أهمية المسجد
الأهمية التعبدية للمسجد
يعدّ المسجدُ مكاناً مقدّساً عندَ المسلمين، ففيه تكون العبادة الكاملة لله -سبحانه تعالى- وحده، قال -تعالى-: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّـهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّـهِ أَحَدًا)، ومن المساجدِ انطلقَت قواعدُ الشّريعة، فكان مكانٌ لتعلُّم الكثيرَ من تعاليمِ الإسلامِ ولتدارس كتاب الله -تعالى-، ويعتبرُ من أهمِّ وأفضلِ الأماكنِ عندَ اللهِ -تعالى-، لقول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-: (أَحَبُّ البِلَادِ إلى اللهِ مَسَاجِدُهَا)، وقد جعل الله -تعالى- لِعُمّارها الأجر العظيم حسيّاً ومعنويّاً، وقد كان المسجد أوَّلُ بيتٍ وُضِعَ للنَّاسِ ليتَلقّوا فيه دينَهم ويُمَارسُوه ويُصَلُّون به، قال -تعالى-: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ).
والمسجد مكانٌ خاصٌّ لأداءِ الصَّلواتِ المفروضةِ والعباداتِ المتعدّدة، ولأداء صَّلاةُ الجماعةِ، وصَّلاةُ الجُمعةُ ، وصَلواتِ النَّوافلِ التي يُسنُّ أداؤها في المسجدِ؛ كصَّلاةُ العيدين التي يجتمعُ فيها المسلمونَ يوم عيدَهم ويُنصتونَ فيها للإمامِ، وكصَّلاةُ الكُسُوف والخُسُوف، وغيرها من الصلوات، ومِمَّا يدلُّ على أهميةِ المساجدِ وإعلاءِ شأنِها عندَ اللهِ -تعالى-؛ أنَّ اللهَ اختصَّ عُمَّارَها وجعلهم صفوة خلقه من الأنبياء ومن تبعهم من المؤمنين، قال -تعالى-: (إِنَّما يَعمُرُ مَساجِدَ اللَّـهِ مَن آمَنَ بِاللَّـهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَم يَخشَ إِلَّا اللَّـهَ فَعَسى أُولـئِكَ أَن يَكونوا مِنَ المُهتَدينَ).
والمسجد منطلقٌ للدّعاةِ وقاعدتهم التي منها ينشرونَ علومُهم التي تعلّموها على أرضِ الواقعِ، فيعلِّمون النَّاس أمر دينَهم وما لهم وما عليهم، وفيه تعجُّ البركةُ ويكثر الخيرِ، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- (صَلاةٌ في مَسْجِدِي هذا خَيْرٌ مِن ألْفِ صَلاةٍ فِيما سِواهُ، إلَّا المَسْجِدَ الحَرامَ)، كيفَ لا وقد نسبَها اللهُ -جلَّ في عُلاه- لنفسه، فهيَ بيوت الله الّتي يُذكر فيه اسمه، والتي حثَّ على إعمارِها والتّوجُّه إليها قلباً وقالباً.
الأهمية الاجتماعية للمسجد
يلتقي في المساجدِ جميع أفراد المسلمين من طبقاتٍ اجتماعيّة مختلفة، فيُصلُّونَ معاً جنباً إلى جنبٍ، فتذوبُ بينهم جميع الفوارق الماديّة، وتتوحَّدُ الأهدافُ، وتظهر معاني المساواة الإنسانيَّةُ، فصَلاتُهم معاً تُوحُّد صُفوفهم، وهذا مظهرٌ قويٌ جداً يَنمُّ عن توحُّد قلوبُهم وكلمتهم وتعاونهم، كما أنّه ساحةٌ للتّعارفِ، فيتبادل المسلمون الأسئلةُ، والأحاديثُ، والثّقافاتِ، وهو منطلقٌ للتّنشئةِ الاجتماعيةِ الواعيةِ والمتفهِّمةِ، والشّخصيَّةِ القويَّةِ والمتَّسمةِ بالأخلاقِ العاليةِ التي تُؤثرُ في المجتمعِ من قوَّةِ تأثّرهم بالقرآنِ الكريم، وعلومهِ، وأخلاقهِ.
وقد كان المسجد في الإسلامِ بداية لانطلاق كلّ أمر مهم بالنّسبة للمسلمين، فكان يُعقد فيه الاجتماعات، ويتمّ استقبال الوفود، وكان منطلق البِعث والجيوش. وكانَ أوَّلُ عملٍ يقومُ به النَّبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- هو بناء المسجد، حيثُ إنَّه أقامَ في قُباءٍ أربعة أيَّامٍ، وبنى فيها مسجدَ قُباءٍ.
الأهمية التربوية للمسجد
يُعدّ المسجدُ أُولى المؤسَّسات التي انطلقت منها المعرفة والعلم منذ نشأته الأولى، حيث كان الأصلُ في تربيةِ الصّغيرِ حتى يَكبر، ومكانٌ مميّزٌ ليجدَ الكبارُ فيه ضالَّتَهم، فقد بدأَ فيهِ التّعليمِ منذُ أن أنشأه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وهو المكانُ الذي تخرَّجَ منه جهابذةُ العلماءِ والمعلِّمينَ، وإليه يركنُ المتعلِّمونَ، فيتعلَّمُون كلَّ ما يلزمُهم من أمور دينهم، لِذا كان المسجد مكاناً لخروج القادة والمفكّرين، وفيه يَتعلّم المسلم المبادئ والقيمُ، والتّعاليمُ، والأحكامُ، إضافةً لوجود حلقاتِ الذكرِ والحفظِ للقرآن الكريم.