةً بمجلس الشيوخ الذي كان له سلطة أساسية على الملك شخصيًا، وهكذا فقد كان لكل مدينة ملك وديانة خاصة، حيث كان الفينيقيون يقدسون الكون والطبيعة بشكل عام وهذا هو الجانب الوحيد تقريبًا الذي تشابهت به المدن الفينيقية.
اشتهرت الحضارة الفينيقية بتطور فكري وثقافي كبير، فقد أشارت الاكتشافات إلى أن الفينيقيين قاموا بابتداع لغتهم الخاصة، وقد حدث هذا بعد تأسيسهم لمدينة قرطاج عندما أصبح من الصعب بقاء اعتماد اللغة الكنعانية لغة رسمية، وقد انتشرت اللغة الفينيقية من خلال التجارة إلى مختلف أنحاء أفريقيا، وكانت لغة تواصل التجار مع غيرهم، مما ساعد بطبيعة الحال بانتشار الحضارة الفينيقية، وازدهار الاقتصاد.
تراجع الحضارة الفينيقية
أدى الانقسام السياسي والديني بطبيعة الحال إلى نشوب نزاعات وخلافات بين أهالي الدولة مما زعزع الأمن الداخلي فيها، وأدى لاحقًا إلى تدهور اقتصاد الدولة وأفول نجمها شيئًا فشيئًا، وهكذا شُنت على الدولة العديد من الحملات والحروب التي كانت تعيقها إلى حد ما الحصون والأبراج التي شُيدت حول أسوار المدن، إلى أن انهارت هذه الحضارة على يد الإسكندر المقدوني ، ومن المعروف تاريخيًا أن مدينة صور كانت المدينة الوحيدة التي قاومت باستبسال لآخر رمق.