أقسام الواجب
أقسام الواجب باعتبار الوقت
يندرج حكم الواجب تحت أقسام الحكم التكليفي ، وللواجب باعتبار الوقت اتّجاهان: أولهما ما يكون وقته متسعاً للقيام به والقيام بغيره معه، وسُمّي هذا بالواجب الموسَّع، وذلك مثل أوقات الصلوات المفروضة، حيث يتّسع الوقت لأداء الصلاة المفروضة والقيام بصلاة غيرها سواء كانت قضاء فرض أم نافلة، وثانيهما ما لا يتّسع فيها الوقت للقيام بفريضة أخرى مثلها، ويُسمّى هذا الاتجاه بالواجب المُضيّق، وذلك مثل الحج، فلا يمكن القيام بنسكٍ آخر في وقت القيام به، وكذلك صيام رمضان، حيث لا يمكن للمسلم أثناء صيامه أن يصوم صوماً آخر فيه؛ كأن يصوم في يوم الاثنين من رمضان بنيّة أن هذا اليوم كان يصومه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في غير رمضان، أو أنّ هذا اليوم الذي تُرفع فيه الأعمال إلى الله -تعالى-، فيقع الصيام في هذه الحالة صيام فريضة رمضان لا غير.
ومن الأمثلة على الواجب الموسّع: الزكاة؛ فالمُزكّي الذي حال الحول على نصابه وأراد إخراج الزكاة جاز له أن يخرج أكبر من مقدار زكاته، وهذا واجب موسّع من جنس الزكاة، فوقت الواجب المضيّق لا يمكن للعبد القيام بأكثر من عبادةٍ معيّنة في ذات الوقت، كما لا يمكن تأخيرها أو تأخير بعضها فيه، وإن حصل فتُعوّض بالقضاء، وقد جعل الله لذلك وقتاً يتّسع لأداء قضائه كاملاً، أمّا الموسع ففيه الوقت الكافي لعبادة معيّنة ولغيرها، ويمكن أداؤها في أول الوقت، أو وسطه، أو آخره.
أقسام الواجب باعتبار تعيين المأمور به
ينقسم الواجب من حيث النظر إلى ذاته وبما أمر الله -تعالى- به العبد إلى واجبٍ مُعيّنٍ ومُخيّرٍ، فالواجب المعيّن ما يجب على المسلم القيام به بعينه دون وجود بديل عنه أو خيار آخر له؛ كالصلاة، والصيام، والحج، أمّا الواجب المُخيّر فقد وجب القيام به أو بالبديل عنه؛ مثل كفارة اليمين ، فقد خيّر الله الحانث بيمينه بين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، ويُسمّى المخيّر بالواجب المبهم أيضاً.
أقسام الواجب باعتبار المكلَّف
يسمّى هذا القسم بالواجب باعتبار فاعله كذلك، وينقسم إلى واجبٍ عينيّ وواجبٍ على وجه الكفاية، فالعيني هو ما يجب على كلّ مسلم ومسلمة القيام به؛ كالصلاة، والصيام، و الحج ، ولا يجوز أن يقوم به أحدٌ بالنيابة عن أحد، وتبقى ذمة العبد مشغولةً به إلى أن ينتهي منه، ويُحاسب على فعله بالثواب وعلى تركه بالعقاب، وسمّي بالواجب العيني؛ لأنّه واجبٌ على كل مسلم بعينه، وكل مسلم هو المخاطب به، وواجب الكفاية جاء الأمر به للمسلمين عامة، فإن قام به البعض سقط عن الباقي، لكن إن لم يقم به أحد وقع الإثم عليهم جميعاً، مثل الأذان، و الجهاد في سبيل الله ، وسُمّي بالواجب الكفائي؛ لأن قيام البعض به يكفي من أجل تحقيقه.
تعريف الواجب
الواجب هو ما يُثاب المسلم على فعله ويُعاقب على تركه، وعند إرجاع لفظ الواجب إلى المصطلح اللغوي فإنه الساقط، والحكم الشرعي الواجب سقط فعله من الله على عباده، وقد فرّق الحنفيّة بين الواجب و الفرض ، فالواجب ما ورد دليله بخبر الآحاد وهو دليلٌ ظنّي، والفرض دليله ثبت بالخبر المتواتر، وهو دليلٌ قطعي، ولم يكن هذا التفريق عند السلف قبلهم، ذلك أنّهم لم يفرّقوا بين الآحاد والمتواتر، ويأتي الواجب بصيغ متعددة، فيما يأتي بيانها:
- فعل الأمر، مثل قول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ).
- الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر، مثل قول الله -تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).
- اسم فعل الأمر، مثل قول الله -تعالى-: (عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ).
- المصدر النائب عن فعل الأمر، مثل قول الله -تعالى-: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ).
- التصريح بلفظ الأمر، مثل قول الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلى أَهْلِهَا).
- التصريح بلفظ الإيجاب، أو الفرض، أو الكتاب، مثل قول الله -تعالى-: (فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ)، وقوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ).
- الأسلوب المُفيد للوجوب بحسب ما تعارف عليه العرب، مثل قول الله -تعالى-: (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) .
- ترتيب الذم والعقاب على ترك الفعل، مثل قول الله -تعالى-: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .