أين تقع بلاد الشام
موقع بلاد الشام
تحتلّ بلاد الشام الواقعة في الجزء الأوسط من غرب قارّة آسيا منطقةً جغرافيةً شاسعة الامتداد، فهي تقع بين الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسّط والصحراء العربية، وتضمّ كلّاً من سوريا، والأردن، ولبنان ، وفلسطين، وتتربّع على مساحة إجمالية تبلُغ حوالي 307,134كم، إذ تمتدّ على عرض يتراوح بين 113-161 كيلومتراً، وطول يصل إلى نحو 644 كيلومتراً، وتحتلّ بلاد الشام المناطق الوسطى والغربية من الهلال الخصيب، أمّا فلكياً فتقع عند تقاطع خطيّ طول 34,11-42.44 شرقاً مع دائرتيّ عرض 29,08-37.20 شمالاً.
أهمية موقع بلاد الشام
تحتلّ منطقة بلاد الشام موقعاً جغرافياً استراتيجياً، فهي تربط بين ثلاث قارّات حول العالم، وتُعدّ حلقة وصل بين أواسط آسيا، والهند، والصين من جهة، والجزيرة العربية، والعراق، ومصر، وشمال أفريقيا، والنواحي الغربية من جهة أخرى، الأمر الذي جعل منها مركزاً حيوياً في العالم القديم، ومحطّة نقل للحضارة والمعرفة من الشرق إلى الغرب، بالإضافة إلى كونها طريقاً مهمّاً في التجارة، وخاصّةً في فترة العصور الوسطى، ممّا أدّى لاعتبارها مركزاً من أكبر مراكز التجارة في العالم، إذ كان يأتي إليها التجّار من كافّة الدول؛ لتميّز أسواقها بالبضائع الفريدة والنادرة.
حظيت بلاد الشام نظراً لموقعها الجغرافي بأهمية كبيرة، إذ نشأت على أراضيها العديد من السلالات والامبراطوريات المختلفة، كما كانت هدفاً للفاتحين عبر الزمن؛ فقد قدم إليها الفراعنة، والبابليون، والفرس، وعدد من السلاطين والقادة كغازان، وهولاكو، وتيمورلنك، بالإضافة إلى نابليون، وغيرهم من العرب، والإنجليز، والفرنسيين الذين قدموا للبلاد عن طريق البرّ أو البحر، وتميّزت منطقة بلاد الشام أيضاً في العصور القديمة والوسطى بمخزونها الثقافي الذي جعلها تعيش حالةً من الازدهار والتطوّر الفكري دوناً عن غيرها من المناطق؛ وذلك بسبب تنوّع ثقافات الأشخاص الذين قدموا إليها.
حدود وتقسيمات بلاد الشام
اختلف الجغرافيون الأوائل في رسم حدود وتقسيمات بلاد الشام، وإعطاء وصف دقيق وواضح لملامح الطبيعة الجغرافية السائدة فيها، كما اختلفوا على التسميات في تقسيمها، فمنهم من قال عن تقسيماتها أجناداً، ومنهم من ذكرها كوراً، وقد وُضِّحت حدود بلاد الشام قديماً، فوصفت على أنّه يحدّها البحر الأبيض المتوسّط من الغرب، ومصر وتيه سيناء من الجنوب، أمّا من الشرق فتحدّها البادية التي تمتدّ من آيلة إلى الفرات، ومنه إلى حدّ الروم، إذ تقع بلاد الروم شمال بلاد الشام.
مرّ على أراضي بلاد الشام عدد من الأقوام والحضارات، ومنهم العهد الروماني الذي استمرّ لمدّة سبعة قرون إلى أن جاء الفتح الإسلامي، والذي تقسّمت بعده البلاد بشكلٍ عرضيّ إلى أجناد، فكان هناك جند فلسطين، ومركزه القدس، والذي امتدّ من أقصى جنوب بلاد الشام حتّى وادي اللجون، ثمّ في الجزء الشمالي منه جند الأردن، ومركزه طبريا، ويليه شمالاً جند دمشق، ثمّ جند حمص، وبعد ذلك أُضيفَ جند قنسرين، أمّا اليوم فتشمل بلاد الشام كما ذُكِر سابقاً كافّة أقاليم وأراضي فلسطين، والأردن، ولبنان، وسوريا.
جغرافية بلاد الشام
التربة والمياه
تتميّز بلاد الشام بجبالها، وسهولها الشاسعة ذات التربة الخصبة، بالإضافة إلى الموارد المائية الوفيرة التي قد تتّخذ شكل أنهار؛ كنهر سيحان، وجيجان، والفرات، ونهر الأردن ، إلى جانب عدد من الأنهار الصغيرة التي تنبُع من الجبال المطلّة على البحر الأبيض المتوسّط وتصبّ فيه، وتجري من قمم الجبال بشكل مفاجئ غالباً، وبسرعة كبيرة، وانحدار شديد، وتتميّز بأنّها قد تجفّ خلال فصل الصيف، كما يوجد عدد من الأنهار التي تشكّلت بسبب الصدع الإفريقي، والتي تنبع من المرتفعات والهضاب الداخلية، وتصبّ في البحر الأبيض المتوسّط؛ ومنها نهر العاصي، ونهر الليطاني.
تتنوّع الموارد المائية في بلاد الشام بشكل كبير، إذ يوجد فيها أيضاً عدد من البحيرات العذبة؛ كبحيرة طبريا ، وبحيرة انطاكيا، إلى جانب العديد من عيون الماء المتوزّعة في عدد من مدن البلاد، كمدينة القدس، وتتميّز بلاد الشام بتنوّع كبير في الغطاء النباتي، بالإضافة إلى خصوبة وجودة تربتها، إذ تُعدّ مدينتي القدس وحمص من أكثر مدن بلاد الشام خصوبة، الأمر الذي يجعل من البلاد منطقةً ذات إنتاج زراعي متقدّم.
التضاريس
تتباين تضاريس بلاد الشام على طول امتدادها من الشمال إلى الجنوب، وفيما يأتي بعض من أهمّ التضاريس التي تتميّز بها المنطقة:
- السهول الساحلية: تمتدّ على طول ساحل البحر الأبيض المتوسّط، ابتداءً من سهول اسكندرون الموجودة في شمال سوريا، ووصولاً إلى السهل الساحلي الفلسطيني الموجود في جنوب قطاع غزّة، ويتحدّد اتّساع وضيق الساحل وِفقاً للسهول المحيطة به، إذ تتّسع السهول الموجودة في كلّ من المناطق اللبنانية عكّار، وصيدا، وصور، ونتيجة لذلك يتّسع الطريق الساحلي فيها، بينما يضيق الساحل في سهول فلسطين؛ بسبب فصل جبال الكرمل لشمال السهول عن جنوبها.
- سلسلة جبال بلاد الشام الغربية: تمتدّ من الشمال إلى الجنوب، وتُعدّ قمّة القرنة السوداء في شمال جبال لبنان أعلى نقطة فيها، إذ يصل ارتفاعها إلى 3,088 متراً، وتنحدر هذه السلسلة وصولاً إلى حفرة الانهدام، وتنتهي في جبال فلسطين جنوباً، والتي لا تقلّ معدّلات ارتفاعها عن 1,000م، وتعدّ سلسلة الجبال الغربية حلقة وصل بين المدن الساحلية والمدن الداخلية في سوريا وجبال لبنان الغربية، بالإضافة إلى وجود ممرّ ظهر البيدر الذي يمثّل اتّصالاً طبيعياً بين دمشق وبيروت.
- حفرة الانهدام: تُعدّ جزءاً من الانهدام الآسيوي الإفريقي العظيم، وتمتدّ من أقصى شمال سوريا وحتى البحر الأحمر، وتحديداً من وادي النهر الأسود، وسهل العمق، ونهر العاصي في سوريا، ومروراً بسهل البقاع في لبنان، وحتّى نهر الأردن، والبحر الميت، ووصولاً إلى خليج العقبة، ومنطقة وادي عربة.
- سلسلة جبال بلاد الشام الشرقية: يُعدّ جبل الشيخ أعلى قمّة جبلية في هذه السلسلة التي تمتدّ من شمال سوريا حتّى الجزء الجنوبي من شرق نهر الأردن، وذلك بموازاة جبال بلاد الشام الغربية، ويُشكّل سهل الزبداني فيها ممرّاً طبيعياً بين مدينتي بيروت ودمشق، ويفصل جبال لبنان الشرقية إلى قسمين جنوبي وشمالي.
مناخ بلاد الشام
يتحدّد مناخ بلاد الشام تِبعاً للتضاريس المتنوّعة فيه، وموقعه الجغرافي، بالإضافة إلى تأثير الرياح الموسمية، إذ تتأثّر البلاد بالنظامين الموسميين؛ نظام شمال إفريقيا، ونظام جنوب غرب آسيا، وذلك نتيجة وقوع منطقة البحر الأبيض المتوسّط بين الحزام الصحراوي الإفريقي الآسيوي في الجنوب، وحزام الرياح المعتدلة في الشمال، وفيما يأتي توضيح لمناخ كلّ بلد من بلاد الشام:
- الأردن: يُعدّ مناخ الأردن مزيجاً من مناخ حوض البحر الأبيض المتوسّط الذي يسود في الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد، والمناخ الصحراوي الذي يسود في معظم المناطق الأردنية.
- فلسطين: تتميّز فلسطين بوقوعها بين مناطق جغرافية متعدّدة، فهي تقع بين كلّ من قارّة آسيا، وأفريقيا، وأوروبا، وبين البحر الأبيض المتوسّط والبحر الأحمر، ولذلك يكون المناخ فيها حارّاً وجافّاً في فصل الصيف الطويل، أمّا الشتاء القصير فيكون مصحوباً بأمطار تمتدّ من شهر تشرين الثاني/نوفمبر وحتّى شهر آذار/مارس، ويُشار إلى وجود خمس مناطق زراعية بيئية مختلفة في فلسطين تتّسم كلّ منها بمناخ مختلف.
- سوريا: يسود في سوريا مناخ البحر الأبيض المتوسّط، مع تأثير المناخ القارّي، إذ يكون الصيف دافئاً وجافّاً، بينما يكون الشتاء بارداً وماطراً، ويُعدّ كلّ من فصل الربيع والخريف فيها قصيرين نسبياً، كما تشهد غالبية مناطق البلاد تقلّباً واضحاً في درجات الحرارة اليومية.
- لبنان: يسود لبنان مناخ البحر الأبيض المتوسّط الذي يتميّز بشتاء وافر الأمطار طوال الفترة الممتدّة بين شهري تشرين الثاني وأيّار/مايو، أمّا في باقي شهور السنة السبعة فيكون المناخ جافّاً وقاحلاً نسبياً.