احبك نزار قباني
شرح قصيدة أحبك لنزار قباني
قصيدة أحبُّكِ للشاعر السوري نزار قباني ، هو شاعر سوريّ عاش في القرن العشرين، وولد في دمشق عام 1923م، في حي مئذنة الشحم، لأسرة عريقة وثريّة، ولها في الأدب باعٌ طويلٌ؛ إذ إنّ جدّه أبو خليل القباني كان من روّاد المسرح العربي، وقد عمل نزار قباني في سلك السياسة دبلوماسيًّا حتى استقال عام 1966م.
وتوفي في العاصمة البريطانيّة لندن عام 1998م، ودُفن في دمشق في موكب تشييع مهيب، وقد كتب هذه القصيدة نحو عام 1950م؛ إذ إنّها صدرت في ديوان "أنت لي" المنشور عام 1950م، ولم يذكر سببًا لكتابة هذه القصيدة.
نظم نزار هذه القصيدة على البحر المتقارب، الذي يُعدّ من البحور السريعة، التي تناسب الغزل والشعر المقتضب، الذي يعتمد على الومض أكثر من غيره، ويقول في القصيدة:
أحبُّكِ حتّى يتمّ انطفائي
:::بعينينِ مثلَ اتِّساعِ السماءِ
قسّم الشاعر نزار قباني قصيدته القصيرة هذه إلى ثلاثة مقاطع، المقطع الأوّل يبدأ بكلمة أحبُّكِ، والمقطع الثاني يبدأ من البيت الرابع بكلمة أحبُّكِ أيضًا، والمقطع الثالث يبدأ من كلمة أحبُّكِ في البيت السابع، فدوران هذه القصيدة على اللازمة المتكررة "أحبُّكِ".
يقول الشاعر هنا لحبيبته إنّه يحبُّها حبًّا يستمرّ حتى الموت، حتى ينطفئ الإنسان ويذبل فتيله، فهو في عشقها كالقنديل المتّقد دائمًا، وهو يحبّ فيها عيونها الواسعة، تلك العيون التي تكون له سماءً يحلّق فيها كعصفور عاشق لا حدود له.
يدلّ هذا على رغبة الشاعر في الحريّة والانعتاق من القيود، ويرى ذلك الانعتاق في عيون حبيبته التي يطير فيها، وربّما كان لون العينين أزرق فذكّر الشاعر بالسماء.
إلى أن أغيبَ وريدًا.. وريدًا
:::بأعماقِ مُنجدلٍ كستنائي
يُكمل الشاعر فيقول إنّه سيبقى يحبّها إلى أن يتلاشى شيئًا فشيئًا في حبّه لتلك المرأة، تلك المرأة ذات الشعر الكستنائي المعقود على شكل جديلة أو جدائل، فالشاعر يريد أن يغيب في جدائل هذا الشعر، ويقول إنّه يريد أن يغيب فيه "وريدًا وريدًا" لأنّ ذلك الحبّ سرى في دمه فصار يجري في عروقه وأوردته مجرى الدم.
كان يمكن للشاعر أن يقول "رويدًا رويدًا" يعني شيئًا فشيئًا، ولكنّه فضّل لفظة أخرى تخدم المعنى بشكل أفضل، وتعبّر عن حالة الحب العنيفة التي يعيشها الشاعر، فجاء بكلمة أخرى من الحروف نفسها مع تقديم وتأخير في بنية الكلمة؛ ليحصل على لفظة تخدم المعنى والذوق العام وتفاجئ القارئ الذي سيقرأها أوّل مرّة "رويدًا".
إلى أن أحسّ بأنّك بعضي
:::وبعضُ ظنوني وبعضُ دمائي
يُتابع الشاعر حديثه عن انصهاره بالحب، فيقول إنّه يريد أن يتماهى بحبّه لمحبوبته، حتى تصيرَ جزءًا منه، فتُصبح جزءًا من جسده، بعضًا منه، وربّما يشير هنا إلى أنّ المرأة خلقَت أساسًا من ضلع الرجل، فيريدها هنا أن تعود لتكون جزءًا منه، كما كانت أمه يومًا جزءًا من أبيه، ويريد لها أن تتماهى معه، لتستحوذ على تفكيره وعلى كلّ ما فيه.
أحبكِ.. غيبوبةً لا تفيقُ
:::أنا عَطَشٌ يستحيلُ ارتوائي
هنا يبدأ المقطع الثاني ليُكرر فيه الشاعر لازمة الحب، فيقول إنّه يريد لحبيبته أن يكون مثل الغيبوبة التي تصيب الإنسان ولا يستيقظ منها، فيريد أن يبقى هائمًا في حبّها ولا يستيقظ منه، يتابع في الشطر الثاني فيشرح سبب قوله الأوّل فيقول إنّه العطَش بحدّ ذاته، وليس رجلًا عطِشًا للحب، بل هو العطش والظمأ، ولذلك لن يرتوي مهما كان.
أنا جعدةٌ في مطاوي قميصٍ
:::عرفتُ بنفضاته كبريائي
يقول الشاعر هنا إنّه يرجو أن يكون طوية في ثنايا قميص المحبوبة، فهو يرجو أن يكون كذلك جزءًا منها كما أنّها جزءًا منه، فيرجو أن يكون جزءًا من قميص تلك المرأة التي تُشعر الشاعر دائمًا بكبريائه وعظمته وقيمته عندها.
أنا -عفوَ عينيكِ- أنتِ.. كلانا
:::ربيعُ الربيعِ.. عطاءُ العطاءِ
هنا يقول الشاعر إنّه هو وهي شخص واحدٌ في جسدين، وهما معًا يعطيان الأشياء حياتَها ونضرتها، كما أنّ اللون الأخضر هو الذي يعطي الربيع الحياة، من خلال نمو النباتات، وإزهار الأشجار، وعودة الحياة لها من جديد بعد فصول التساقط والموت، وهما جوهر العطاء حين يبذل كلّ منهما للآخر كلّ شيء.
أحبُّكِ.. لا تسألي أيّ دعوى
:::جرحتُ الشموسَ أنا بادعائي
هنا يبدأ المقطع الثالث والأخير من القصيدة، ويبدأ باللازمة التي بدأ بها نزار قباني قصيدته وهي "أحبُّكِ"، فيعلن الشاعر حبّه من دون أن يضطرّ لبيان حقيقة دعواه أو أن يبرهن عليها، فدليله واضحٌ وضوح الشمس في كبد السماء.
إذا ما أحبُّكِ.. نفسي أحبّ
:::فنحن الغناءُ.. ورَجْعُ الغناءِ
يختتم الشاعر قصيدته بهذا البيت، فيقول إنّه إذا أحبّها فإنّه يحبّ نفسه، فمن دون الحبّ لا يستطيع الشاعر أن يحيا ويعيش، فإنّه وحبيبته أنشودة خالدة أزليّة سيظلّ الناس ينشدونها كلّما ذكروهما، فكأنّهما صارا أغنية خالدة تُردَّدُ دائمًا.
معاني مفردات قصيدة أحبك
مرّ في قصيدة أحبك لنزار قباني بعض المفردات التي تحتاج إلى شرح، ومنها ما يأتي:
المفردة | معنى المفردة |
غيبوبة | هي حالة من فقدان الوعي، يفقد الإنسان فيها الشعور والإحساس. |
جعدة | هي الخطوط التي تحدث في اللباس بسبب الطوي. |
مطاوي | هي الثنايا في الشيء. |
الصور الفنيّة في قصيدة أحبك
مرّ في قصيدة أحبّك لنزار قباني بعض الصور الفنية، ومنها ما يأتي:
- حتى يتم انطفائي
شبّه الشاعر نفسه بقنديل أو سراج ينطفئ بعد أن ينضب زيته، فحذف المشبه به، وأبقى على شيء من لوازمه؛ وتُعد الصورة الفنية استعارة مكنيّة .
- بعينينِ مثلَ اتِّساعِ السماءِ
تشبيه تام الأركان، ذكر الشاعر المشبّه وهو العيون، والمشبه به وهو السماء، وأداة التشبيه وهي "مثل"، ووجه الشبه وهو الاتساع.
- أنا عَطَشٌ
تشبيه بليغ، ذكر الشاعر المشبّه وهو "أنا" والمشبّه به وهو "عطَش" وحذف أداة التشبيه ووجه الشبه.
الأفكار الرئيسة في قصيدة أحبك
إنّ الأفكار الرئيسة في قصيدة أحبك لنزار قباني كثيرة، منها ما يأتي:
- حب الشاعر لمحبوبته أعظم من كثير من الماديات.
- حب الشاعر لمحبوبته عظيم حدّ أنّه يرجو لو كان هو وهي في جسد واحد لا يفترقان.
- الحب هو الذي يعطي الحياة حياتها ومعناها.
كلمات قصيدة أحبك
إنّ كلمات قصيدة أحبك للشاعر السوري نزار قباني هي:
أحبُّكِ.. حتّى يتمّ انطفائي
:::بعينينِ مثلَ اتِّساعِ السماءِ
إلى أن أغيبَ وريدًا.. وريدًا
:::بأعماقِ مُنجدلٍ كستنائي
إلى أن أحسّ بأنّك بعضي
:::وبعضُ ظنوني.. وبعضُ دمائي
أحبكِ.. غيبوبةً لا تفيقُ
:::أنا عَطَشٌ يستحيلُ ارتوائي
أنا جعدةٌ في مطاوي قميصٍ
:::عرفتُ بنفضاته كبريائي
أنا -عفو عينيكِ- أنتِ.. كلانا
:::ربيعُ الربيعِ.. عطاءُ العطاءِ
أحبُّكِ.. لا تسألي أيّ دعوى
:::جرحتُ الشموسَ أنا بادعائي
إذا ما أحبُّكِ.. نفسي أحبّ
:::فنحن الغناءُ.. ورَجْعُ الغناءِ