أنواع التنوين في اللغة العربية
ما هي أنواع التنوين؟
ذكر النحاة أن التنوين في اللغة العربية عشرة أنواع، وهي: تنوين التمكين، وتنوين التنكير، وتنوين المقابلة، وتنوين العوض، وتنوين الترنم، والتنوين الغالي، وتنوين الحكاية، وتنوين ما لا ينصرف، وتنوين المنادى المضموم، والتنوين الشاذ.
وقد اختلف بعض العلماء في تقسيم التنوين، فقد قسمه ابن جنّي من حيث الجانب الصوتي للتنوين إلى نوعين؛ الساكن والمتحرك، وقسمه الزمخشري إلى خمسة أنواع، هي: الدالّ على المكانة، والفاصل بين المعرفة والنكرة، والعِوض من المضاف إليه، والتنوين الغالي.
أما النحاة العرب المحدثون فقد تباينت آراؤهم في تقسيمهم لأنواع التنوين، فبعضهم يحذفون تنوين الترنم، والتنوين الغالي، ويحصرون الأنواع في أربعة أنواع، هي: تنوين التمكّن، وتنوين التنكير، وتنوين العِوض، وتنوين المقابلة.
تنوين التمكين
يقال تنوين الأمكنيّة، وتنوين التمكن، كرجل وقاض، سمي بذلك لأنه لحق الاسم المعرب؛ ليدل على شدة تمكنه في باب الاسمية أي أنه لم يشبه الحرف فيبنى، ولا الفعل فيمنع من الصرف ، ومنه قوله تعالى: { خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ}، وقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا }، وأيضًا قوله تعالى: { وَلَقَ د بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا }.
ويسمى أيضًا تنوين الصرف، وتنوين الشّرف، ولا يكون ذلك إلا في الأسماء، لذلك كان خاصًا بها، وهو أكثر التنوينات استعمالًا، وأشهرها، وأسرعها إلى الذهن على الإطلاق.
تنوين العوض
وهو ما آتي به عوضًا عن محذوف، وله ثلاث حالات؛ الحالة الأولى: أن يكون عوضًا عن حرف أصلي، وذلك بشرط ألا تكون الكلمة مضافة أو معرفة بـ(ال) وإلا ثبتت الياء، وألا يكونا في حالة نصب، مثل جوارٍ وغواشٍ في قوله تعالى: { وَمِن فَوقِهِم غَواشٍ }، فإنه عوض من الياء.
أما الحالة الثانية فهي أن يكون التنوين عوضًا عن كلمة، وذلك عندما يحذف ما تضاف إليه كل وبعض، مثل قوله تعالى: { وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ} ، وقوله تعالى: { فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ } ، وقيل: هو تنوين التمكين، رجع لزوال الإضافة التي كانت تعارضه.
وبالنسبة للحالة الثالثة فهي أن يكون عوضًا عن جملة، وهو الذي يلحق إذ عوضًا عن جملة تكون بعدها مثل قوله تعالى: { وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَة} ، والأصل فهي يوم إذ انشقت واهية، ثم حذفت الجملة المضاف إليها للعلم بها، وجيء بالتنوين عوضًا منها.
تنوين التنكير
وهو الذي يلحق بعض الأسماء المبنية ليكون وجوده دليلًا على أنها معرفة، أي أنه يكون في النكرة ولا يكون في المعرفة، إذ إن توفره في الأسماء المبنية دليل على أنها نكرة وحذفه دليل على أنها معرفة، مثال قوله صلى الله عليه وسلم: " إيهٍ يا ابْنَ الخَطّابِ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، ما لَقِيَكَ الشّيْطَانُ سَالِكًا فَجّا إلّا سَلَكَ فَجّا غيرَ فَجّكَ".
و ذكر النحاة أن تنوين النكرة يكون قياسيًا في هذه الأسماء، وسماعيًا في أسماء الأفعال والأصوات، مثل: صه، وغاق. وقد سُئل النحوي الشمنّي عن نوع التنوين في :رُبَّ أحمدٍ وإبراهيمٍ، فأجاب أنه للتمكين وليس للتنكير، لأن الاسم معرب ولا يرى منعًا من أن يكون تنوين واحد للتمكين والتنكير معًا فـ(رُبَّ) حرف يفيد فائدتين.
تنوين المقابلة
ويسمى أيضًا تنوين المعادلة، وهو اللاحق لنحو مسلمات مما جمع بألف وتاء، سمي بذلك لأنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم في نحو مسلمين، وليس بتنوين التمكين خلافًا للربعي لثبوته فيما لا ينصرف منه، وهو ما سمي به مؤنث، مثل: أذرعاتٍ لقرية.
وكذلك في قوله تعالى: { مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ}، ولا تنوين تنكير لثبوته مع المعربات، ولا تنوين عوض وهو ظاهر.
وبذلك تنوين المقابلة هو اللاحق ل جمع المؤنث السالم ، وجُعِلَ في مقابلة النون في جمع المذكر السالم، وقيل هو عوض عن الفتحة نصبًا، ولو كان كذلك لم يوجد في الرفع والجر، ثم الفتحة قد عُوض عنها الكسرة.
تنوين الحكاية
يُرجع بعض النحاة هذا النوع إلى ابن الخبَّاز، ومثَّلوا له بقولهم: مثل أن تُسمي رجلًا بـ(عاقلةٍ لبيبةٍ)، فإنك تحكي اللفظ المسمى به، وبالنظر إلى حقيقة هذا التنوين، نجد أنه لا يعدو أن يكون تنوين الصرف، لأنه كان قبل التسمية، وحكي بعدها فكون الكلمة جاءت محكية لا يمنع أن يكون أصله تنوين الصرف.
وذكر الدماميني أنه ليس في لفظ الحكاية تنوين صرف قطعًا، وكيف يجامع تنوين الصرف ما فيه علتان مانعتان من الصرف؟ ولا ينافي ذلك كونه في المحكى تنوين صرف، فحركة زيدًا في رأيت زيدًا هي النصب مع أنها في المحكي حركة إعراب.
التنوين الشاذ
مثل له النحاة بمثال واحد فقد ذكروا هذه العبارة عند الكلام عليه وهي (كقوله بعضهم هؤلاء قومك) بتنوين هؤلاء، وفائدة هذا النوع من التنوين مجرد تكثير اللفظ والأفضل أن يُقال هنا، وسمع تنوين هؤلاء دالًا على التكثير ولا يعتبر قِسمًا خاصًا من أنواع التنوين، حتى لا تتعدد أقسامه دون فائدة وإن كنا لا نحجر على كل مذهبه.
واعتبار وجود التنوين حينئذ ضرورة لأجل تكثير اللفظ ليتبعه زيادة في المعنى، فإننا نلمح في تنوين هذه الكلمة، نوعًا من الحث والتنبيه، أو جاء مرادًا به التكثير.
تناوين خاصة بالشعر
هناك عدد من التناوين، التي تكون خاصة بالشعر، وهي كما يأتي:
تنوين الترنم
وهو اللاحق للقوافي المطلقة بدلًا من حرف الاطلاق، وهو الألف، والواو، والياء، وقد صرّح به سيبويه وغيره من المحققين أنه جيء به لقطع الترنم، وأن الترنم هو التغني الذي يحدث بأحرف الاطلاق، لقبوله مد الصوت فيها، فإذا أنشدوا ولم يترنموا جاؤوا بالنون في مكانها، واستدلوا على هذا النوع من التنوين بقول جرير:
أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا
- وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابنْ
تنوين الغالي
وهو اللاحق للرويّ المقيد، والمقصود بالرويّ المطلق: المتحرك، والروّي المقيد: الساكن، والتنوين الغالي أنكره الزجاج والأخفش، وقالا إن القافية المقيدة لا يلحقها حرف الإطلاق فكذلك لا يلحقها التنوين؛ لأنه ينكسر بذلك، والذي قال به الأخفش مستشهدًا بقول العجاج:
وقاتِم الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ
- مُشْتَبِه الأَعْلامِ لَمّاعِ الخَفَقْ
والغرض من هذا التنوين؛ الدلالة على الوقف لأجل أنّ الشعر مسكن الآخر، فإذا قلت: "خاوي المخترق" لم يعلم أواصل أنت أم واقف، وإذا ألحقت هذه الزيادة انفصل الوقف من الوصل في الكلام بالحذف، نحو أن تقول: جاءني زيدٌ، فتحذف الحركة والتنوين.
كذلك يجوز أن يُفصلَ من الحالتين في الشعر المقيد بالزيادة لأجل أن الساكن لا يُقدر على إسكانه، ويسمى الغالي لأنه جاوز الحد، فقد جاوز حد الوزن، والغلو مجاوزة الحد.
تنوين الضرورة
زاد بعضهم قائلين: تنوين الاضطرار، أو تنوين الضرورة، أو تنوين ما لا ينصرف، وهذا يعني أن الشاعر قد اضطر إليه جبرًا لوزن البيت، حتى لا ينكسر وزنه، ومنه قول الشاعر:
وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ
- فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي
فقد جرَّ "عنيزة" بالتنوين على الإضافة، وكان حقُّه ألا ينون لكونه ممنوعًا من الصرف ، ولكن ضرورة الشعر أوجبت على الشاعر أن يجره أولًا وينونه ثانيًا، ومنه قول الشاعر أيضًا:
سَلامُ اللَهِ يا مَطَرٌ عَلَيها
- وَلَيسَ عَلَيكَ يا مَطَرُ السَلامُ
في هذا البيت، نوّن "مطر" الأولى: وهي اسم علم على شخص، وكان حقه البناء على الضم، إلا أن ضرورة الشعر أوجبت هنا أيضًا على الشاعر أن ينون ما حقه البناء، ورده الدماميني، أن تنوين الصرف هو الذي يدل على إمكانية الاسم وسلامته من شبه الحرف والفعل، والاسم الموجود فيه مقتضى منع الصرف، قد ثبت شبهه بالفعل قطعًا.
ودخول التنوين فيه عند الضرورة لا يرفع ما ثبت له من شبه الفعل، غايته أن أثر العلتين، قد تخلف للضرورة، فالتحقيق أنه ليس تنوين صرف، ولا يرد قولهم يجوز صرف غير المصروف للضرورة؛ لأنه منتقص، على أنهم قد يطلقون الصرف، يريدون به ما هو أعم من تنوين التمكين.
للتنوين أنواع منها ما يخصّ الاسم، ومنها ما يشمل الفعل أيضًا، وهي تقسم إلى قسمين بحسب الاتفاق والاختلاف بين النحاة، فقد اتفقوا على تنوين التمكين، وتنوين التنكير، واختلفوا على بقية الأقسام، وهو حرف ذو مخرج شأنه، شأن بقية الحروف الهجائية ، وللتنوين فوائد لغويّة عديدة منها: أنه علامة للأمكن، وللتفريق بين المنفصل والمتصل، كما أنه يؤدي أغراضًا في الشعر.