قصة بئر رومة
قصة بئر رومة
كان المسلمون يعانون من نقص المياه التي يشربون منها، بعد هجرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنورة، وكان المسلمون يشترون الماء العذب للشرب من بئر رومة؛ وهو بئر يمتلكه يهودي يعيش في المدينة المنورة، وكان من المسلمين من لا يملك ثمن الماء ليشتريه.
من هنا رّغِب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يشتري هذا البئر أحد من المسلمين؛ ليتمكن الجميع من الشرب من الماء العذب من غير ثمن، وحثّهم على ذلك،فلمّا سمع بذلك عثمان بن عفان -رضي الله عنه- دخل إلى مسجد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وكان فيه علي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد -رضي الله عنهم-.
ووقف عليهم عثمان يسأل: أهاهنا علي؟، أهاهنا طلحة؟، واحداً تلو الآخر حتى أجابوه، فسألهم بالله -تعالى- واستحلفهم بأن يخبروه إن كانوا قد سمعوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن مُشتري بئر رومة له مغفرة من الله، فأجابوه عن ذلك؛ فأخبرهم بأنّه اشتراها وجعلها وقفًا للمسلمين .
دليل القصة من السنة النبوية
وقد ورد في السنّة النبوية الصحيحة قصة بئر رومة؛ حيث جاء عن الأحنف بن قيس -رضي الله عنه- أنّه قالَ عثمانُ: (أنشدُكُم باللَّهِ الَّذي لا إلَهَ إلَّا هوَ، هل تعلمونَ أنَّ رسولَ اللَّهِ، قالَ: من يبتاعُ بئرَ رومَةَ غفرَ اللَّهُ لَهُ؟ فأتيتُ رسولَ اللَّهِ فقلتُ: قد ابتعتُ بئرَ رومةَ، قالَ: فاجعَلها سقايةً للمسلمينَ وأجرُها لَكَ، قالوا: نعَم).
وقد اشترى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بئر رومة طمعًا في الأجر والثواب، ولنيل المغفرة التي وعد الله -تعالى- بها، وكان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قد اشترى من اليهودي في البداية نصف البئر باثني عشر ألفًا، وجعل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- البئر يومًا له فينصب عليه دلوه، ويومًا لليهودي وينصب فيه دلوه على البئر.
وكان الناس يستقون الماء من البئر في يوم عثمان ما يكفيهم ليومين، فلمّا رأى اليهودي ذلك، وأنّه لم يعد ينتفع من البئر كالسابق، قال اليهودي لعثمان بن عفان -رضي الله عنه-: "أَفْسَدتَّ عليّ بِئْرِي، فاشَتَرِ بَاقِيَها"، فاشترى منه عثمان -رضي الله عنه- باقي البئر بثمانية آلاف، وجعل بئر رومة وقفًا لجميع المسلمين ليشربوا منه.
موقع بئر رومة
تقع بئر رومة في المدينة المنورة في حي الأزهري؛ وهي منطقة زراعيّة تاريخيّة توجد في الشمال الغربي من المدينة المنورة، على بعد خمسة كيلو متر تقريبًا من مسجد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولا تزال بئر رومة تضخ الماء العذب الصافي حتى الآن.
وبئر رومة في الوقت الحاضر تحت إشراف وزارة الزراعة في المملكة العربية السعودية، وتبلغ مساحة بئر رومة نحو (603.4) متراً مكعباً، ونصف قطرها أربعة أمتار، وعُمق هذه البئر (12) مترًا، ويحيط بها المزارع والأشجار المثمرة، وهي صدقة قدّمها عثمان بن عفان -رضي الله عنه- منذ ألف وأربعمائة عام.