أين يقع قبر مريم العذراء
مكان قبر السيدة مريم
إنّ ما جاء في النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عن السيدة مريم -عليها السلام- لم يُتَطرَّق فيه لموضع قبرها وكيفية وفاتها، بل كان التركيز على قصّتها من حيث ولادتها، وتفرّغها للعبادة، وكفالة زكريا -عليه السلام- لها، ومن ثم ولادتها لنبيّ الله عيسى -عليه السلام- دون زواج.
وقيل إنّ ما ورد في وفاتها ودفنها روايات غير ثابتة وضعيفة، ولا يضرّ الجهل بها، ومنها ما كان منقولاً من روايات أهل الكتاب، فلا نستطيع الجزم بأمرٍ لم يخبرنا عنه الوحي، فالناتج أنّ مكان قبرها غير ثابت شرعاً، لأن النصوص الشرعية الصحيحة لم تُخبر بشيءٍ عن ذلك.
ما نُقل من أهل الكتاب عن مكان قبرها
أورد بعض أهل العلم في كتبهم عدّة روايات محتملة عن مكان قبر السيدة مريم -عليها السلام-، لكنّ غالب هذه الروايات غير ثابتة لأنّها منقولة عن أهل الكتاب، أي من الإسرائيليات، فلا يُصدّقها المسلم لعدم ثبوتها، ولا يُكذّبها لعدم مخالفتها للشرع، ومما جاء في مكان قبرها ما يأتي:
- ذكر ابن بطوطة في كتابه "رحلة ابن بطوطة" أثناء الحديث عن المشاهد والمعالم في فلسطين أنّ قبر السيدة مريم موجود في القدس في بطن الوادي، وقد بُني عليه فيما بعد كنيسة يُعظّمها النصارى.
- ذكر المقدسي في كتاب "البديع في تفضيل الإسلام" أنّ الكنيسة التي بنيت على قبر السيدة مريم -عليه السلام- في القدس هي كنيسة الجسمانية، وقبرها موجودٌ تحت قبّتها.
- نقل ابن الجوزي في كتابه "فضائل بيت المقدس" رواية لا يعوّل عليها تبيّن أن قبر السيدة مريم موجود على يسار المسجد الأقصى .
- فصّل عزّ الدين ابن شداد في شكل المكان الموجود فيه القبر، فبيّن أنّ هناك 36 درجة يُنزل فيها إلى القبر، وفي المكان عموماً العديد من الأعمدة المصنوعة من الصخر الخام، وفيها أربعة أبواب، وتحت قبّة الكنيسة 16 عاموداً.
- أورد ابن الوردي أنّ قبر السيدة مريم موجود حاليا في تلك الكنيسة وتحديداً قرب باب يُسمّى بباب الأسباط.
- ذكر العليمي أنّ قبر السيدة مريم موجود في طرف جبل الطور في فلسطين.
قبر السيدة مريم عند النصارى
يعتقد كثير من أصحاب الديانة النصرانية أنّ القبر الفارغ للسيدة مريم -عليها السلام- يقع عند أول منحدر لجبل الزيتون، بالقرب من كنيسة الجسمانية، وهي كنيسة تقع في وادي قدرون، وتحديدا عند التقاء الطرق بين مدينة القدس والطور وسلوان، وهذا الوادي يُسمّى بوادي النار وادي المقدس وغيرها من الأسماء.
وكون القبر فارغاً ناشئٌ من نظرة أتباع الديانة المسيحية أنّ مريم العذراء قد انتقلت بالنفس والجسد إلى السماء بعد انتهاء حياتها على الأرض، وأنها تعيش في سماء الله بكامل كيانها، نفساً وجسداً، ويرى المؤرخون المسيحيون أنّ كتابهم المقدس يؤكّد على أنّ مريم -عليها السلام- كانت أولى من دُعيت بجسدها وروحها لتشارك ابنها الفداء، ولتكون معه في قيامته وفقاً لما يعتقده أصحاب الديانة المسيحية في عيسى -عليه السلام-.
كما ظهرت عقيدة انتقال العذراء إلى السماء في كتابات القديس يوحنا الدمشقي، وتعتقد الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية أنّ الانتقال قد تمّ بعد مدّة قصيرة من وفاتها في بستان الزيتون، وهو ذات المكان الذي يعتقد المسيحيون أنّه صلب فيه.