أين يقع مرقد السيدة زينب
مكان مرقد السيدة زينب
يُشار إلى أنّ مرقد السيدة زينب يُقصد به مكان قبر زينب بنت علي -رضي الله عنهما-، وهي ابنة فاطمة الزهراء ، وأخت سبطيّ رسول الله الحسن والحسين، تُوفّيت في عام 62 هـ، وقد كثُرت الأقوال في مكان دفن السيدة زينب -رضي الله عنها-، لكنّ القول الأظهر والأصحّ عند العلماء أنّها دُفنت في المدينة المنوّرة مع أهلها حيث عاشت.
ما جاء في روايات أخرى عن مكان مرقدها
حُكِيَ في بعض الروايات أن السيدة زينب بنت علي -رضي الله عنها- لها مقامٌ في دمشق، وقيل: بل مقامها في مِصر، وهو مشهور أكثر من القول الأول، ويقصدهما كثيرٌ من الناس، ولكن ما مدى صحّة هذين القولين، وهل هناك دليلٌ عليهما، هذا ما ستحدّثنا به المباحث الآتية بشيءٍ من التفصيل:
نفي القول بأنها مدفونة في مصر
قال الكثير من أهل العلم إنّ المشهد الموجود في مصر والذي يتعلّق بالسيدة زينب ليس لها، وليست مدفونة فيه، بل إنّ السيدة زينب لم تأتِ إلى مصر أصلاً، فقد عادت بعد مقتل أخيها الحسين من الشام إلى المدينة، ولم تذهب لمصر، ولا يوجد أيّ دليل يُثبت أنّ السيدة زينب مدفونة في مصر، والأصحّ أنّها مدفونة في المدينة، ومما يدلّ على ذلك ما يأتي:
- قول الشيخ محمد المطيعي -مفتي الديار المصرية في زمنه-
يُبيّن الشيخ محمد المطيعي أنّ الطبري وابن الأثير -رحمها الله- جزما بأنّ السيدة زينب -رضي الله عنها- رجعت مع أخواتها ونساء الحسين إلى المدينة بعد أن قُتِل، ثم يُتبع ويقول: "ولا عبرة بمن يشذ عنهما -أي الطبري وابن الأثير- وعليه: فلا مدفن لها في مصر، ولا جامع، ولا مشهد".
- قول الأستاذ فتحي حافظ الحديدي
قال إنّ آخر ما ذكره وسجّله المؤرّخون بخصوص السيدة زينب بنت علي -رضي الله عنها- هو ما ذكره المؤرّخ ابن عساكر -رحمه الله- في كتابه "تاريخ دمشق"، حيث قال إن معاوية -رضي الله عنه- أمر نعمان بن بشر أن يصحب السيدة زينب ومن معها من الشام إلى المدينة.
ثم أتبع فقال: "وبعث معهم رجلاً من أهل الشام أميناً صالحاً في خيل وأعوان فسار بهم إلى المدينة المنورة ، وقد دفنت بها كما هو ثابت في التاريخ، وفي الواقع الحالي هناك"، وهو ما ذكر مثله ابن الأثير -رحمه الله-.
- عدم ذكر ذلك من الرّحالة
زار العديد من الرّحالة مصر، وكتبوا عنها بالتفصيل، وذكروا مزاراتها والأضرحة الموجودة فيها، ولكن لم يتحدّث أحد منهم عن وجود مرقد السيدة زينب فيها، ومن هؤلاء الرحالة: ابن بطوطة، والحموي، وابن جبير، والهروي، وغيرهم.
والذي ذكر وجود قبر للسيدة زينب في مصر هو الرحالة الكوهيني، ولكن أنكر عليه العلماء ذلك، خاصة أنّ الرّحالة أو المؤرّخين الذين عاصروه لم يذكروا شيئاً من ذلك، مثل المؤرّخ ابن زولاق الذي كان اهتمامه منصباً على تحرير وتسجيل الأحداث في مصر خاصة.
- اتفاق المؤرّخين على عدم مجيء السيدة زينب لمصر
اتّفق المؤرّخون على عدم إتيان السيدة زينب إلى مصر، وبالتالي فهي غير مدفونة فيها، ومن هؤلاء: ابن ميسر، وابن الزيات المصري، ونور الدين السخاوي، والحافظ السخاوي، والحافظ السيوطي، وغيرهم.
نفي القول بأنها مدفونة في دمشق
زعم قومٌ أنّ السيدة زينب بنت علي -رضي الله عنها- قد دُفِنت في دمشق، وقالوا إنّ زوجها عبد الله بن جعفر رحل إلى الشام بسبب مجاعةٍ أصابت المدينة، وأخذها معه إلى بستانٍ له في الشام، فمرضت وماتت هناك، ولكنّ العلماء ردّوا على ذلك وبيّنوا عدم وجود أي دليل على هذا القول.
ولم يذكر أي مؤرخ وجود بستان لزوجها خارج المدينة، يقول السيد محسن الأمين العاملي: "يجبُ أن يكون قبرها في المدينة المنوّرة، فإنّه لم يثبت أنها ـبعد رجوعها للمدينةـ خَرجت منها، وإن كان تاريخ وفاتها ومحل قبرها بالبقيع مجهولاً، وكم من أهل البيت أمثالها من جُهِلَ محلّ قبره وتاريخ وفاته، خصوصاً النساء".