أجمل أبيات الغزل
إكسير الحياة
- يقول حمد بن خليفة أبو شهاب:
أرى الشعر إلا فيك تزهو سطوره
- وينساب من فرط السرور نميره
فأنت له يا قرة العين واحة
- يحف بها روض تهادى غديره
فإن حلقت ألفاظه وتألقت
- معانيه فالحب الجميل أميره
يوجهه للبيّنات فيرتوي
- من المنهل العذب المصفى شعوره
فأنت له يا نفحة العمر ظله
- ومغناه في دنيا الهوى وزهوره
وأنفاسه من طيب رياك تنتشي
- ولولاك ما طابت ونثت عطوره
ولولاك ما غنى على البان ساجع
- ولا رفرفت في الخافقين طيوره
ولولاك ما حلو الزمان ومره
- بمجد ولا برد الفضا وهجيره
فحبك إكسير الحياة وروحها
- ومأوى فؤاد لم يجد من يجيره
سواك وأما في سواك فليس لي
- مراد وقلبي ما سواك يثيره
وما قلت من شعر ففيك نظيمه
- وما قلت من نثر ففيك نثيره
أبى الشعر إلا فيك يا غاية المنى
- تضيء بنور الرائعات سطوره
أغالبك القلب اللجوج صبابة
يقول المرقش الأكبر:
أغالِبُكَ القلبُ اللَّجوج صَبَابَةً
- وشوقاً إلى أسماءَ أمْ أنتَ غالُبُهْ
يهيمُ ولا يعْيا بأسماء قلبُه
- كذاك الـهوى إمرارُه وعواقِبُهْ
أيُلحى امرؤ في حبِّ أسماء قد نأى
- بِغَمْزٍ من الواشين وازورَّ جانبُهْ
وأسماءُ هَمُّ النفس إن كنتَ عالماً
- وبادي أحاديثِ الفؤادِ وغائبهْ
إذا ذكرَتْها النفسُ ظَلْتُ كأنَّني
- يُزعزعني قفقاف وِرْدٍ وصالبُهْ
وهيفاء تقتل عشاقها
يقول ابن الساعاتي:
وهيفاء تقتل عشَّاقها
- برمح القوام وسيف الحور
تسدّد بالجفن سهمً الفتور
- وتفتح في الخدّ وردَ الخفر
إذا ما هدت بصباح الجبين
- قلباً أضلت بليل الشعر
أسرُّ إليها بشكوى الهوى
- فتجهرَ باللَّوم فيمن جهر
فنحن كما قيل فيما مضى
- أريها السُّهى وتريني القمر
وأحور سهماهُ لي مصميانِ
- فسيَّان عندي رمى أو نظر
إذا مرتَ الحربُ قطر السهام
- تقلد فوق غديرٍ نهر
وطار على بارقٍ مارقٍ
- دجى النقع منهُ بعيد السحر
يحجّب عنَّا نساءَ الخيام
- ويبدو بكل حسامِ ذكر
فللوجدِ من حسنه ما أباح
- وللشوق منهنَّ ما قد ستر
حسنها كل ساعة يتجدد
- يقول ابن سناء الملك:
حسنُها كلَّ ساعةٍ يتجَدّدْ
- فلهذا هَوايَ لا يَتَحدَّدْ
إِنَّ عِشْقي كَحُسنِها ليس ينـ
- ـفكُّ وهَمِّي كَهَجرِها ليس يَنْفَدْ
غير أَنَّ الخيالَ يأْتي فيا طو
- ل حيائِي منْ طُول مَا قَدْ تَردَّد
بات ذاكَ الخيالُ في العين لَكِنْ
- مِسْكُ أَرْدَانِه تعلَّق في اليَدْ
غادَةٌ عادةٌ لها الفتكُ فِينا
- ولكلٍّ مِنْ دَهْرِه ما تَعوَّدْ
هِيَ لا شَكَّ مُعْصِرٌ غيرَ أَن الـ
- ـقَدَّ مِنْها يَقُولُ لِي هِيَ أَمْرَدْ
حملَتْ زينةَ الفَريقين فوقَ النـ
- ـهدِ عِقدٌ وفي الجفونِ المُهَنَّد
قدْ رَوى السحرَ لحظُهَا فهو يُمْلي
- كلَّ يومٍ منه علينا مُجَلَّد
وقرأَنَا الغريبَ من فمِها الكا
- مِلِ حُسْناً والثَّغْرُ فيه المبرّدْ
كَحَلُ الجَفْنِ مَازَجَ الكُحلَ فيه
- فَشرِبْنا مِنه السُّلافَ مُوَلَّدْ
هي من حُسنها تُميتُ وتُحيي
- وَهْي من لِينِها تَحِلُّ وتَعْقِد
إِنْ أَرتْنا بوجْهِها ساعةَ الوصْـ
- ـلِ أَرتْنا بفرعِها ليلَة الصَّد
فَتَنَتْني بأُقحوانٍ مُندَّىً
- وسبَتْنِي بِيَاسمينٍ مُورَّد
وأَرَادَتْ بالسِّحر قَتْلي ولم تد
- رِ بأَنِّي مؤيَّدٌ بالمؤيَّد
مَنْ رآه فقدْ تأَيَّد لكن
- جودُه في نَداه مَا يَتَأَيَّد
ملكٌ جودُه تقرَّب مِنَّا
- مثلمَا فَضْلُه إِليْنا تَوَّدد
يهتدي القاصِدونَ في ظُلم الليـ
- ـلِ بنورٍ من نجمِ دين مُحَمَّد
قد كَساهُ الإِلهُ نوراً ولكنْ
- هو في نصرِ دينه قد تَجَرَّد
أَنجَدَ الدِّينَ عَزْمُه فِلهذَا
- ذِكْرُه في الزَّمان غَار وَأَنْجد
هو أَحْمى مِمَّا تَدَرَّعَ في الحر
- ب وهْوَ أَمْضَى مِنْ مَشْرِفيٍّ مُهند
خاطِرٌ حاضِرٌ وبأْسٌ شديدٌ
- وعُلاً شامِخٌ وعِزٌّ مُشَيَّد
فهناهُ عيدٌ أَتى وأُهَنِّيـ
- ـهِ وقَدْ صَام أَلْفَ عامٍ وَعَيَّدْ
فلنا البِرُّ عِنْده والعَطَايا
- ولَه المَدْحُ والثَّناءُ المُخَلَّد
عيد قيس من حب لبنى ولبنى
يقول قيس بن ذريح:
عيدَ قَيسٌ مِن حُبِّ لُبنى وَلُبنى
- داءُ قَيسٍ وَالحُبُّ داءٌ شَديدُ
وَإِذا عادَني العَوائِدُ يَوماً
- قالَتِ العَينُ لا أَرى مَن أُريدُ
لَيتَ لُبنى تَعودَني ثُمَّ أَقضي
- أَنَّها لا تَعودُ فيمَن يَعودُ
وَيحَ قَيسٍ لَقَد تَضَمَّنَ مِنها
- داءَ خَبلٍ فَالقَلبُ مِنهُ عَميدُ
عيون المها مالي بسحرك من يد
- يقول ابن الساعاتي:
عيونَ المها مالي بسحركِ من يدِ
- ولا في فؤادي موضع للتجلُّدِ
رويداً بقلبٍ مستهامٍ متيَّمٍ
- ورفقاً بذا الجفن القريح المسهَّد
قفي زوّدينا منك يا أمَّ نالكٍ
- فغيرُ كثيرٍ وقفة المتزوّد
ففي الظعن ألوى لا يرقُّ لعاشقٍ
- سرى منجداً لكنَّه غير منجد
وبيض الطُّلى حور المناظر سودها
- وما كحلتْ أجفانهنَّ بإثمد
لعلَّ رجاءً فات في اليوم نيله
- يداركهُ حظٌ فيدرك في الغد
بليت بفعم الرّدف لدنٍ قوامهُ
- ضعيف مناط الخصر أهيفَ أغيد
ترى يجتني كفُّ الهوى ثمر المنى
- بهِ من قضيب البانة المتأَوّد
ذللت لسلطان الهوى بعد عزَّةٍ
- وليست لذلٍ قبلها بمعوَّد
ويزعمُ أنَّ السلم بيني مبينه
- فما بالُ سيفِ اللحظ ليس بمغمد
تأمل جبيناً واضحاً تحت طرَّةٍ
- ترى الصبح في جنحٍ من الليل أسود
سرى القلبُ منه بين نور وظلمة
- فمن أجلها أنيّ أضلُّ وأهتدي
وقفتُ أعاطيه كؤوس عتابه
- غداة صحا من سكرتي وتلدُّدي
وأعطفُ منهُ غصنَ بانٍ يقلُّه
- من الردف ملءَ العين والقلب واليد
وخصرٍ ضعيفٍ مثل صبري نطاقه
- متى شئتَ يحللْ أو متى شئت يعقد
خذ حديثي فإنه معسول
يقول عمارة اليمني:
خذ حديثي فإنه معسول
- ورجال حديثهم مغسول
بت حيث التفت شاهدت روضاً
- وغديراً وقابلتني قبول
غير أن القدود لم أك أدري
- قبل هذا من أي شيء تميل
وغصون الحدائق الخضر جار
- بينهن العناق والتقبيل
فجرى من رويحة الفجر فيها
- نفس خافت النسيم عليل
فأثارت بعد السكون حراكاً
- هزها منه شمأل وشمول
فإذا القد مال بعد اعتدال
- فتيقن أن النسيم عذول
حبذا جور غادة تتثنى
- باعتدال وفي هواها عدول
لم يزل سحرها إلى الوصل باباً
- منه نحو الرضى يكون الوصول
أنا في أسرها وأسري عليها
- فكلانا هو العزيز الذليل
كلما قلت أستطيل عليها
- حكم الحب أنها تستطيل
غزلي من قرينة الحال لا من
- غزل صدق أهله مستحيل
ولا سلو ولا علو ولكن
- لي طلوع مع الهوى ونزول
هي الظبي لولا عقدها والخلاخلُ
يقول عبد الرحمن السويدي :
هي الظبي لولا عقدها والخلاخلُ
- أو الغصن لولا وشيها والغلائلُ
يحركها ريح الدلال ولينها
- وثبتها حفف لذا تتمايل
وتهتزّ في ورق النضار إذا مشت
- فتثبت أشواقاً إليها العنادل
وقد رام تشبيهاً بها البدر والقنا
- وهي لعديم المثل شيء يماثل
فيا أيها البدر انثنِ بك كلفة
- ويا أيها اللدن انحن أنت ذابل
إذا انساب فوق الدعص أرقم فرعها
- فمن جائري من صاعدٍ وهو نازل
أعير الدجى من فرعها الدجن واكتفت
- بوضّاحها عن شمسهن الأصائل
بعيدة مهوى القرط حوراء لحظها
- صقيل وشخص العين منها المقاتل
وقد كمن السحر الحلال بجفنها
- وعنها روت سحر المحرم بابل
لي اللَه قلبي بالصبابة عامرٌ
- وجسمي لوجدي والكآبة ناحل
ولولا بكائي في الأصيل وفي الضحى
- لما نحن فوق الأيك تلك البلابل
ولي زفرة من حرّها أوقدت لظى
- ولي مدفع من سفحه السفح سائل
ولي رقّةٌ عنها النسائم حدّثت
- ولي مقة فلّت لديها المفاصل
رعى اللَه عيشاً كرخ بغداد ربعه
- وروّاه هتّان من المزن هاطل
وأيام سعدكم قضيت مآربها
- بها ولكم قد أنتجت لي مآمل
وأديت فيها للشبيبة حقها
- ونبّهت فيها اللهو والدهر غافل
خليليّ ما للدهر يعمل بالفتى
- نقيض الذي نصّت عليه الأماثل
فيخفض منه قدره وهو عالم
- ويرفع منه ذكره وهو جاهل
ويعجم منه النطق وهو ابن وائل
- ويفصح منه قوله وهو باقل
ولا جائر منه وأبناؤه هم
- زعانف أنحاسٌ لئامٌ أراذل
إذا ما الغمام الجون عن حُرّ وجهها
- تقشّع كاد الشمس عنه تآفَل
تماثَل ما في ثغرها وعقودها
- وبالروح يُشرى ذلك المتماثل
وقد شاكل الخدّ الشقيق فخال ذا
- وحبّة ذا ما بين كلٍّ تشاكل
أما وجبين حول هالة بدره
- نجوم تذيب القلبَ وهي نوازل
وهادٍ أضلّ القلب وهو مطوّق
- ويذهب طوراً بالنهى وهو عاطل
وبلّور نحرٍ مشرقٍ فكأنما
- عليه لإشراق اللآلي دلائل
ففي القلب منها حرقة لو يبثها
- أنيني لذابت من سناها الجنادل
ممنّعة لا يستطاع لشيّق
- إليها اللقا بل دون ذاك معاقل
محجّبة عن كل شيء سوى الكرى
- فلا الوهم يدنوها ولا الفكر واصل
مخدّرة من دونها كل حاذر
- من الصيد أسباب المنيّة حامل
أطعتُ هواها إذ عصيتُ عواذلي
- وهل في سوى أسماء تُعصى العواذل
وأخفيتُ أمري خوف واشٍ يذيعه
- فَهَمَت وأبدته العيون الهواطل
أما إنني قد كنت أخشى صروفه
- ولكن دعاه والذي هو فاعل
فلست أبالي منه بعد استجارتي
- بمن كملت فيه الخصال الفضائل
نبيٌّ نبيٌّ مرسلٌ خير من هدى
- وأكرم من سارت إليه الرواحل
كريم فلا برق الأماني بخلّب
- لديه ولا يستمنح الجود خاجل
هو البحر إلا أن مورد عذبه
- إلى رِيّه تهمي العفاة الأرامل
حقير عطاياه جلائل حاتم
- وأنزر معطاه الهِجان الأفائل
يجود بما جاد الكرام وبالذي
- به كل كرّامٍ لدى الجود باخل
ويلتذّ بالحدوى لعافٍ ووافدٍ
- ويأنس بالجائي إذا قيل سائل
فشاغل يمناه لدى أسلم نائلٌ
- وفي الحرب مفتوق القرارين فاصل
وفيّ الجرشّى شامخ النَّجر دونه
- تقاعس رضوى والخورنق خامل
به فضلت عدنان كعباً وحِميَراً
- ودانت لعلياها تميمٌ ووائل
وإن فخروا آباؤه فبفخره
- و بالسيف يغلو غمده والحمائل
تنزّه عن كل المثالب فاستوت
- على صهوات الحُسن منه الشمائل