يا حبذا الجنة واقترابها
يا حبذا الجنة واقترابها
يا حبذا الجنة واقترابها
- طيبة وباردة شرابها
والروم روم قد دنا عذابها
- كافرة بعيدة أنسابها.
هذه هي الأبيات التي نطق بها الصحابي جعفر ابن أبي طالب يوم مؤتة، فبعد أن تسلم الراية بعد استشهاد زيد بن حارثة (حب رسول الله)، قاتل على فرسه الشقراء قتال مستميتًا حتى أرهقه القتال، فنزل عن فرسه وضرب أقدامها وحمل الراية بيده وسيفه بيده الأخرى، واستمر في قتال الروم حتى قطعت يده اليمنى، فحمل الراية باليسرى حتى قطعت، فحمل الراية بعضديه حتى أثخن بالطعنات حتى استشهد، ولقّب بعدها بجعفر الطيّار؛ وكان ذلك حيث عوّضه الله بجناحين في الجنة.
التعريف بالصحابي جعفر ابن أبي طالب
اسمه ونسبه
هو جعفر بن عبد مناف، بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي، وهو ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لأبويه، ويكبره بعشر سنين، ويكنى: أبا عبد الله. أمه؛ فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، كانت قد أسلمت وهاجرت إلى المدينة المنورة، وتوفيت في زمن النبي عليه السلام، وقد نزل النبي الكريم في قبرها عند وفاتها.
حياته
أبرز ما جاء في حياة جعفر ابن أبي طالب أنه كان من أوائل من دخلوا إلى الإسلام قبل بدء الرسول بالدعوة في دار أبي الأرقم، فقد أسلم بعد أخيه علي رضي الله عنهما بقليل.
وكان رضي الله عنه ممن شهد الهجرتين؛ الهجرة إلى الحبشة، والهجرة للمدينة. فبعدما اشتد الحصار على المسلمين في بداية الدعوة وخشي الرسول عليه السلام على المؤمنين أن ينفتنوا بدينهم، أمرهم بالهجرة إلى الحبشة فإن فيها ملك لا يظلم عنده أحد، فكان جعفر هو من حمل خطاب الرسول لذلك الملك، وهو الذي وقف مدافعًا عن المسلمين في وجه عمرو بن العاص عندما جاء مانعًا حماية الملك للمسلمين المهاجرين.
فضائله وصفاته
كان جعفر رضي الله عنه أشبه الخلق والخُلق بالرسول عليه السلام، وصاحب مكانة كبيرة عند رسول الله؛ ففي حديث ورد عن الرسول أنه قال لجعفر: (أشبهت خلقي وخلقي).
وكان رضي الله عنه جواد كريمًا نال منزلة في إحسانه لم ينلها أحد من بعده، فأحبه المساكين؛ فقد كان شديد الرعاية والعطف عليهم، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (وكان أخير الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعق ما فيها).
فاشتهر رضي الله عنه بلقب أبي المساكين، حتى كان أبو هريرة يذكر أنه ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خير أو أفضل من جعفر بن أبي طالب، لما كان من عظيم أثر كرمه وإحسانه على أبي هريرة، وعلى غيره من فقراء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وكان هذا دليلًا على نفس الصحابي الجليل السخية المعطائة، وعلى رغبته وطمعه بالأجر والثواب، وإدخال السرور إلى قلوب الضعفاء والمحتاجين. ومن فضائله أيضًا أن أسلم على يديه الكثير من الناس وعمل على خدمة الدين بكل ما يملك، فكان من أبرز الرواة لأحاديث رسول الله واتصف في نقله وروايته بالدقة والسلامة.