اشعار حلوة وقصيرة
الشّعر
اختلف علماء اللّغة العربية في تحديد معنىً محدّداً للشّعر، فقال كلّ منهم رأيه الخاصّ به، لكن يتّفق الجميع على أنّ الشّعر هي عواطف مترجمة بلغه سهلة وبسيطة قريبة من النّفس ومُحبّبة، وتختلف مواضيع الشّعر بناء على رغبة الشّاعر وما يراه مناسباً للتّعبير عمّا يدور في داخله، فتراه يكتب في الغزل أحياناً، وفي الهجاء أحياناً أخرى، إلى جانب الوصف، والرّثاء، والحماسة، وغيرها.
دع الأيام تفعل ما تشاء
- هذه القصيدة للشافعي وهو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ، وهو أحد الأئمة الأربعة، ولد في عام 767م، وتوفي في عام 820م، ومن أجمل قصائده هذه القصيدة والتي هي عمودية من البحر الوافر.
دع الأيام تفعـل مـا تشاء
وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تـجزع لحادثـه الليالـي
فما لحوادث الدنيا بقـاء
وكن رجلاً على الأهـوال جلدا
وشيمتك السماحـة والوفـاء
وإن كثرت عيوبك في البرايـا
وسرك أن يكـون لهـا غطـاء
تستر بالسخـاء فكـل عيـب
يغطيه كمـا قيـل السخـاء
ولا ترى للأعـادي قـط ذلاً
فإن شماتـة الأعـداء بـلاء
ولا تـرج السماحة من بخيـل
فما في النار للظمـآن مـاء
ورزقك ليس ينقصـه التأنـي
وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حـزن يـدوم ولا سـرور
ولا بؤس عليـك ولا رخـاء
إذا ما كنت ذا قلـب قنـوع
فأنت ومالـك الدنيـا سـواء
ومن نزلـت بساحتـه المنايـا
فلا أرض تقيـه ولا سمـاء
وأرض الله واسـعـة ولكـن
إذا نزل القضاء ضاق الفضاء
دع الأيام تغـدر كـل حيـن
فما يغني عن الموت الـدواء
يا راعي الود الذي أفعاله
أبو علاء المعري ولد في عام 973م وتوفي في عام 1057م، ويُعد أحد أهم شعراء وفلاسفة العصر العباسي ومن قصائده:
يا راعيَ الوُدّ الذي أفعالُهُ
تُغني بظاهرِ أمرِها عن نَعتِها
لو كنتَ حيّاً ما قَطعتُك فاعتذِر
عني إليكَ لخُلّةٍ بأمتّها
فالأرْضُ تَعلَمُ أنّني مُتَصرّفٌ
من فوْقِها وكأنّني من تَحتِها
غَدَرَتْ بيَ الدّنيا وكلُّ مصاحبٍ
صاحبتُهُ غَدْرَ الشّمالِ بأُختِها
شُغفتْ بوامقِها الحَريصِ وأظهرَتْ
مَقتي لِما أظهَرْتُهُ من مَقتِها
لا بُدّ للحَسناءِ من ذامٍ ولا
ذامٌ لنَفسِي غَيرَ سَيّئِ بَخْتِها
ولقد شرِكتُكَ في أساكَ مُشاطِراً
وحَللتُ في وادي الهمومِ وخَبتِها
وكرِهتُ من بعدِ الثلاثِ تجَشُّمي
طُرُقَ العزاءِ على تغيّرِ سَمتِها
وعليّ أنْ أقضِي صَلاتي بَعدما
فاتَتْ إذا لم آتِها في وَقْتِها
إنّ الصّروفَ كما علِمتَ صَوَامتٌ
عَنّا وكل عبارَةٍ في صَمتِها
مُتَفَقّهٌ للدّهرِ إنْ تَسْتَفْتِهِ
نَفسُ امرئ عن جُرمه لا يُفْتِها
وتكونُ كالوَرَقِ الذّنوب على الفتى
ومُصابُهُ ريح تهُبّ لِحَتّها
جازاكَ رَبّكَ بالجِنانِ فهَذِهِ
دارٌوإن حَسُنَت تغرّ بسُحتِها
ضلّ الذي قال البلادُ قديمةٌ
بالطّبعِ كانتْ والأنام كنَبتِها
وأمامنا يوْمٌ تقُومُ هُجُودُهُ
من بَعدِ إبلاءِ العِظامِ ورَفْتِها
لا بُدّ للزّمَنِ المُسيءِ بنا إذا
قَوِيَتْ حبالُ أُخوّةٍ من بتّها
فاللّهُ يَرْحَمُ مَن مضَى مُتَفَضِّلاً
ويقيك من جَزل الخطوب وشَختِها
ويُطيلُ عمركَ للصّديق فطولُهُ
سبَبٌ إلى غَيظِ العُداةِ وكَبتِها
أريد سلوكم والقلب يأبى
- أحمد شوقي شاعر مصري ولد في عام 1686م، وتوفي في عام 1932م، ولقب بأمير الشعراء وذلك لمكانته العظيمة بين الشعراء، ومن أجمل قصائده الشعرية:
أَريدُ سُلوَّكم والقلبُ يأْبَى
وعتبكُم وملءُ النفس عُتْبى
وأَهجركم فيهجرني رُقادي
ويُضوِيني الظلامُ أَسًى وكرْبا
واذكركم برؤية ِ كلِّ حُسْنٍ
فيصبو ناظري والقلب أصبى
وأَشكو من عذابي في هواكم
وأَجزيكم عن التعذيبِ حُبّا
وأَعلمُ أَن دَأْبكُمُ جَفَائي
فما بالي جعلتُ الحبَّ دأْبا
ورُبَّ مُعاتِبٍ كالعيش، يشكى
وملءُ النفس منه هَوًى وعُتْبى
أتَجزيني عن الزُّلْفَى نِفاراً
عَتَبَتكَ بالهوى وكفاك عَتبا
فكلّ ملاحة ٍ في الناس ذنبٌ
إذا عُدّ النِّفارُ عليكَ ذنبا
أخذتُ هواك عن عيني وقلبي
فعيني قد دَعَتْ والقلبُ لَبّى
وأَنتَ من المحاسن في مِثال
فديتكَ قالَباً فيه وقَلْبا
أُحِبُّكَ حين تثني الجيدَ تِيهاً
وأَخشى أَن يصيرَ التِّيهُ دَأْبا
وقالوا : في البديل رضاً ورووحٌ
لقد رُمتُ البديلَ، فرمتُ صَعبا
وراجعتُ الرشادَ عَساي أَسلو
فما بالي مع السُّلوانِ أَصْبى
إذا ما الكأْسُ لم تُذْهِبْ همومي
فقد تَبَّتْ يدُ الساقي وتَبّا
على أَني أَعَفُّ من احتساها
وأَكرمُ مِنْ عَذَارَى الدير شربا
ولي نفسٌ أُورَيها فتزهو
كزهر الورد نَدَّوْهُ فهبَّا
رمى الله في عيني بثينة بالقذى
- جميل بن عبد الله بن مَعْمَر العُذْري القُضاعي، ولقب بجميل بثينة لحبه الشديد لها، ومن أجمل قصائده لمحبوبته بثينة:
رَمى اللَهُ في عَينَي بُثَينَةَ بِالقَذى
وَفي الغُرِّ مِن أَنيابِها بِالقَوادِحِ
رَمَتني بِسَهمٍ ريشَهُ الكُحلُ لَم يَضِر
ظَواهِرَ جِلدي فَهوَ في القَلبِ جارِحي
أَلا لَيتَني قَبلَ الَّذي قُلتِ شيبَ لي
مِنَ المُذعِفِ القاضي سِمامُ الذَرارِحِ
فَمُتُّ وَلَم تُعلَم عَلَيَّ خِيانَةٌ
أَلا رُبَّ باغي الرِبحِ لَيسَ بِرابِحِ
فَلا تَحمِليها وَاِجعَليها جِنايَةٌ
تَرَوَّحتُ مِنها في مِياحَةِ مائِحِ
أَبوءُ بِذَنبي أَنَّني قَد ظَلَمتُها
وَإِنّي بِباقي سِرِّها غَيرُ بائِحِ
قارئة الفنجان
- نزار توفيق القباني هو دبلوماسي وشاعر سوري ولد في عام 1923م، وتوفي في عام 1998م، وكان أول ديوان شعري له بعنوان (قالت لي السمراء)، كما أنشأ أول دار للنشر له في عام 1967م باسم (منشورات نزار قباني)، ومن قصائد نزار قباني:
جَلَسَت و الخوفُ بعينيها
تتأمَّلُ فنجاني المقلوب
قالت
يا ولدي لا تَحزَن
فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
يا ولدي،
قد ماتَ شهيداً
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتُكَ أسفارٌ وحروب
ستُحِبُّ كثيراً وكثيرا
وتموتُ كثيراً وكثيرا
وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرض
وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحانَ المعبود
فمُها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتُها موسيقى وورود
لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ
وطريقكَ مسدودٌ مسدود
فحبيبةُ قلبكَ يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصرُ كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسُهُ وجنود
وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ
من يدخُلُ حُجرتها مفقود
من يطلبُ يَدَها
من يَدنو من سورِ حديقتها مفقود
من حاولَ فكَّ ضفائرها
يا ولدي
مفقودٌ مفقود
بصَّرتُ ونجَّمت كثيراً
لكنّي لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبداً يا ولدي
أحزاناً تشبهُ أحزانك
مقدُورُكَ أن تمشي أبداً
في الحُبِّ على حدِّ الخنجر
وتَظلَّ وحيداً كالأصداف
وتظلَّ حزيناً كالصفصاف
مقدوركَ أن تمضي أبداً
في بحرِ الحب بغيرِ قُلوع
وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ
وترجعُ كالملكِ المخلوع
أوصيك بالحزن لا أوصيك بالجلد
- وهنا أوصى الشاعر أبو فراس الحمداني في قصيدته بالحزن قائلاً:
أوصيكَ بالحزنِ، لا أوصيكَ بالجلدِ
جلَّ المصابُ عن التّعنيفِ والفندِ
إني أجلكَ أن تكفى بتعزية ٍ
عَنْ خَيرِ مُفْتَقَدٍ، يا خَيرَ مُفتقِدِ
هيَ الرّزِيّة ُ إنْ ضَنّتْ بِمَا مَلَكَتْ
منها الجفونُ فما تسخو على أحدِ
بي مثلُ ما بكَ منْ جزنٍ ومنْ جزعٍ
وَقَدْ لجَأتُ إلى صَبرٍ ، فَلَمُ أجِدِ
لمْ يَنْتَقِصْنيَ بُعدي عَنْكَ من حُزُنٍ
هيَ المواساة ُ في قربٍ وفي بعدِ
لأشركنكَ في اللأواءِ إنْ طرقتْ
كما شركتكَ في النّعماءِ والرّغدِ
أبكي بدَمعٍ لَهُ من حسرَتي مَدَدٌ
وَأسْتَرِيحُ إلى صَبْرٍ بِلا مَدَدِ
وَلا أُسَوِّغُ نَفْسي فَرْحَة ً أبَداً وقدْ
عرفتُ الذي تلقاهُ منْ كمدِ
وأمنعُ النّومَ عيني أنْ يلمَّ بها
عِلْمَاً بإنّكَ مَوْقُوفٌ عَلى السُّهُدِ
يا مُفْرَداً بَاتَ يَبكي لا مُعِينَ لَهُ
أعانَكَ اللَّهُ بِالتّسْلِيمِ والجَلَدِ
هَذا الأسِيرُ المُبَقّى لا فِدَاءَ لَه
يَفديكَ بالنّفسِ والأَهْلينَ وَالوَلَدِ
ولد الهدى فالكائنات ضياء
- قال الشاعر أحمد شوقي في مدح الرسول علية الصلاة والسلام.
ولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والملأ الملائك حوله
للدين والدنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي
والمنتهى و السدرة العصماء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل
واللوح والقلم البديع رواء
يا خير من جاء الوجود تحية
من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بك بشر الله السماء فزينت
وتوضأت مسكاً بك الغبراء
يوم يتيه على الزمان صباحه
ومساؤه بمحمد وضاء
والآي تترى والخوارق جمة
جبريل رواح بها غداء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا
منها وما يتعشق الكبراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل
يغرى بهن ويولع الكرماء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى
وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذا عفوت فقادرا ومقدرا
لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب
هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا خطبت فللمنابر هزة
تعرو الندى وللقلوب بكاء
وإذا أخذت العهد أو أعطيته
فجميع عهدك ذمة ووفاء
أتتك القوافي ما لها عنك مذهب
- ومن أجمل قصائد الشاعر مصطفى صادق الرفاعي:
أتتكَ القوافي ما لها عنكَ مذهب
فأنت بها برٌ وأنت لها أب
وما وجدت مثلي لها اليومَ شاعرا
أياديكَ تمليها عليَّ فأكتب
وهل كلساني إن مدحتك مبدع
وهل كبياني ساحراً حين أنسبُ
دع الشعرَ تقذفه من البحر لجة
إليك ويلقيه من البر سبسب
فإن يمم الغرُّ الميامين مكة
حجيجاً فهذي كعبة الشعرِ يثربُ
طلعت عليها طلعة البدر بعد ما
تجللها من ظلمةِ الظلمِ غيهَبُ
بوجهٍ لو أن الشمس تنظرُ مرةً
إليه لكانت ضحوة الصبح تغرب
فجليتَ عنها ما أدلهمَّ وأبرقت
أسارير كانتْ قبلَ ذلكَ تقطبُ
وهل كنتَ إلّا ابن الذي فاضَ برُهُ
عليها كما انهلَّ الغمام وأعذبُ
فكنْ مثله عدلا وكن مثله تقى
وصن لبنيهِ ما يد الدهرِ تنهبُ
سما بكَ أصلٌ طبق الأفق ذكره
وسارت به الأمثال في الأرضِ تضرب
وقومٌ همُ الغرُّ الكواكب كلما
تغيبَ منهم كوكبٌ لاح كوكبُ
وهم معشر الفاروقِ من كل أغلبٍ
نماه إلى ليث العرينة أغلب
حفظتَ لهم مجدا وكان مضيعا
وأبقيت فخراً كان لولاك يذهب
ونالكَ فضل الله والملكِ الذي
أرى كل ملكٍ دونهُ يتهيبُ
إذا ذكروهُ كبرَ الشرقُ بهجةً
وإن لقبوهُ أكبرَ الشرقِ مغربُ
يصدعُ قلبَ الحاسدينَ وإنهُ
إلى كل قلبٍ في الورى لمحببُ
ويرضي رعاياهُ فيردي عدوهُ
وما زالَ في الحالين يرجى ويُرهبُ
حباكَ بها غراءَ يفترُ ثغرها
وكنتَ لها بعلاً وغيركَ يخطب
وكم أمَلتها أنفسٌ فتحجبت
وبنتُ العلا إلى عن الكفءِ تحجبُ
سموتَ إليها وما ونيتَ وقد أرى
ذوائبَ قومٍ دونها تتذبذبُ
فطر فوقها ما العزّ عنكَ بمبعدٍ
وفضلُ أمير المؤمنينَ مقربُ
كأني بربِّ الروضةِ اليومَ باسماً
وصدِّيقهُ يزهى وجدكَ يعجبُ
ويثرب ممّا أدركت من رجائها
بمقدمك الميمون باتت ترحب
قراءة في وجه حبيبتي
- وهنا يصف الشاعر محمود درويش محبوبته قائلاً:
وحين أحدّق فيك
أرى مدناً ضائعة
أرى زمناً قرمزيا
أرى سبب الموت والكبرياء
أرى لغة لم تسجل
وآلهة تترجل
أمام المفاجأة الرائعة
وتنتشرين أمامي
صفوفاً من الكائنات التي لا تسمى
وما وطني غير هذي العيون التي
تجهل الأرض جسماً
وأسهر فيك على خنجر
واقف في جبين الطفولة
هو الموت مفتتح الليلة الحلوة القادمة
وأنت جميلة
كعصفورة نادمة
وحين أحدق فيك
أرى كربلاء
ويوتوبيا
والطفولة
وأقرأ لائحة الأنبياء
وسفر الرضا والرذيلة
أرى الأرض تلعب
فوق رمال السماء
أرى سببا لاختطاف المساء
من البحر
والشرفات البخيلة