ابن حبان البستي (من كبار أئمة علم الحديث والجرح والتعديل)
ابن حبَّان
هو الإمام العلامة الحافظ المُجوّد، شيخ خرسان، أبو الحاتم، محمّد بن حبَّان بن أحمد بن حبَّان بن معاذ بن معبد التميمي البُستي، وُلِد في مدينة بُست بإقليم سجستان في عام 270 هجريًّا، وتنقّل في طلب العلم والحديث بين كثيرٍ من الأقطار في شتَّى أرجاء العالم الإسلامي؛ فرحل إلى خرسان، والشام، ومصر، والعراق، والجزيرة، ونيسابور، و تعلّم ابن حبان على يد كثيرٍ من المشايخ وأئمة العلم، ومنهم: أبو خليفة الفضل بن الحباب، وأبو عبد الرحمن النسائيّ، وجعفر بن أحمد بدمشق، واستغرق ابن حبَّان في رحلاته ما يُقارب أربعين عامًا، توّلى خلالها قضاء سمرقند مدَّة، ثم عاد إلى نيسابور، ومنها إلى بلدته بُست، وظلَّ فيها حتى لبَّى نداء ربِّه سنة 354 هجريًّا، ودُفن بقرب داره في بُست.
مِحنة ابن حبَّان
تعرَّض ابن حبَّان إلى محنةٍ كادت أن تودي بحياته، وتقضي على تراثه، وهي من أعجب المِحن والفِتن، وتدل على مدى خطورة الجهل بمعاني الألفاظ ومدلولاها، ومفاد الحادثة أنَّ ابن حبَّان أثناء إلقائه لأحد الدروس في مدينة نيسابور سُئل عن النبوة فقال: "النبوة: العلم والعمل"، فقام إليه أحد الوعاظ واتهمه بالزندقة والقول بأنّ النبوّة مكتسبةٌ لا من الله تعالى، وارتفعت الأصوات في المجلس وهاج الناس، حتّى كتب خصوم ابن حبَّان محضرًا بالواقعة، وحكموا عليه بالزندقة، ومنعوا الناس من الجلوس إليه والأخذ عنه، وهُجِر ابن حبَّان، وتمادى خصومه في أذيته، فكتبوا إلى الخليفة العباسي آنذاك يشيرون بهدر دمه، وبعد أخذٍ وردٍّ اتضحت براءة ابن حبَّان، إلّا أنّهم أجبروه أن يغادر مدينة نيسابور إلى سجستان، وعاد منها إلى بلدته بُست، وظلَّ فيها حتّى توفي -رحمه الله- وأحسن إليه.
وقد قال الإمام الذهبيّ في دفاعه عن ابن حبَّان: إنّ قوله: "النبوّة: العلم والعمل"، قد يقولها المسلم والزنديق، والمسلم يقصد بها مهمّة النبوّة، إذ إنّ من أكمل صفات النبيّ العلم والعمل، وليس كلَّ من برز في العلم والعمل نبيًّا؛ لأنّ النبوّة اصطفاءٌ من الله، ولا حيلة للعبد في نيلها أو اكتسابها، وهي كقوله عليه الصلاة والسلام: "الحجُّ عرفة"، فمعلومٌ أنّ الحاجّ لا يصير حاجًّا بمجرد وقوفه بعرفة، بل هناك أركانٌ وفروضٌ لا بد منها؛ حتى يصير العبد حاجًّا، وهكذا العلم والعمل مهمّان للنبوّة، وهذا ما قصده ابن حبَّان.
مؤلفات ابن حبَّان
لابن حبَّان مصنفاتٌ كثيرةٌ وشهيرةٌ ، لم يبقَ منها إلّا القليل؛ ذلك لأنّه أوقف كتبه كلها لطلبة العلم في الدار، فلما انتشرت الفِتن، وضَعُفت الخلافة، استولى المفسدون على داره، وأتلفوا كتبه العلميّة، وهذهِ أبرزها:
- المسند الصحيح في الحديث.
- التقاسيم والأنواع.
- الثقات.
- السيرة النبويّة وأخبار الخلفاء.
- علل أوهام أصحاب التواريخ.
- كتاب الصحابة.
- كتاب التابعين.
- كتاب المجروحين.
- روضة العقلاء ونزهة الفضلاء.
- الإحسان في تقريب صحيح ابن حبَّان، وهو مشهورٌ باسم: صحيح ابن حبّان .
- مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار
- غرائب الأخبار.