أهم أعمال أبو بكر الصديق
أهم أعمال أبو بكر الصديق
الآتية أهم الأعمال التي قام بها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-:
جمع القرآن الكريم
بعد حدوث حروب الردة ومعركة اليمامة واستشهاد الكثير من صحابة رسول الله؛ والذين قُدّر عددهم بخمسمئة أو ستمئة أو سبعمئة شهيد، وكان بينهم كُتّاب الوحي الذين يحفظون القرآن الكريم ويكتبون منه عدداً من آياته وسورة، أسرع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أبي بكر وكان خليفة المسلمين الأول آنذاك، فأخبره الفاروق بضرورة جمع القرآن الكريم ووضعه في كتابٍ واحد كي لا يضيع بموت حافظيه، إلا أن أبا بكر لم يألف الفكرة أولاً، ولكن بقي عمر -رضي الله عنه- يُراجعه بالأمر حتى شرح الله صدره.
وعندها أمر زيد بن ثابت -رضي الله عنه- بجمع القرآن كاملاً في مصحف واحد كما نزل، وتمكّن زيد -رضي الله عنه- من جمعه في مصحف واحد فقط قبل وفاة أبي بكر، وقد أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- هذه الحادثة في صحيحه بأثر طويل عن زيد بن ثبات -رضي الله عنه- قال: (قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: إنَّ عُمَرَ أتَانِي فَقالَ: إنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَومَ اليَمَامَةِ بقُرَّاءِ القُرْآنِ، وإنِّي أخْشَى أنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بالقُرَّاءِ بالمَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ، وإنِّي أرَى أنْ تَأْمُرَ بجَمْعِ القُرْآنِ، قُلتُ لِعُمَرَ: كيفَ تَفْعَلُ شيئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَ عُمَرُ: هذا واللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لذلكَ).
وتوضيح مميزات جمع القرآن الكريم وفوائده فيما يأتي:
- كتابة القرآن كاملاً وجمعه بسجل واحد، مما أدى لحفظه من الضياع والنسيان، وكانت هذه النسخة بحوزة خليفة المسلمين أبي بكر -رضي الله عنه-.
- إجماع صحابة رسول الله جميعهم على صحة ما جاء فيه، وبذلك ذهبت من أذهان الصحابة أي شبهة حوله.
- سهولة الرجوع الى آيات الله واستنباط الأحكام منها دون الحاجة لتتبع كتاب الوحي في أماكنهم المتفرقة.
- تواتر ما جُمع من القرآن على مر الزمان باتفاق وإجماع أمة المسلمين على ترتيب الآيات في المصحف.
- جُمع القرآن بأحرفه السبعة، كما كُتب على الرقاع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وكما نزل.
يتلخّص مما سبق أنّ أبا بكر -رضي الله عنه- كان أول من جمع القرآن الكريم بعد موت الكثير من حفاظ القرآن الكريم، حيث أمر زيد بن ثابت بجمعه، وكان لذلك فائدة عظيمة على الأمة الإسلامية.
الفتوحات الإسلامية
مراحل الفتوحات الإسلامية في زمن الخليفة أبو بكر -رضي الله عنه- عديدة، بيانها فيما يأتي:
- مرحلة حروب الردة: أصرّ أبو بكر -رضي الله عنه- على إرسال جيش أسامة بن زيد، وقد عاد مُنتصراً وأدى انتصاره إلى تثبيت المسليمن على الإسلام، وحرص أبو بكر على محاربة المرتدين ورافضي الزكاة بكل أنحاء الجزيرة، فأرسل الجيوش وكان على رأسهم -رضي الله عنه- وكان يقول: "والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لجاهدتهم عليه"، وقد استمر -رضي الله عنه- بإرسال الجيوش إلى مناطق جزيرة المرتدين عن الإسلام حتى عادوا جميعهم لدين الحق، وأرسل -رضي الله عنه- جيشاً لليمامة لمحاربة المرتدين الذين يتبعون مسيلمة الكذاب وقد قُتل فيها، وانتصر المسلمون بعد حربٍ ضروس نشبت بينهم وبين المرتدين.
- مرحلة تيسير الجيوش لفتح بلاد الشام والعراق: اغتنم أبو بكر -رضي الله عنه- فرصة أن الفرس والروم كانوا على خلاف، فقام بإرسال الفاتحين شرقاً وغرباً بنفس الوقت، فأرسل إلى منطقة الفرس خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة، وانتصروا وفتحوا عدداً من المدن العراقية؛ كالأنبار، ودومة الجندل، والفراض، وفتحوا الحيرة، كما أرسل إلى منطقة الروم في بلاد الشام جيوشاً بقيادة يزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، وأرسل دعماً بقيادة أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنهم جميعا-، وكانت البلاد المُستهدفة هي الأردن وفلسطين ودمشق وحمص، وقد وقعت معركة اليرموك بين الروم والمسلمين وانضم خالد بن الوليد إليهم لدعمهم، وخلال المعركة وصل المسلمين نبأ وفاة خليفة المسلمين الأول، فتولّي عمر بن الخطاب الخلافة من بعده.
- مرحلة فتح باب الفتوحات للمسلمين: كان الهدف الرئيسي من تسيير كتائب الفاتحين للغرب والشرق هو السماح لمرور رسالة الإسلام لشتى بقاع الأرض، وقد كانت الروم والفرس أعداء مُتربّصين لصدّ كل ما يؤول لنشر أو تعريف الناس بدين التوحيد، وكان المسلمون يُقاتلون من يمنعهم من نشر الرسالة ولا يُجبرون أحداً على الدخول بالإسلام عِنوة، مُقتدين بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، وبإرسال الكتائب في زمن أبي بكر سهّل ذلك على الخلفاء من بعده إتمام الفتوحات، بل وتصاعدت وتيرة الفتح في عصر الوليد بن عبد الملك، واستمرت الفتوحات من بعده.
قتال المرتدين
لما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ارتد الكثير من المسلمين عن الإسلام لمّا ادّعى كل من مُسيلمة وطليحة الأسدي النبوة، فاتّبعهم الناس وصدقوهم، فأمر أبو بكر -رضي الله عنه- بمحاربتهم، وأمر بتسيير الجيوش لمواجهتهم، وكان أتباع مُسيلمة هم بنو حنيفة واليمامة، وأتباع طليحة الاسدي من أهل نجد بأسد وغطفان.
والمرتدين الذين قاتلهم أبو بكر -رضي الله عنه- هم من تركوا دين الإسلام، ومن اتّبعوا مُدّعي النبوة، ومن أنكروا فرائض في الدين بعد وفاة النبي -عليه السلام- كالزكاة، وقد حدثت حروب الردة في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في السنة الحادية عشرة للهجرة، وكانت النهاية في معركة اليمامة بقيادة خالد بن الوليد -رضي الله عنه-، والتي تمحضت عن فوز المسلمين وبقتل مسيلمة في الثاني عشرة للهجرة.
تنظيم الدولة والتقسيمات الإدارية
أسلوب تنظيم الدولة الإسلامية في خلافة أبي بكر -رضي الله عنه- يتضح فيما يأتي:
- وضع عمر -رضي الله عنه- قاضياً يقضي بأمر المسلمين، وأولى مسؤولية بيت مال المسلمين لأبي عبيدة -رضي الله عنه-.
- نظّم أبو بكر -رضي الله عنه- في خلافته الدولة الإسلامية، وقسّمها إلى ولايات؛ مثل مكة، والمدينة، والطائف، وصنعاء، وحضر موت، ونجران، والبحرين، ووضع على كل ولاية أميراً يُقيم حدود الله ويقضي بين الناس بالعدل ويؤمّ فيهم الصلوات.
- خطب أبو بكر -رضي الله عنه- بالمسلمين يوم استلامه الخلافة خطبة مؤثرة ووافية تؤكد منهجه في الخلافة، وأنها مبنية على نهج النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن سبيل النجاة الوحيد هو طاعة الله ورسوله، وقد أكد على عدم جواز طاعته من قبل المسلمين إذا عصى الله ورسوله.
- حرص -رضي الله عنه- على استشارة كبار الصحابة بالأمور السياسة وأخذ الشورى والرأي منهم.
يتلخّص مما سبق الفتوحات العظيمة التي كانت في زمن أبي بكر رغم قصر مدة خلافته، حيث قاتل المرتدين بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وسيّر الجيوش لفتح بلاد الشام والعراق، وكانت فتوحاته سبيلاً لاستمرارها في عهد من تبعه من الخلفاء.
فضل أبو بكر الصديق في الإسلام
وفيما يتعلق بمنجزات وأعمال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، فنعرضها فيما يأتي:
- أول من آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ورسالته، فهو أول من أسلم من الرجال -رضي الله عنه-.
- يتميز أبو بكر -رضي الله عنه- بأنه أحب الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فعن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ علَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فأتَيْتُهُ فَقُلتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: عَائِشَةُ قُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قالَ أَبُوهَا قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالًا أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: عَائِشَةُ قُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قالَ أَبُوهَا قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالًا).
- أول الخلفاء الراشدين الذين تولوا أمر المسلمين بعد وفاة رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.
- كان مجتهداً ومواظباً على العمل الصالح، وقد كان يحرص كل الحرص على فعل الخيرات؛ كالصيام، وأداء الجنازة، وعيادة المريض، وإطعام المسكين، وكان -رضي الله عنه- مداوماً على فعلها، وقال -صلى الله عليه وسلم- عمّن يفعل ما كان يفعله أبي بكر: (ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ).
- حرص أبو بكر على النفقة في سبيل الله، وكان مُنفقاً يجود بإنفاقه، حتى في يوم من الأيام أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالصدقة، فتصدق -رضي الله عنه- بكل ماله ولم يُبقِ منه شيئاً، وقد روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (أمرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنْ نتصدقَ، فوافقَ ذلك عندي مالًا فقلتُ: اليومَ أسبقُ أبا بكرٍ إن سبقتُهُ يومًا قال: فجئتُ بنصفِ مالي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ما أبقيتَ لأهلِكَ؟ قلتُ مثلهُ، وأتى أبو بكرٍ بكُلِّ ما عنده، فقال يا أبا بكرٍ: ما أبقيتَ لأهلِكَ ؟ فقال: أبقيتُ لهمُ اللهَ ورسولَهُ، قلتُ: لا أسبِقُهُ إلى شيءٍ أبدًا).
- أبو بكر من أفضل رجال الإسلام بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد شهد له صحابة رسول الله بذلك؛ فعن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا في زَمَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا نَعْدِلُ بأَبِي بَكْرٍ أحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أصْحابَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا نُفاضِلُ بيْنَهُمْ).
يتلخّص مما سبق أنّ أبا بكر -رضي الله عنه- صاحب مكانة عالية عند الله ورسوله؛ فهو أحب الرجال إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ينفق ويجود في ماله ونفسه في سبيل الله تعالى، وهو أول من آمن من الرجال بدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام.