أجمل الشعر الحزين
قصيدة طواك الردى ورماك القدرْ
يقول الشاعر أحمد الكاشف:
طواك الردى ورماك القدرْ
- وسرت بلا موعد منتظرْ
وسافرت بالزاد من وحشة
- بلا رجعة بعد هذا السفرْ
وصرت إلى منتهى الراحلين
- وإن كثرت سبْلُهم والسِيَرْ
وفي لحظة من مدار الزمان
- هوى واختفى من علا واشتهرْ
وأمسى الذي كان ملء العيو
- ن في قومه أثراً أو خبرْ
فهل عرض الموت أسبابَه
- فآثرت أقربها المختصرْ
وهل أنت بعد النوى تارك
- هنا وطراً أم قضيت الوطرْ
وهل أنا باق وراء الرفاق
- أشيع أفواجهم والزمرْ
وفي كل يوم يراع الحمى
- بفقد الحمى أسداً أو قمرْ
فمن غاب عن جانبي أو نأى
- سيتبعه من دنا أو حضرْ
تولوا وحولي تماثيلهم
- تحدثني عنهمُ والصورْ
أعبد الحميد وما بالمجي
- بِ بعد القصور دفين الحفرْ
لك العبرات جرت من دمي
- وفيها العظات وفيها العبرْ
غضبت لحرية الكاتبين
- وليس على الغيظ من مصطبرْ
وإنَّ على الحر ثقل الحدي
- دِ أهون من ضيقه والضجرْ
وإن نزاع القوى في الحيا
- ةِ أكبر منه نزاع الفِكَرْ
وحرص الأبي على رأيه
- كحرصِ الغني على ما ادخرْ
وما حجة المرء في مذهب
- سوى عدة المرء في مشتجرْ
وما الظافر العف غير الذي
- أصر على عهده واستمرْ
تلقاك إذ ملتَ صدر الرفيق
- ولو كان من حجر لانفطرْ
وأغنى سكوتك بين الضجيج
- عن القول مرتجلاً مبتكرْ
ولو نزلت كلمات الشهيد
- على جبل ثائر لاستقرْ
ولو كان للدهر فيما جرى
- لسان وقلب إليك اعتذرْ
وقد يغسل الجرح دمع الجريح
- ولا يغسل الجرح سيل المطرْ
يعزُّ على العرب اليوم أن
- خلا المنتدى منك والمؤتمرْ
وأنت إليهم من الأقربين
- كأنك من هاشم أو مضرْ
تناول شيبَهم والشبا
- بَ خطبُك بدوَهُمُ والحضرْ
أبوك أبو الأُوَلِ الأصفياء
- فأنت أخو الأصفياء الأُخَرْ
كلا الكابرين الفتى الشيخ في
- قبيلته والزعيم الأبرْ
وقد كان لي من فؤاديكما
- مكان الرضى وهو ملء البصرْ
علائق صادقة لم تهن
- لكرِّ العوادي ومرِّ الغِيَرْ
ذكرتك في ملتقى الذاكرين
- وليل الأسى غير ليل السمرْ
وأبَّنْتُ فيك أعز السراة
- وعزَّيتُ فيك أجل الأُسَرْ
سئمتُ الحياة التي ما لقي
- تُ غير مرارتها والكدرْ
وكنتُ قنوعاً بأشواكها
- إذا فاتني زهرها والثمرْ
وما ناء بي حمله في الصبا
- أيمكنني حمله في الكبرْ
إذا دهم المرء ما لا يطيق
- فسيان تسليمه والحذرْ
وحسبيَ في محنتي أنني
- تبينت من بر ممن فجرْ
وهذي القيامة في هولها
- فكيف النجاة وأين المفرْ
وهل تضع الحرب أوزارها
- ويمحو الظلامَ الصباحُ الأغرْ
ويظفر من خاضها فارتمى
- برحمة من خاضها وانتصرْ
ويستقبل البشرُ العالمَ ال
- جديدَ سلاماً لخير البشرْ
قصيدة بكاؤك يوم البين يا أم حاجب
يقول الشاعر إبراهيم بن قيس الحضرمي:
بكاؤك يوم البين يا أم حاجب
- ووجدك من فقد القرين المصاحب
يسرّك عقباه بأوبته إِذا
- تهنيك بالبشرى ذوات الذوائب
لعمرك ما أعرضت عنك لياليا
- وأعمنت عن بغض ولا عن معائب
ولكن طلاب العز أولى من الثوى
- على حالة الإرغام بين الرغائب
ذريني من جبس من الناس أبلد
- ثناه عن الترحال دمع الحبائب
سلي عن فتى خاض البحار ولجَّها
- وشمر بالادلاج فوق النجائب
ولم يغتمض مذ يوم فارق أرضه
- إلى أن أتاها زائراً بالقواضب
وبالمال والأتراس والراية التي
- تجذذ حلقوم الحسود المجانب
أمد بها الندب الذي لم يكن له
- شبيه بأرض الشرق أو في المغارب
أمام حميّ الأنف صدق حماؤه
- عزيز رحيب الصدر جم المواهب
أخو الدولة الزهرا التي عز أمرها
- بقاضي قضاة المسلمين الأطائب
هما رسيا فيها فقرت بأهلها
- كما قرت الغبرا بصمّ الشناخب
هم طلقا دنياهما وتزوجا
- مكارهها إِذ فيه مهر الكواعب
سمت بهما للحسنيين عزيمة
- فحلاّ بها في المجد أعلا المراتب
هنيئاً لمن أمسى وأصبح ناظراً
- لوجهيهما مستحسناً كالمواضب
فما كنت إلا باحتساب إليهما
- ألجّ بطرفي دائباً أي دائب
ألا إن قلبي مذ تغيبت عنهما
- شجيّ وصدري كائب أيّ كائب
أصت غداة البين بالبين منهما
- ومن عصبة غر كمثل الكواكب
عصابة صدق أسست كل معلم
- بدين الهدى ترجو حميد العواقب
بعرصة نزوى ذات دين وعفة
- وحلم رسيب كالجبال الرواسب
فلو أن لي نفساً ونفساً صحبتهم
- بنفس ونفس ترتمي للمطالب
لقد رمتهم قصد الأشرف حاجة
- فأصبحت فيهم قاضياً للمآرب
وما كسرور المرء بالنجح نعمة
- إِذا آب عن حاجاته غير خائب
أقول لشيخ من بني القيس أشهل
- شديد اللقا شهم كريم المناصب
كريم المحيا فيصل ذي مهابة
- وجاه ووجه للقصي والأقارب
أبي هل تراني كاذباً في مقالتي
- ستنصرني الأخوان أم غير كاذب
جلبت لك الخيرين والمجد فابشرن
- بطيب حياة أو بحسن عواقب
وما خلق الفتيان إِلا لمثلها
- وإلا فهم أولى بلبس الجلابب
ألم تر أن القوم ينعش أمرهم
- فتى لا يقرُّ الضيم محض الضرائب
إذا مات دينا لحق قمت بثاره
- وناصبت فيه كل غاو مناصب
إِذا لم أقم للحرب سوقاً فلا علت
- إذاً لي يداً يوماً ولا عزّ جانبي
سأقدح نار الحرب حتى أثيرها
- بواد تغطيه ذيول الغياهب
سأكشف غما حضرموت بوقعة
- تسرّ بصرعاها ذوات المخالب
سأقضي حقوق السيف بعدد ثوره
- وأرضي بما أقريه أسد السباسب
فلست أرى حقاً تقوم قناته
- وتخفق إلا بعد نوح النوادب
وما في امرئ أضرى الحروب ببلدة
- فأبكى بواكيها إِذاً من عجائب
متى أحمل السيف المشطب أصبحت
- طغاة الورى ذلاً عراة المناكب
وما الخير إِلا في السيوف وهزها
- وإلقائها في الهام أو في الحواجب
بها ندرك الفردوس والحور والعلا
- معاً والمعالي والتماس المناقب
وحمل الفتى للسيف في اللّه ساعة
- كستين عاماً من عبادة راهب
فمال إِلا السيف حصن ومفزع
- إِلى أن ألاقي السيف والسيف صاحبي
لقد شاقني للحرب يوم عصبصب
- وأشرب قلبي الموت بين الكتائب
كمثل ابن يحيى وابن عوف وأبرهٍ
- وبلج ومرداس ومثل ابن راسب
عدمت مناي إِن رضيت لمهجتي
- منية مبعوث ثوى في المحارب
لعمري إمَّا متُّ متُّ وإن أعش
- فكم من حروب تصطلى ومكارب
ألا رب يوم للجلاد أمامنا
- عبوس جليل الخطب جم النوائب
ترى الناس في بين دام وجاثم
- وجاث ومنكبَّ قتيل وهارب
هنالك تبلو كل نفس مقالها
- وما أودعته في الليالي الذواهب
لقد علم الغاوون أني لصادق
- وفي بما أوعدت عند التحارب
عجبت لأنذال قلال أذلة
- يسومون خسفاً كل قار وكاتب
حلال حلال مقت كل ممقّت
- بأرض عند سيدانها للثعالب
وتعساً وتعساً لامرئ حاز أمره
- سفيه غبي فخره في المثالب
يتيه إِذا ارتجت معازف لهوه
- ويعتق بين الملهيات الكواعب
سيعلم يوم الروع ذاك بأننا
- نزيد إذا اشتدت حزوم المطانب
ومن يرد الموت الكريه بنفسه
- إذا كاع عن حيضانه كل هائب
وحسبي وحسبي للجلاد بعصبة
- شبامية مثل النجوم الثواقب
إِذا مهدت بالبيض مادت وزلزلت
- مناكب أرض اللّه من كل جانب
فيال شبام أنتم الجنة التي
- يلاقى بها جيش العدو المغالب
ويال شبام أين أين كمثلكم
- يعد لحرب أو لدفع النوائب
وفي آل همدا ابن زيد عصابة
- كمثل نجوم الليل بين المصائب
جياد جياد في الوغى بنفوسهم
- وبالمال إِن جلَّت خطوب المشاغب
بني مالك شدو العمائم واكشفوا
- لذي العرش عن ساق لحرب المحارب
بني مالك لا عز إن لم تجردوا
- ذوات الغواشي والظبا والمضارب
وذو صبَّح فيها لعلم عصبة
- يطيب الثنا في مردها والأشائب
حقيقتهم في الدين أيّ حقيقة
- قلوبهم عند اللقا والتضارب
فلا ينسني الرحمن جل وداعهم
- عشية رحنا بالدموع السواكب
وكم في مديد أو بنرس وأختها
- حبوض وبورٍ من أباطني راغب
وصلى إلهي جل ذو العرش والعلا
- على أحمد المبعوث من آل غالب
قصيدة أهاجَكَ اكتِئابًا واذّكِارا
يقول الشاعر النبهاني العماني:
أهاجَكَ اكتِئابًا واذّكِارا
- رُسومُ منازلٍ أضحت قِفارا
لَرَايةَ بالصُّفيحةِ غيَّرتْهَا
- يدُ البينِ المشتِ غداةَ جارا
أقمنَ بها سواهِكُ عاصفاتٌ
- يُحكنَ على معالمها دِثارا
فُمحَّت ما خلا سُفعاً ثلاثاً
- وأشعثَ لم يجد أبداً قِرارا
ومَبركَ هجمةِ ومَصَام خيلٍ
- ومجلسَ فتيةٍ تحمي الذمارا
فنُحتُ وحمحمتْ فرسي وحنَّت
- عَثوثجتي ولم أطق اصطبارا
وظلتُ أريقُ ماء الشوق وَجداً
- وأستقري المعالمَ والديارا
كأني لم أجُرَّ الذيلَ فيها
- ولم أصبِ الغَواني والعذارى
إذا أبصرنني يختالُ رَهواً
- بي المُهرُ المطهَّم حينَ سارا
برزنَ من الخِبَا مُتتابعاتٍ
- كما قد يقذفُ الزندُ الشرارا
وكم أحرزتُها جيشاً أزَباً
- يُثيرُ فيشرقُ الجوَّ الغُبارا
ولم ألبث برايةَ في نعيمٍ
- ووصلٍ ما ظننتُ له انبتارا
ورايةُ لا تحبُّ عليَّ حِباً
- ولم تُغدِف حَياً دوني خمارا
ويوماً ظلتُ بالسمُرات خلواً
- أعاتبها فتُفحمني اعتذارا
تقولُ ألاَ أطلتَ حبال وصلي
- وليلاتٍ سَلفنَ لنا قِصارا
ألمَّا ترحمي ذُلي وسُقمي
- ولم ترعيْ لنا يوماً جوارا
ألم أمنحكِ دون الَغيدِ وُدّي
- ومنذ هجرتِ لَم أملك قَرارا
فقالت والذي خلقَ البرايا
- وصوَّرَ في السَّما الفلكَ المُدارا
بأنكَ مُنيتي وحبيبُ قلبي
- ولم أهجرك عمداً واختيارا
وجدكَ لو مُنيتَ ببعض عشقي
- لظلَّ حشاك يستعرُ استعارا
فقلتُ وقد شِرقْتُ بفيض دمعي
- وقد أذكى الأسى بحشاي نارا
هل الوجدُ المبرِّحُ غيرُ وَجدي
- سوى أني أجمجمه استِتارا
فكائن جُبتُ نحوكِ من فَلاةٍ
- ورملٍ مثل أوراكِ العَذارى
أرقتُ فلم أذقْ أبداً غراراً
- لبرقٍ لاحَ وَهناً ثم غارا
ويا هل أبصرتْ عيناكَ ظعناً
- بهنَّ الكاشحُ المغيارُ سارا
بَكَرْنَ من الصُّفيحِة منجماتٍ
- ليُبعدنَ التغرُّبَ والمزارا
ورايةُ في الهوادِجِ وهي خَودٌ
- يضيّقُ لحمُ مِعصمها السِّوارا
لها فرعٌ كجنُحِ الليلِ داجٍ
- ووجهٌ مُشرقٌ يحكي النهارا
وريقٌ مثل صافي الشَّهدِ عُلَّ
- بكافورٍ مَزجت به عُقارا
وقدٌ مثل خُوطِ البانِ لدنٌ
- إذا خطرت تُداني الخَطوَ مارا
وردفٌ مثل موجِ البحرِ فعمٌ
- يمزّقُ في تموّجه الإِزارا
ورايةُ أحسنُ الُخَفِراتِ وجها
- وأكثرهنَّ عن فحشٍ نفارا
يشوبُ بياضَها الحرُّ اصفراراً
- يلوحُ كفضَّةٍ مسَّت نَضارا
عقيلةُ خُرَّد غيدٍ حِسانٍ
- إذا ذو الُّلبّ أبصرهنَّ حارا
سقى اللهُ الصُّفيحة كلَّ يومٍ
- مُلِثَّ القطرِ والديمَ الغِزارا
وبَاكرَها الذّراع بمُسْبكِرٍّ
- بجنحِ الليلِ ينهمرُ انهمارا
كأن رعودهَ تحنانُ بُزلٍ
- عِشارٍ وُلَّهٍ لاقت عِشارا
أنا ابنُ السَّابقينَ إلى المعالي
- فسَلْ عن سبقنا ِقدماً نزارا
أنا أعلى ملوكِ الأزدِ قَدراً
- وأعظمها وأجزُلها فخارا
وأبذخُها وإن بذَخَتْ مكاناً
- وأكرمُها وإن كرمت نجارا
وأشرفُها على العلاَّت نفساً
- وأحماها وأمنعُها ذِمارا
سَلي عن نجدتي الأبطالَ طُراً
- إذا ما مِرجلُ الهيجاءِ فارا
وإني مالُ مَن لا مالَ معه
- ونَصرة مُستَضامٍ بي استجارا
أرى الإقدام في الهيجاء عَذباً
- إذا ما استعذَبَ البطلُ الفرارا
فعمَّا لمحةٍ تَلقي الأعادي
- بسيفي القِرن آجالاً قِصارا
وحاشِا محتِدي من أن يُبارى
- وللفضلِ الذي لي أن يثارا
أجُودُ بما حويتُ لصونِ عرضي
- ولمَّا أرضَ دارَ الشَّمس دارا
وأبذلُ مُهجتي للطّعن جوداً
- ولم ألبَس حِذارَ الموت عارا
قصيدة هَلْ تُبْكِيَنْكَ الدِمَنُ الدُرُوسُ
يقول الشاعر رؤبة بن العجاج:
هَلْ تُبْكِيَنْكَ الدِمَنُ الدُرُوسُ
- كَأَنَّهُنَّ الوَرَقُ المَطْرُوسُ
إِذْ مَرْكَبِي وَنَاقَتِي حَبِيسُ
- أَرْكَبُ حِينَ يَحْصَدُ المَرِيسُ
عَوْصَاءَ لا يَسْطِيعُهَا الضُغْبُوسُ
- مِنِّي وَلَو أَسَّسَه إِبْلِيسُ
وَحاجَةً لِهَمِّهَا قَسِيسُ
- كَأَنَّهَا مِنْ وَصَبٍ رسِيسُ
فِي الجِسْمِ أَوْ صَهْبَاءُ خَنْدَرِيسُ
- يَلْتَاحُ فِيهَا المَعِكُ البِرْعِيسُ
إِذَا اسْتَخَفَّ الخَلِطُ اللَقُوسُ
- مارَسَها مِنِّي وَلِي شَرِيسُ
نَقْفٌ لِحَيَّاتِ العِدَى حَسُوسُ
- لَا سَيِّءُ الحِرْصِ ولَا يَؤُوسُ
للْمُصْعَبَاتِ مِجْذَبٌ هَرُوسُ
- لَمَّا رَأَتْنِي بَعْدَ مَا أَمِيسُ
فِي الرَيْطِ يَكْفِي لِبْسَتِي التَحْلِيسُ
- وَمَحَّ مِنْ لَوْنِ الشَبابِ الطُوسُ
وَنَسِيَتْ غَيْسانَها العَرُوسُ
- وَحَسَر الأَسْوَدُ وَالحَلِيسُ
مِنْ لِمَّتِي وَالفَرَعُ المَلْمُوسُ
- عَنْ هَامَةٍ كَأَنَّهَا كُرْدُوسُ
وَقَدْ تَرانِي البَقَرُ الكُنُوسُ
- وَمَا لِغِرّاتِ المَهَا تَجْرِيسُ
أَزْمانَ شَيْطَانُ الصِبَا نَطِيسُ
- عَادَ الهَوَى فِي طَوْقِهِ تَنْجِيسُ
لَا يَبْعُدَنْ عَهْدُ الصِبَا المَرْغُوسُ
- لَذَّاتُهُ وَاللَعِبُ التَدْلِيسُ
بَلْ بَلْدَةٍ تُمْسِي عَلَيْهَا العِيسُ
- كَأَنَّهُنَّ الزَوْرَقُ القَمُوسُ
فِي الماءِ لَوْلَا العَرَقُ التَدْبِيسُ
- يَجْرِي بِتَيْهَا آلُهَا المَألوسُ
لَيْسَ عَلَى حَيْزُومِها لُبُوسُ
- بِالوَصْلِ مِنْ مَوْصُولِهَا شَطُوسُ
دَوِيَّةٌ وَعَقَدٌ مَرْهُوسُ
- أَوْ شَاخِصٌ مُوَشَّحٌ مَطْمُوسُ
جَابَ بِرَحْلِي حَرَجٌ لَدِيسُ
- مِنَ العَنَاقِ الرُبْعِ أَوْ سَدِيسُ
بِالمَنْكِبَيْنِ قَذَفَى رَعُوسُ
- إِذَا انْتَهَى عَنْ قَصْدِهِ نَعُوسُ
وَقَدْ أَتَى بَعْدَ السُرَى التَعْرِيسُ
- وَالْهَامُ وَالبُومُ لَهُ تَغْلِيسُ
لَم أَدْرِ مَا قَال الصَدَى المَرْمُوسُ
- كَأَنَّهَا ذُو وَقَفٍ مَنْخُوسُ
مُحْمَلِّجٌ فِي أَرْبَعٍ جَسِيسُ
- بِصُلْبِ رَهْبَى وِرْدُهُ تَغْلِيسُ
يَقِيهِ حَيْثُ أُكْرِبَ الدَخِيسُ
- وَأْبُ الحَوَامِي مِقْرَعٌ مَلْطِيسُ
لَوَّحَهُنَّ العَطَشُ النَسِيسُ
- عَنْ مَشْرَعٍ دَانٍ لَهُ النَامُوسُ
وَحَيْثُ يُخْشَى مُنْطَوٍ جَلُوسُ
- بِاللَيْلِ فِي قُتْرَتِهِ حَلُوسُ
مِنَ الشَقَا محْتَرِقٌ جَسُوسُ
- مُجَوَّعٌ طاوِي الحَشَا لَحُوسُ
لَيْسَ لَهُ فِي الحَيِّ هَلْبَسِيسُ
- قَدْ نَالَ مِنْهُ الجُوعُ وَالتَفْلِيسُ
وَالمَطْعَمُ المُوجِبُ وَاللَهِيسُ
- ثُمَّ انْدَرَى مُكَدَّحٌ شَمُوسُ
ذُو جُبَبٍ كَأَنَّهَا فُؤُوسُ
- وَانْدَرَعَت خائِفَةٌ وَهُوسُ
فَأَخْطَأَ الرَامِي وَحَفَّ الخِيسُ
- وَانْصَاعَ مِنْ وَجسٍ لَهُ تَوْجِيسُ
حابٍ بِلحْيَيْ رَأْسِهِ رَدُوسُ
- على صَلاَهَا مِعْطَفٌ عَجُوسُ
أَقْلَحُ إِنْ عَاصَيْنَهُ نَهُوسُ
- بَلْ عَلِمَ العَالِمُ وَالقِسِّيسُ
أَنَّ امْرَءًا حَارَبَنَا مَمْسُوسُ
- بِئْسَ الخَلِيطُ الحَرِبُ المَدْسُوسُ
ما بالُ أَقْوامٍ لَهُمْ حَسِيسُ
- بَيَّنَ فِي رُؤُوسِهِمْ تَنْكِيسُ
وَهاجِسٌ مِن أَمْرِهِمْ مَهْجُوسُ
- يَثْوِي عَلَيْهِ يَصْطَلِي المَجُوسُ
جَرَتْ عَلَيْهِ اللُجْمُ وَالعَطُوسُ
- بِنَا يُدَاوِي الفَقَمُ الشَخِيسُ
وَالشَغْبُ حَتَّى يَسْمَحَ الضَرِيسُ
- إِنَّا إِذَا مَا هَوَّسَ الهَوِيسُ
أَعْطَى مُنَانَا المُتْرَفُ العِتْرِيسُ
- حَتَّى يُلِينَ سَأْوَهُ التَوْكِيسُ
وَحَشَّ نارَ الفِتْنَةِ التَأْسِيسُ
- وَقُودُهَا وَاللَهَبُ المَقْبُوسُ
هذَا أَوَانَ قَرَّتِ النُفُوسُ
- أَلْقَتْ عَصَاهَا الفِتْنَةُ المَؤُوسُ
وَبَائِقَاتٌ رَيْبُهَا رَبِيسُ
- وَارفَضَّ عَنها أَمرُها المَرجوسُ
وَغَيرُنا مِنها بِهِ تَدنيسُ
- ضَلاَلَةٌ فِي الدِينِ وَتطْفِيسُ
مِنَّا الرَئِيسُ وَلَنَا الرُؤُوسُ
- وَلَجَب الأَجْنَادِ وَالخَمِيسُ
وَقَيْسُنَا أَفْضَلُ مَنْ يَقِيسُ
- مَجْداً وَفِينَا البَاذِخاتُ الشُوسُ
بِهِمْ نُرَادِي وَبِهِمْ نَرِيسُ
- فِي كُلِّ يَوْمٍ تَحْتَهُمْ فَرِيسُ
مُقَصَّبٌ أَوْ جَسَدٌ مَحْدُوسُ
- وَخِنْدَفٌ وَرَاءَهَا القُدْمُوسُ
تَزِلُّ عَنْ نَطْحَتِهِ الفُطُوسُ
- وَقُرْبُها وَوِرْدُهَا غَمُوسُ
ضَرْبٌ وَطَعْنٌ بِالقَنَا نَحِيسُ
- مُعْتَرِضٌ أَوْ مِسْعَرٌ دَعُوسُ
قصيدة أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ وَأَسعِدا
يقول الشاعر محمد بن بشير الخارجي:
أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ وَأَسعِدا
- بَني رَحِمٍ ما كانَ زَيدٌ يُهينُها
وَلا زَيدَ إِلّا أَن يَجودَ بِعَبرَةٍ
- عَلى القَبرِ شاكي نَكبَةٍ يَستَكينُها
وَما كُنتَ تَلقى وَجهَ زَيدٍ بِبَلدَةٍ
- مِنَ الأَرضِ إِلّا وَجهُ زَيدٍ يَزينُها
لَعَمرُ أَبي الناعي لَعَمَّت مُصيبَةٌ
- عَلى الناسِ وَاِختَصَّت قُصَيّا رَصينُها
وَأَنّى لَنا أَمثالُ زَيدٍ وَجَدُّهُ
- مُبَلِّغُ آياتِ الهُدى وَأَمينُها
وَكانَ حَليفَيهِ السَماحَةُ وَالنَدى
- فَقَد فارَقَ الدُنيا نَداها وَلينُها
غَدَت غُدوَةً تَرمي لُؤَيُّ بنُ غالِبٍ
- بِجَعدِ الثَرى فَوقَ اِمرِئٍ ما يَشينُها
أَغَرُّ بِطاحِيُّ بَكَت مِن فُراقِهِ
- عُكاظُ فَبَطحاءُ الصَفا فَحَجونُها
فَقُل لِلَّتي يَعلو عَلى الناسِ صَوتُها
- أَلا لا أَعانَ اللَهُ مَن لا يُعينُها
وَأَرمَلَةٍ تَبكي وَقَد شُقَّ جَيبُها
- عَلَيهِ فَآبَت وَهيَ شُعثٌ قُرونُها
وَلَو فَقِهَت ما يَفقَهُ الناسُ أَصبَحَت
- خَواشِعَ أَعلامُ الفَلاةِ وَعينُها
نَعاهُ لنا الناعي فَظَلنا كَأَنَّنا
- نَرى الأَرضَ فيها آيَةَ حانَ حينُها
وَزالَت بِنا أَقدامُنا وَتَقَلَّبَت
- ظُهورُ رَوابيها بِنا وَبُطونُها
وَآبَ أولو الأَلبابِ مِنّا كَأَنَّما
- يَرَونَ شِمالاً فارَقَتَها يَمينُها
سَقى اللَهُ سُقيا رَحمَةٍ تُربَ حُفرَةٍ
- مُقيمٍ عَلى زَيدٍ ثَراها وَطينُها