وظيفة المال في الاسلام
وظيفة المال في الإسلام
عمارة الأرض وتحقيق الاستخلاف
إن وظيفة المال هي عمارة الأرض، وتحقيق الاستخلاف فيها، ضمن الضوابط التي وضعتها الشريعة لكسب وإنفاق المال، وهي كفيلة بتحقيق السعادة للبشرية. ونظرة الإسلام للمال واضحة؛ فهو يرى المالَ وسيلةً لا غاية، ويعتبر المالَ خيراً إذا كان في يد مؤمن وأنفقه مالكه في مجال الخير؛ ليحققَ به عفة في الدنيا، وسعادة في الآخرة.
الإنفاق على الأهل
ومن الوظائف التي يسخر فيها المال حفاظاً على الأسرة وعلى المجتمع؛ إنفاق المال على الأولاد والزوجة، وعلى الأقارب والمحتاجين، وأعظم نوع من الإنفاق هو ما ينفقه الرجل على أهله وهي نفقة واجبة على الزوج.
يقول الله -عز وجل-: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى* لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قَال: قَال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْراً الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ).
التوسعة على الأرحام في المناسبات
والمسلم مطالب بالتوسعة على أهله من المال بصفة عامة، وفي المناسبات الإسلامية كشهر رمضان، والعيدين بصفة خاصة، ومن المزايا التي تفرد بها شهر رمضان أنه شهر يزداد فيه في رزق المؤمن.
وعن سلمانَ الفارسيِّ -رضي الله عنه-، قال: خطبَنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخرِ يومٍ من شعبانَ فقال: (يا أيُّها الناسُ! قد أظلَّكم شهرٌ عظيمٌ، شهرٌ مبارَكٌ.. وهو شهرُ الصّبرِ، والصبرُ ثوابهُ الجنَّة، وشهرُ المواساةِ، وشهرُ يزادُ فيهِ رِزقُ المؤمِن، من فطّرَ فيهِ صائماً كانَ لهُ مغفرةً لذنوبِه، وعِتقَ رقبتِه منَ النار، وكانَ لهُ مثلُ أجرهِ من غيرِ أن ينتقِصَ من أجرِه شيءٌ).
إغناء الورثة عن السؤال
وذهب الإسلام أبعد من فرض النفقة على أولياء الأمور؛ بأن حثهم على أن يتركوا لورثتهم من بعدهم من المال ما يكفيهم ويغنيهم عن السؤال؛ فعن سعدِ بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: (كانَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعودُني عامَ حَجِّةِ الوَداعِ من وَجَع اشتدَّ بي، فقلتُ: إني قد بلغَ بي منَ الوَجَعِ، وأنا ذو مالٍ، ولا يَرِثُني إلاّ ابنةٌ، أفأتَصدَّقُ بثُلثَيْ مالي؟ قال: لا فقلت: بالشَّطرِ؟ فقال: لا).
(ثم قال: الثُّلثُ والثلثُ كبير-أو كثير- إنكَ أنْ تذَرَ ورثَتَكَ أغنياءَ خَيرٌ مِن أن تَذَرَهم عالةً يتكفَّفونَ الناسَ، وإنكَ لن تُنفِقَ نفقةً تبتغي بها وَجَه الله إلاّ أجِرتَ بها، حتَّى ما تَجَعلُ في فِي امرأتِكَ).
الإنفاق نتيجة من نتائج الإيمان
إنّ الامتناع عن الإنفاق يحول دون الوصول إلى غاية الإسلام من المال؛ إذ إنّ الإنفاق وسيلة من وسائل الإسلام إلى الخير، ونتيجة من نتائج الإيمان بالله، وإنّ المسلم الذي يمتنع عن الإنفاق يشهد على نفسه بأنه يعصي الله، وأنه يعطل الإسلام، وأنه لم يؤمن بالله حق الإيمان.
للمال وظيفة اجتماعية
إنّ للمال في الإسلام وظيفة اجتماعية؛ فليس لأصحابه حق الاحتكار كما في النظم الرأسمالية؛ ولهذا فرض الإسلام الزكاة وحرم الاحتكار، وحمى حقوق الفقراء والمستضعفين في المال العام، كما جعل الإسلام في المال حقوقًا أخرى غير الزكاة، حسبما فصله الفقهاء المسلمون؛ كالصدقة مثلاً.