إنفاق أبو بكر في سبيل الله
أبو بكر صاحب رسول الله
هو عبد الله بن أبي قُحافة عثمان بن كعب التيميّ القرشيّ، وأمّه هي سلمى بنت صخر بن عامر التيميّ، كان أبو بكر سيداً من سادات قريش وأشرافها، وقد تميّز فيما بينهم بالحكمة ورجاحة العقل، وترك شرب الخمر وعبادة الأصنام، وقد وُرد أنّه كان حنيفاً على دين إبراهيم عليه السلام، تزوّج أبو بكر -رضي الله عنه- زوجتين، هما: قتيلة بنت عبد العزّى، وأمّ رومان بنت عامر بن عُويمر، أمّا أولاده فهم عبد الله، وعبد الرحمن، وعائشة، ومحمد، وأم كلثوم، وأسماء رضي الله عنهم.
نال أبو بكر -رضي الله عنه- شرف الأسبقية إلى الإسلام، فكان أول من آمن مع النبي -عليه السلام -من الرجال، وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يحبّه حباً شديداً، وكثيراً ما امتدحه وأثنى عليه، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إن مِن أَمَنِّ الناسِ عَلَيَّ في صحبتِه ومالِه أبا بكرٍ، ولو كنتُ مُتَّخِذاً خليلاً من أمتي لاتخَذْتُ أبا بكرٍ، إلا خُلَّةَ الإسلامِ، لا يَبْقَيَنَّ في المسجدِ خَوْخَةٌ إلا خَوْخَةَ أبي بكرٍ)، ولقد كان أبو بكر -رضي الله عنه- أول خليفةً للمسلمين بعد وفاة النبي عليه السلام، فبُويع بها سنة 11 للهجرة، واستمرّت خلافته سنتين وأربعة أشهرٍ تقريباً، توفي أبو بكر -رضي الله عنه- سنة 13 للهجرة، ودفن بجوار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في بيته.
إنفاق أبي بكر في سبيل الله
اجتمع في أبي بكر -رضي الله عنه- الكثير من الصفات الصالحة والأخلاق العظيمة، منها الإنفاق في سبيل الله، إذْ كان كريماً معطاءً يخرج كلّ ما لديه ابتغاء رضوان الله تعالى، وفيما يأتي شيءٌ من مواقف كان فيها إنفاق أبي بكر سخيّاً لله تعالى:
- نادى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يوماً في المسلمين، وأمرهم أن يتصدّقوا في سبيل الله، فبادر إلى ذهن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّه يريد أن يسبق أبا بكرٍ في الصدقة يومها، فأحضر نصف ماله، ووضعه بين يدي رسول الله عليه السلام، وانتظر قدوم أبي بكر، فإذا هو آتٍ، ووضع ماله بين يدي رسول الله عليه السلام، فسأله رسول الله عليه السلام: (يا أبا بكرٍ: ما أبقيتَ لأهلِكَ ؟ فقال: أبقيتُ لهمُ اللهَ ورسولَهُ)، فكان أبو بكر -رضي الله عنه- قد أحضر كلّ ماله حينها، وأخرجه في سبيل الله.
- أعتق أبو بكرٍ -رضي الله عنه- عشرين من الصحابة من العبودية، وأنفق في ذلك أربعين ألف ديناراً، ولقد قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً أنّ بلالاً يُعذّب وهو عبد، ففهم أبو بكر أنّ النبي -عليه السلام- يريد أن يعتقه، فذهب إلى منزله فحمل رطلاً من ذهب، وذهب فاشترى بلالاً وأعتقه لوجه الله.
- أنفق أبو بكر كلّ ما معه من مالٍ في سبيل الله يوم الهجرة ، مع النبي صلّى الله عليه وسلّم.
- عندما توفي أبي يكرٍ لم يُبق درهماً ولا ديناراً، فقد كان طوال الوقت منفقاً في سبيل الله، لا يدخّر لنفسه شيئاً.
مواقف من حياة أبي بكر
كثيرة جداً المواقف التي جمعت نبي الله -عليه السلام- بأبي بكر رضي الله عنه، فيما يأتي ذكر لشيءٍ من سيرة أبي بكر:
- شهد أبو بكرٍ -رضي الله عنه- كلّ المشاهد والغزوات مع النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يتخلّف عن أيٍّ منها، وقد زوّج للنبي -عليه السلام- ابنته عائشة رضي الله عنها، كما أنّه أوّل من آمن من الرجال، وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
- أصبح أبو بكر يوماً صائماً، وفي ذات اليوم تبع جنازةً، وزار مريضاً، وأطعم مسكيناً، فقال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فيه :(ما اجتمَعْنَ في امرئٍ، إلّا دخل الجنَّةَ).
- بلغ من ورعه أنّ غلاماً له جاءه فأعطاه شيئاً من طعامٍ فأكله، ثمّ سأله أبو بكر من أين أتى بالطعام، فأجاب أنّه تكهّن بشيءٍ لأحد الناس بالخديعة، فأعطاه هذا الطعام مقابله، فلمّا سمع أبو بكر الكلام وضع يده في فمه، فقاء ما في بطنه من الطعام؛ خوفاً من أكل الحرام.
- أبو بكر هو صاحب أبواب الجنّة كلّها، إذ دعا له النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أن يدخل من أبواب الجنة الثمانية.
- اختاره النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ليكون رفيقه في الهجرة، ففي الحديث الذي ترويه عائشة رضي الله عنها، أنّ النبي -عليه السلام- أتاهم وقت الظهيرة، فأخبر أبا بكر أنّ الله -تعالى- قد أذن له بالهجرة، فطلب إليه أبو بكر الصُحبة، فأجاب النبي -عليه السلام- بذلك، فبكى أبو بكر -رضي الله عنه- من الفرح.
- لم يدخّر أبو بكر في مسير الهجرة أي جهدٍ لحماية النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتأمين راحته، فكان يتحرّك تارةً أمامه وتارةً خلفه، وعن يمينه وشماله، يراقب أي تحركٍ قد يأتي بسوءٍ، ثمّ حذر عليه في الغار حين وصل المشركون إلى حيث هم، فنزلت فيه آيات كريمة هن قول الله تعالى: (ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها).
- ثبت أبو بكر -رضي الله عنه- يوم وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وثبّت المسلمين، ثمّ تولّى الخلافة من بعده، فأتمّ إرسال الجيوش، وقام بحروب الردة ، وفتح الشام والعراق، وجُمع في عهده القرآن الكريم.