احترام الكبير خلق إسلامي
احترام الكبير خلق إسلامي
الحكمة من اهتمام الإسلام بالكبير
منح الإسلام كبار السنّ الحق في التقدير والإجلال والإحترام؛ لما لهم من فضل في السبق في الوجود والتجربة، كما ولهم السبق في عبادة الله -تعالى-، ويُعدّ الضعف صفة ظاهرة في هذه المرحلة، ويكون الإنسان فيها أحوج إلى المُساعدة والاهتمام من غيرها من مراحل حياته؛ ولذلك جاءت كثير من الأدلّة الشرعيّة التي تدُلّ على الاهتمام بالكبير ابتداءً من الإحسان إلى الوالدين، وكبار السن سواءً كانوا رجالاً أو نساءً ، والعطف على الضُعفاء منهم، ومُساعدة المُحتاجين منهم؛ فقد أوجب الإسلام وجميع الشرائع السماوية السابقة بالإحسان للوالدين ورعايتهم، قال -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، كما وحرّم عقوقهم وعصيانهم بأيّ شكلٍ من الأشكال حتى وإن كان بكلمة أُفّ، وقد جاء عن الحسن بن علي -رضي الله عنه- قوله: لو كان هُناك شيءٌ أدنى في العقوق من كلمة أُف لحرّمه الله -تعالى-، ورعاية الوالدين تكون أوجب ما يكون في حال كبرهما في السن.
رعاية الإسلام بالكبير
يُعد الإسلام ديناً إنسانيّاً يحترم الإنسان، ويحفظ كرامته صغيراً وكبيراً وفي جميع مراحل حياته، وخاصّةً في مرحلة الكبر من حيث توقيره واحترامه والإحسان والعطف عليه.
وقد شمل الإسلام في رعايته للمُسنّين من كان يعيش معهم من غير المُسلمين، وظهر ذلك واضحاً في موقف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما رأى يهوديّاً كبيراً في السنّ يسأل الناس، فسأله: لم تسأل، فأجابه: بسبب الجزية، والحاجة، وكبر السن، فأخذه وأعطاه شيئاً من بيته، وصرف له من بيت مال المُسلمين، وقال: "والله ما أنصفناه إذا أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم"، امتثالاً لقوله -تعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ)؛ فوضع عنه وعن أمثاله الجزية.
مظاهر احترام الكبير
توجد العديد من المظاهر في الإسلام التي تُبيّن احترامه للكبار في السنّ، ومنها ما يأتي:
- توقيرهم واحترامهم كالوالدين ، والبُعد عن كُل ما يؤذيهم من القول أو العمل، وطاعتهم فيما يأمرون من الأفعال الحسنة، وعدم مُخالفتهم، وتقديمهم في الكلام، وفي إقامة الصلاة.
- إجلاسهم في صدور المجالس، وعدم الحديث بوجودهم إلّا بعد استئذانهم، ومُخاطبتهم بلطف وأدب، والقيام لهم وخاصّةً إن كان عالماً أو فقيهاً أو من حفظة كتاب الله -تعالى-، وتعليمهم بطريق التلميح والبُعد عن التصريح، كفعل الحسن والحُسين -رضي الله عنهما- عندما علّما الرجل الكبير الوضوء بالحكمة بطريق التلميح.
- التسليم عليهم؛ فمن السُنة أن يُسلّم الصغير على الكبير ؛ لأنّ حق الكبير على الصغير أعظم.
- إكرامهم وترك الخصومة معهم، وعدم سبقهم إلى طريق، وعدم تجاهلهم أو تقدُّمهم، كما جاء عن الإمام زين العابدين.
- إعطاءهم حُقوقهم وعدم التقصير معهم، والحياء منهم، وترك القبيح في حضرتهم، لفعل الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، قال سمرة بن جندب: (لقَدْ كُنْتُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ غُلَامًا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ عنْه، فَما يَمْنَعُنِي مِنَ القَوْلِ إلَّا أنَّ هَا هُنَا رِجَالًا هُمْ أَسَنُّ مِنِّي).
- رعايتهم، وقضاء حوائجهم، وكشف كُرباتهم، والستر عليهم، وإدخال السرور عليهم.
- عنايتهم ومُراعاة التغيّرات التي تحدُث لهم من الناحية الجسميّة والصحيّة مع تقدُّمهم في السن؛ كضعف البصر، وثُقل السمع؛ فالإسلام راعى هذا الجانب من خلال تخفيف العبادات عليهم ولم يُسقطها عنهم، قال -تعالى-: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)؛ كالفطر في شهر رمضان عند عدم القدرة على الصيام ودفع فدية عوضاً عن ذلك، وهي بمقدار إطعام مسكين عن كُلّ يوم، قال -تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).سورة البقرة، آية: 184.