يحيى الواسطي (أشهر رسام في العصر العباسي)
يحيى الواسطي
يحيى بن محمود بن يحيى بن الحسن الواسطي رسّام ومُذهِّب ومزخرف وخطاطٌ عراقيّ، اشتُهرَ برسم المنمنمات وهو فن يعنى برسم لوحات صغيرة على الورق، وكان أحد أشهر وأهم رواد مدرسة بغداد التصويرية وشيوخها والتي أُطلِقَ عليها أسماء عدة، مثل: المدرسة البغدادية، والمدرسة العباسية، والمدرسة السلجوقية، والمدرسة العربية، ومدرسة ما بين النهرين، كما أن فن يحيى الواسطي موجوداً إلى الآن، فكتاب مقامات الحريري الذي ألفه مازال موجودٌ الآن في المكتبة الأهلية بباريس، وتوجد نسخةٌ أخرى منه مزينةٌ أيضاً برسوم الواسطي في مكتبة سانت بطرسبرج بروسيا.
حياة يحيى الواسطي ونشأته
كَبُر يحيى وترعرعَ في بلدته واسط في جنوب العراق، وُلِدَ في القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي، عاش في بيئةٍ ساهمت بحبه وتعلمه للفن، ويقال بأن بعضاً من أقاربه كانوا رسامين، وذلك مما ساعده على تعلم الرسم صغيراً، وبعد أن طوَّر وصقل موهبته الفنيَّة انتقل إلى بغداد، وهناك عاش وعمل، وأنشأ أسلوبه الخاص في رسم المخطوطات وتزيينها فيما عُرِفَ لاحقاً بالمدرسة البغدادية التصويرية.
حياة يحيى الواسطي المهنية
عملَ يحيى الواسطي رساماً عند الخليفة المستنصر بالله العباسي، فكانت رسوماته تصويرية تنقل التفاصيل بدقة جمالية بديعة، وقد عُرِضَت أعماله في مكتبات الجامعة المستنصرية ببغداد، وكان لها أصداءٌ عالية فيتهافتُ على اقتنائها المهتمون من الأندلس والمغرب العربي خصوصاً الملوك في عصر الموحدين في مراكش.
أشهر أعمال يحيى الواسطي الفنيَّة وإنجازاته
تُعد أبرز إنجازات يحيى الواسطي رسمه لما يقارب تسع وتسعينَ منمنمة تصويريّة شديدة الدِّقة والجمال عبَّرت عن خمسين مقامة (قصة) موجودة في كتابٍ اسمه "مقامات الحريري" للكاتب أبو محمد القاسم بن علي الحريري؛ يُجسد من خلالها الصورة الاجتماعية والأخلاقية بتلك الفترة، وكانت هذه المنمنمات أوَّل منمنماتٍ يُعرَفُ مبدعها وصانعها.
مميزات فن يحيى الواسطي
تميَّزَ أسلوب الواسطي برسم المنمنمات بتسطيح الأشكال المنمنمة، أي أنَّه لا يستخدم البُعد الثالث، مع الإضفاء على موضوع الرسم قدرًا من الزخرفة مُركِّزاً على الأرابيسك وهي الزخرفة النباتية، والكتابة حول رسمة المنمنمة بخطٍّ جميل، ليمنح بذلك للصورة دلالةً وبعداً وعمقاً جمالياً وفكرياً ودينياً واجتماعياً، بالإضافة إلى ذلك فإن المنمنمات التي رسمها يحيى الواسطي تعكس مدى الإتقان والدِّقة في مدرسته، كما أنها قد تُعتبرُ مرجعاً تاريخيّاً يبين عادات وتقاليد الناس في تلك الفترة، وشكل حياتهم من ملبس ومأكل ومشرب وشكل البناء أيضاً فلم يغفل الواسطي عن رسم كل تلك التفاصيل في منمنماته.
ابتكار يحيى الواسطي في الفن
كان الواسطي يصنع الألوان بنفسه إذ أنَّه يصنع بالبداية حبراً أسوَداً، ثم يأتي ويخلطه مع بقايا من حرق ألياف الكافور ويخلطها بزيت الخردل ولا بدَّ من ألوانٍ أخرى والتي كان يحضرها أيضاً بنفسه من الطبيعة.
تأثُّر يحيى الواسطي ببعض المدارس
كان الواسطي مُثقفاً واسع الاطلاع على الثقافات الأخرى؛ فتأثر ببعض المدارس التي سبقته بالمنمنمات مثل: المدرسة الفارسيَّة التي كانت من المدارس السبّاقة بفن المنمنمات، وقد كان واضحاً أثر ذلك في فنه.