اذا زلزلت الارض زلزالها
إذا زلزلت الارض زلزالها
ورد قوله تعالى: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)، في الآية الأولى من سورة الزلزلة، وصورت الآية ما يحدث يوم القيامة من تغيير لمعالم الأرض ومن أهمها اضطرابها، وتحركها وتزلزلها، ويقصد بالزلزلة الحركة القوية الشديدة، وقد جاءت هذه الآيات تخاطب الذين لا يؤمنون بالبعث تهددهم وتتوعدهم بالزلزلة التي ستقع يوم القيامة، وقد وردت العديد من المعاني في تفسير هذه الآية منها:
- تتناول السّور في مقدّمتها حدثاً من أبرز أحداث يوم القيامة، حيث ترتجف الأرض الثابتة ارتجافاً شديداً، وتزلزل زلزالاً عظيماً، ولفظُ كلّ ما في باطنها، وتُخِرج ما فيها من أجساد ومعادن وغيرها، في مشهدٍ يُوحي بأنّها تتخفّف من أحمالها الباطنة، ثمّ تموج بها موجاً شديداً، وتمور موراً،
- ذهب الإمام القرطبي في تفسيره للسّورة بأنّ المقصود بزلزلة الأرض؛ أي: يوم أنْ تتحرّك من أصلها، وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ زلزلة الأرض تكون في النفخة الأولى، ثمّ يتبع ذلك إخراج الأرض لما في جوفها من الأجساد والأثقال مصداقاً لقوله جلّ وعلا: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ*تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ).
- جاء إضافة المصدر ونسبته للأرض في قوله تعالى: (زِلْزَالَهَا) من باب التّأكيد على هول المشهد، وأنّه هنا على سبيل الاختصاص؛ فهو ليس زلزالاً كالزّلازل المعهودة في أذهان الناس في الدنيا ، حيث يرافق ذلك المشهد ذهول البشر ممّا يحدث للأرض؛ فكأنّهم كالسّكارى من غير سُكْرٍ؛ فلا يدري أحدهم ماذا يفعل، حتى إنّه ليتساءل والحيرة والخوف يغشاه؛ فيقول كما أخبر المولى سبحانه: (وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا).
سورة الزلزلة وسبب نزولها
جاء في سبب نزول سورة الزلزلة أنّ الكفار كانوا يُكثرون السّؤال عن يوم الحساب ، وعن موعده، وقد ذكر المولى -عزّ وجلّ- ذلك عنهم؛ فقال: (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ)، وقال أيضاً: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، فجاءت آيات سورة الزلزلة تكشف لهم علامات ذلك اليوم؛ ليعلموا أنّه من غير الممكن تحديد ذلك اليوم الذي يُعرض الناس فيه على ربهم على وجه التحديد.
وقد بين لهم تعالى أنه اليوم الذي يُجازى فيه كلّ أحدٍ بعمله؛ فيعاقب فيه المذنب بذنبه، والمُحسن بإحسانه، وقد جاء في بعض الروايات أنّ المسلمين كانوا يظنّون أنّهم لا يكافؤون على العمل القليل، وظنّ آخرون أنّ الله لا يجازي على الذّنب الصغير؛ فأنزل الله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
العبر والعظات من سورة الزلزلة
اشتملت سورة الزلزلة على العديد من العظات والعبر ومن أهمها:
- تحذير الناس من أن الأرض تحدث يوم القيامة بما فعلت الخلائق عليها من أعمال خير وشر، ويدل على ذلك قوله تعالى:(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا).
- إخبار الله تعالى الناس أن يوم القيامة الناس تخرج من قبورهم فِرقا، فأهل الجنة يذهبون إلى الجنة، وأهل النار يتجهون إليها، ومنه قوله تعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
- أن العباد تُعرَض أعمالهم على الله يوم القيامة، فالخير لمن يقوم بالخير، والشر لمن يريد الشر. وهذا فيه حث للعباد على فعل الخير وتجنب السوء.