أهمية الدعوة إلى الله
تعريف الدعوة إلى الله وأنواعها
تحتمل كلمة الدعوة في اللغة عدداً من المعاني، منها معنى الحثّ، والطلب، والضيافة، ومعنى الدعاء لله تعالى، أمّا في الاصطلاح الشرعي؛ فتعدّ من الألفاظ المشتركة التي تُشير عادةً إلى معنيين اثنين؛ الأول منهما: معنى الإسلام نفسه، أيّ الرسالة التي أُنزلت على محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وقد عرّفها العلماء بهذا المعنى بعدّة تعريفاتٍ: فمنها مثلاً دين الله الذي بعث به جميع أنبيائه عليهم السلام، وجدّده على يد محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، خاتم الأنبياء، وجعله كاملاً، تاماً، مُصلحاً للدنيا، والآخرة، ومنها كذلك عبادة الخالق، والبرّ بالمخلوق من خلال ضوابطٍ تضبط السلوك الإنساني، وتوزّع الحقوق، والواجبات، وأمّا المعنى الاصطلاحي الثاني للدعوة؛ فهو العملية التي يتم من خلالها نشر الإسلام ، وتبليغه للناس، وحثّهم على الدخول فيه، والالتزام بأحكامه، وله بهذا المعنى تعريفاتٍ عديدةٍ كذلك، منها: تبليغ الإسلام للناس، وتعليمهم إياه، وتطبيقه في الحياة الواقعية، ومنها أيضاً الدعوة إلى توحيد الله سبحانه، والإقرار بالشهادتين، وتطبيق منهج الله عز جل في الأرض كما جاء في القرآن الكريم، والسنة النبوية.
وتكون الدعوة إلى الله تعالى على أحد نوعين؛ فإمّا أن تكون بصورةٍ جماعيةٍ، وإمّا أن تكون بصورةٍ فرديةٍ، فأمّا الدعوة الجماعية؛ فتعني أن يقوم الإنسان المسلم بواجب الدعوة إلى الله عزّ وجلّ، بصفته فرداً من جماعةٍ تقوم بذلك، وهذا نوعٌ ضروريٌ، خصوصاً أنّ الدعوة في هذا العصر تحتاج إلى جهودٍ كبيرةٍ ومنظّمةٍ، ويدلّ على مشروعية هذا النوع، وضرورته قول الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، أمّا الدعوة الفردية؛ فلها ثلاثة صورٍ: الأولى أن يقوم فردٌ بدعوة فردٍ، أو مجموعةٍ إلى الالتزام بأحكام الإسلام، كما فهمه الصحابة ، والتابعين، ومن سار على نهجهم رضي الله عنهم، والثانية أن يدعو الداعي إنساناً يفعل منكراً، أو يترك معروفاً إلى التخلّي عن فعله، وهي بهذا المعنى أمرٌ بالمعروف، ونهيٌ عن المنكر، وأمّا صورتها الاخيرة؛ فهي أن يتعهّد أحد الدعاة فرداً، حتى يصل به إلى الصيرورة على منهج السلف -رضي الله عنهم- في العقيدة، والأخلاق، والسلوك، والعمل .
أهمية الدعوة إلى الله تعالى
أمر الله عز وجل كلّ مسلمٍ بالدعوة إليه عزّ وجلّ، وذلك في كل وقتٍ، وفي كل مكانٍ، لأنّ الإسلام دينٌ يطالب أتباعه بأن يفكروا بالإنسانية كلّها، ويحرصوا على نفع البشرية جمعاء، وذلك من خلال تبليغهم رسالة الله الخالدة، دون أن يفرّقوا بينهم في الجنس، أو اللون، أو العرق، أوغيره، والواضح في هذا الزمان أنّ الكون كلّه يغرق في المصائب، والويلات؛ بسبب ابتعاده عن المنهج القويم الذي وضعه له الله تعالى، ومن هنا تظهر الحاجة إلى أن يأخذ أحدهم بيد هذا العالم، وبنتشله من الوقوع في الهلاك، وذلك من خلال الدعوة إلى الله تعالى، وهنا بالتحديد تبرز أهمية الدعوة إلى الله عزّ وجلّ، وفيما يأتي بيان تلك الأهمية بشيءٍ من التفصيل:
- نشر الإسلام، وتيبلغ الدين، وعبادة الله تعالى، والدعوة إلى ذلك.
- هداية الناس، وتعليمهم أمور دينهم؛ فيعرفون الحلال والحرام، ويتبيّنون حدود الله -عزّ وجلّ- التي حدّها لهم.
- استقامة حياة الناس، ومعاملاتهم؛ كعقود البيع، والشراء، ونحوه.
- استقامة حياة الناس الاجتماعية والأسرية؛ فتنشأ بينهم عقود نكاحٍ، وزواجٍ صحيحةٍ مثمرةٍ.
- سموّ أخلاق الناس؛ فتقلّ أذيتهم لبعضهم، وتقلّ بذلك خلافاتهم، والأضغان فيما بينهم.
- تحقيق سعادة الداعين، والمدعوين جميعاً في الدنيا، والآخرة .
- حفظ الاموال، وصون الأعراض، وعصم الدماء؛ فتنقطع بذلك أسباب الشرور، وتنتشر أسباب الطمأنينة.
صفات الداعية إلى الله
حتى تنجح الدعوة إلى الله تعالى، وتؤتي ثمارها، لا بدّ للدُعاة أن يحرصوا على توافر بعض الصفات فيهم، وفيما يأتي بيان جانبٍ من صفات الداعية الناجح:
- الإخلاص لله تعالى في الدعوة؛ فالله سبحانه يعطي معونته للإنسان المخلص، ويجعل أفئدة الناس تتجمّع حوله، وتُقبل عليه، وهو كذلك مفتاح قبول العمل عنده.
- أن يكون صاحب بصيرةٍ؛ والمراد بذلك أن يكون متبصّراً بما يريد أن يدعو إليه، فيعلم الحلال والحرام، والأحكام الشرعية التي يدعو الناس للامتثال لها، وأن يكون متبصّراً بأحوال المدعوّين الذين يعمل على دعوتهم إلى المولى سبحانه، وأخيراً أن يكون متبصّراً في كيفية قيامه بالدعوة، فيُحسن في انتقاء الأساليب، والوسائل التي ترغّب الناس في الاستجابة لما يدعوهم إليه.
- أن يكون حكيماً في دعوته؛ فيختار لها المكان المناسب، والزمان المناسب، والشخص المناسب.
- اللين والرفق مع الناس؛ فلا يكون الداعية فظّاً ذا أسلوبٍ غليظٍ مع الآخرين؛ لأنّ ذلك من شأنه أن ينفّرهم عنه، ويصدّهم عن إجابة دعوته.
- أن يكون صادقاً، وأميناً؛ وهذان الخلقان متلازمان، وهما يشيران إلى أنّ الإنسان يراقب الله عز وجل في جميع أقواله، وأفعاله، فلا يقول إلّا ما يُرضي الله عزّ وجلّ، ولا يفعل إلّا ما يقرّبه إليه.
- أن يكون متواضعاً، ومتسامحاً ؛ فالتواضع يقرّب الداعي إلى نفوس المدعوين، ويحبّبه إليهم، كما أنّ التسامح يساعده في تجاوز أخطائهم، وزلّاتهم.
- أن يتفاعل مع الواقع، ولا ينعزل عنه، حتى يتمكّن من الشعور بالمدعوّين؛ فينطلق في دعوتهم ممّا يهمهم، ويناسب ظروفهم، واحتياجاتهم.
- موافقة القول للعمل؛ أي أن يكون الداعية إلى الله تعالى، قدوةً صالحةً، وأُسوةً حسنةً فيما يدعو إليه من القول، والعمل، والنية .