أهمية علم الجرح والتعديل
أهمية علم الجرح والتعديل
منَّ الله -عز وجل- على الأمة الإسلامية بكثير من الأديان، فجعل نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء، ورسالته خاتمة الرسالات الإلهية، وحفظ القرآن الكريم من التحريف والتبديل، قال -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ، ولكن العمل بالقرآن الكريم لا غنى له عن العمل بالسنة النبوية المطهرة، التي جاءت مكملة للقرآن الكريم، ومفصلة ومبيّنة لما فيه.
والسنة النبوية هي التي دلت على كثير من الأمور التي لم يرد تفصيلها في القرآن الكريم، فمن سلك طريقها فقد اهتدى، ومن ابتعد عنها فقد ضل وغوى، وقد اختص علم الجرح والتعديل بالحديث وضبطه، فهو من أدق علوم السنة الذي يُعنى بمن نقل الحديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحة هذا النقل، والحفاظ على الحديث النبوي الشريف من أن يُحرف أو يبدل أو يكذب فيه، وخوف من أن يدخل على الحديث ما ليس فيه.
مفهوم علم الجرح والتعديل
الجرح في الاصطلاح: هو رد الحافظ المتقن لرواية الراوي بسبب علة فيه، أو في روايته، من كذب، أو تدليس، أو فسق هذا الراوي، وقد يلاحظ من التعريف شرط أن يكون من يرد رواية الراوي أن يكون حافظ متقن، ويخرج من ذلك الذين يقحمون أنفسهم في غير مجالهم، ويطعنون في بعض الرواة أو الروايات، ويتم تحديد الحافظ المتقن من خلال شغله بالحديث رواية ودراية، وتميز فيه في عصره حتى عرف بضبطه، ويعرف شيوخه وشيوخهم طبقة بعد طبقة.
والتعديل في الاصطلاح: هو علم يبحث فيه وصف الراوي بما يقتضي قبول روايته، ويكون جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ خاصة، وهذا العلم هو ميزان رجال الحديث، وسمي علم رجال الحديث، وهو معيار الحكم عليهم، وميزان لحفظ الحديث من التدليس والكذب فيه، والكلام في الجرح والتعديل جائز شرعاً، وثابت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعن الصحابة -رضوان الله عليهم-.
وعلم الجرح والتعديل: هو علم فحص الرجال، أو معيار الرواة، أو علم الميزان، وهو أحد فروع علم الحديث يبحث فيه عن أحوال الرواة وبيان مراتبهم، من حيث ما يتصفون به من قبول رواياتهم وعدمه، وهو الذي يشخص رواة الحديث ذاتاً ووصفاً، ومدحاً وقدحاً.
كيفية ثبوت عدالة الراوي وضبطه
عدالة الراوي تثبت بوجود من أثبت عدالة هذا الراوي، وتثبت أحياناً بالاستفاضة، ويشتهر بين أهل النقل، وأهل العلم، وانتشر بينهم الثناء عليه بالخلق والأمانة، والتعديل مقبول عند أهل العلم من غير ذكر سببه، لأن أسبابه كثيرة عندهم ويشق ذكرها، أما الجرح فلا يقبل إلا مفسراً ومبيناً، وذلك بسبب اختلاف أسباب الجرح بينهم، والفرق بينهم في ما يجرح وما لا يجرح.
المراد بالطعن في الراوي
الطعن في الراوي هو جرحه في اللسان والتحدث فيه من ناحية دينه وعدالته، أو من ناحية ضبطه وحفظه، ومن أسباب الطعن في الراوي ما يتعلق بعدالته، وهي الكذب وهو الأشد طعناً، والتهمة بالكذب، والفسق، والبدعة، والجهالة، ومنها ما يطعن بضبط الراوي، وهي فحش الغلط، وسوء الحفظ، والغفلة، وكثرة الأوهام، ومخالفة الثقات وهذه هي أهم الأمور التي تجعل الراوي غير ثقة.
الخطأ المؤثر في الحكم على الراوي
هناك عدة أخطاء يرتكبها من يريد أن يروي الحديث تؤثر في الحكم عليه وهي كما يأتي:
- أن يقول أو يدّعي السماع من أناس لا يحتمله سنهم.
- أن يحكي حكايات يبعد وقوعها.
- أن ينسب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما لم يقله أو ما يترفع إلى النبي من آحاد الناس.
- يروي ما يكون فيه مبالغة كبيرة من الثواب أو العقاب.
- أن يروي أحاديث مشهورة عن إمام ثم يقلبها أو ينسبها إلى إمام آخر.
- أن يلزم إسناداً معيناً كلما خطر على باله شيء رواه وأسنده إليه.
- أن يبدل إسناد بإسناد آخر.
من يقبل قوله في الجرح والتعديل
الذين قبل الناس قولهم في الجرح والتعديل قسموا إلى ثلاثة أقسام هي كما يأتي:
- القسم الأول الذي تكلم في أكثر الرواة من حيث الجرح والتعديل، كابن معين، وأبي حاتم الرازي.
- القسم الثاني منهم الذين تكلموا في كثير من الرواة، كالإمام مالك وشعبة.
- القسم الثالث منهم، الذين تكلموا في الرجل بعد الرجل، كالإمام الشافعي، وابن عيينة.