أهمية وجود المسجد الحرام
المسجد الحرام
إنّ المسجد الحرام أوّل بيتٍ تم تشييده في الأرض لعبادة الله تعالى، حيث بناه إبراهيم عليه السلام، ثمّ أذن في الناس للحجّ فأصبح محلّ اهتمامٍ وإجلالٍ وتعظيمٍ، ويقع المسجد الحرام في مكّة المكرّمة، وبالتحديد في وادي إبراهيم عليه السلام، على ارتفاع مئتين وسبعٍ وسبعين متراً فوق سطح البحر، ويطلق اسم المسجد الحرام، أو البيت، أو البيت العتيق، أو البيت الحرام، أو البيت المعمور، أو الحرم المكيّ، أو الكعبة، أو الحرم على الكعبة المشرفة، والمطاف، وما حولها من الساحات المخصصة للصلاة، والتوسّعات التي حصلت في كلّ العصور، حيث كانت مساحة المسجد الحرام في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر الصديق ألفاً وأربعمئةٍ وتسعين متراً مربعاً، وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حصل سيلٌ عارمٌ فاقتلع مقام إبراهيم عليه السلام، فقام عمر بترميم المسجد وتوسعته، بالغضافة إلى بناء الأبواب، ووضع المصابيح فيه، ثمّ حصلت توسعةٌ أخرى في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفي عهد ابن الزبير قام بإعادة بناء الكعبة بعد أن تأثّر البناء بسبب رميها بالمنجنيق، فجعل ارتفاع الكعبة عشرة أذرع بعد أن كانت ستة، وفتح لها باباً ثانياً ليدخل الناس من باب ويخرجون من الآخر، وذلك بحسب وصف النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنّ الحجاج بن يوسف الثقفي أعاد الكعبة لوضعها السابق، فأغلق باب وأبقى باباً واحداً؛ لأنّه ظنّ أن ما فعله ابن الزبير كان اجتهاداً منه، واستمرّت العناية بالمسجد الحرام خلال العصر الأموي، وكذلك الأمر في العصر العباسي، حيث قام أبو جعفر المنصور بتوسعة الحرم، ثمّ عاد المهدي ووسّعه مرّةً أخرى وبشكلٍ أوسعٍ، فأزال البيوت التي بين المسجد والمسعى؛ ليتّصل المسعى بالمسجد، واستمرّ اهتمام المسلمين في المسجد الحرام على مرّ العصور.
أهمية المسجد الحرام
لقد شرّف الله -تعالى- مكّة المكرّمة بأن جعل فيها أوّل بيتٍ وضع للناس؛ ليعبدوا الله تعالى، ويوحّدوه، ثمّ أمر نبيه إبراهيم -عليه السلام- بتجديد بناءه، وزاده شرفاً بجعلها مبعث خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلّى الله عليه وسلّم، بالإضافة إلى أنّه مقرّ الرحمة ودار العبادة ، وفيه تُغفر السيئات وتُرفع الدرجات، وذلك ممّا عظّم مكانة المسجد الحرام وأهميته لدى المسلمين، وثمّة العديد من الفضائل التي رفعت مكانة المسجد الحرام عند المسلمين؛ منها:
- المسجد الحرام قبلة المسلمين؛ حيث يتوجّه إليه كلّ المسلمين ، في كلّ أنحاء العالم، وفي كلّ صلاة ، كما قال الله تعالى: (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
- ماء زمزم؛ حيث إنّ ماء زمزم تُعتبر معجزةً أجراها الله -تعالى- لإسماعيل عليه السلام، وأمّه هاجر عليها السلام، فقد فجّر لهما نبعاً من الماء في أرضٍ فقيرةٍ لا ماء فيها ولا شجر، ثمّ أجراها إلى يوم القيامة ، وجعلها شفاءً للمريض، وطعاماً للجائع، وشراباً للعطشان، كما روى أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (زمزمُ طعامُ طُعمٍ وشفاءُ سُقمٍ).
- فضل الصلاة في المسجد الحرام؛ تجدر الإشارة إلى أنّ فضل الصلاة في المسجد الحرام لا تعادلها صلاةٌ في أي مسجدٍ آخرٍ، فالصلاة فيه تعدل مئة ألف صلاةٍ في غيره من المساجد، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (صلاةٌ في مسجدي هذا أفضَلُ مِن ألفِ صلاةٍ فيما سواه إلَّا المسجِدَ الحرامَ وصلاةٌ في ذاك المسجِدِ أفضَلُ مِن مئةِ صلاةٍ في هذا يعني في مسجِدِ المدينةِ).
- إنّ المسجد الحرام دار الأمن والأمان، وهو حرم الله ورسوله؛ حيث إنّ الله -تعالى- حرّم على مَن فيها سفك الدم الحرام، أو صيد صيدها، أو ظلم الناس، بالإضافة إلى أنّ الله -تعالى- جعلها أمناً من سخطه، فلا يحدث فيها خسفٌ، ولا عقوبةٌ عامّةٌ؛ كالإغراق، والزلازل، وتسلّط الجبابرة وظلمهم ، كما قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
- إنّ المسجد الحرام أوّل بيتٍ وُضع في الأرض لعبادة الله تعالى ؛ كما قال الله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ).
- حُرمة استقبال البيت الحرام أو استدباره عند قضاء الحاجة؛ حيث يحرّم على المسلم استقبال البيت الحرام أو استدباره عند قضاء حاجته، في حال عدم وجود حائلٍ أو مانعٍ بينه وبين القبلة، وفي الحقيقة أن تلك الحرمة تدلّ على تعظيم البيت الحرام وتشريفه، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أتيتم الغائطَ فلا تستقبِلوا القِبلةَ ولا تستدبِروها ببوْلٍ ولا غائطٍ، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا).
- إنّ الله -تعالى- يحاسب على الشروع في المعاصي في البيت الحرام؛ وهذا تمييز من الله -تعالى- للمسجد الحرام، فهو المكان الوحيد الذي يحاسب فيه رب العالمين على النيّة، بينما يُحاسب في غيره من الأماكن على العمل، أو القول، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)، حيث إنّ الكفر، والشرك بالله تعالى، وترك ما أمر به الله، وفعل ما نهى عنه أو انتهاك حرمات الحرم، كل ذلك من الإلحاد المقصود به الميل والحيد عن دين الله تعالى.
آداب زيارة المسجد الحرام
كما أنّ لكلّ مسجدٍ آداباً للزيارة، فإنّ للمسجد الحرام آدابٌ لا بُدّ من الالتزام بها، ومنها:
- تنزيه المسجد عن الروائح الكريهة؛ كالثوم والبصل.
- الدخول بالقدم اليمنى، وذكر دعاء دخول المسجد.
- عدم رفع الصوت، والابتعاد عن المخاصمات والمشاحنات في المسجد .
- اجتناب المعاصي والمنكرات.
- صلاة ركعتين تحيةً للمسجد، ولكن في حالة الإحرام يبدأ المسلم بالطواف.
- الابتعاد عن مزاحمة الناس.
- ذكر دعاء الخروج عند المغادرة.