وصف أهل النار في رحلة الإسراء والمعراج
وصف أهل النار في رحلة الإسراء والمعراج
جعل الله -عز وجل- لنبيه -صلى الله عليه وسلم - مكانة عالية وسامية ورفيعة عنده، وكانت رحلة الإسراء والمعراج، بمثابة تسليةً للرسول -عليه الصلاة والسلام- بعد رجوعه من الطائف، ورأى من آيات ربه الكبرى ما رأى، ومن ذلك حال أهل النار في تلك الليلة، ووصف عذاب الله لهم، ومن ذلك:
- رأى النساء اللاتي يدخلن على رجال، ليسوا من أولادهم، معلقات بثديهن.
- حال الزناة بين أيديهم لحم طيب، وآخر منتن له رائحة كريهة، يأكلون منه الزناة ويتركون الطيب منه.
- أهل الربا وآكليه، لهم بطون كبيرة، لا يستطيعون أن يتحولوا من مكان إلى آخر، ويمر عليهم آل فرعون فيطؤونهم.
- آكلين أموال اليتامى ظلماً، رآهم لهم مشافر كمشافر الإبل، يُقذفون بقطعٍ من النار، تخرج من أدبارهم.
- رأى عيراً من أهل مكة، ذهاباً وإياباً، شرب ماءهم من إناء مغطى، بعيراً نداً لهم، وهم نائمون، وكان هذا الدليل على صدق دعوته في صبيحة الإسراء.
وفي الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لما عُرج بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ يخمشون وجوهَهم وصدورَهم! فقلتُ: من هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال: هؤلاءِ الذين يأكلون لحومَ الناسِ، ويقَعون في أعراضِهم).
- ومن المشاهد ما أخبر به -عليه الصلاة والسلام- قال: (رأَيْتُ ليلةَ أُسري بي رجالًا تُقرَضُ شفاهُهم بمقارضَ مِن نارٍ فقُلْتُ: مَن هؤلاء يا جبريلُ؟ فقال: الخُطَباءُ مِن أمَّتِك يأمُرونَ النَّاسَ بالبِرِّ وينسَوْنَ أنفسَهم وهم يتلونَ الكتابَ أفلا يعقِلونَ).
- رأى صنف من أهل النار، الذين لا يؤدون صدقات أموالهم، على أقبالهم وأدبارهم رقاع، يسرحون كما تسرح الأنعام، ويأكلون الضريع والزقوم، وصنف ترضخ رؤوسهم بالصخر، كلما رضخت عادت كما كانت، لا يفتر عنهم، هم المتثاقلين عن الصلاة، وآكل الربا يسبح في نهر من دم، ويلقم الحجارة.
إكرام الله -تعالى- لنبيه -عليه الصلاة والسلام-
الأصل أنّ أجساد الأموات في الأرض، وأنّ الأرواح في نعيم أو عذاب، ولها اتصال بالجسد، وقد أكرم الله -تعالى- الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليلة الإسراء والمعراج، بأن جعل الأرواح بصورة أجساد، فقد رأى الأنبياء -عليهم السلام- آدم، وإبراهيم، وموسى وعيسى، ورأى صور من عذاب أهل النار، وأخبر بها قومه.
والقصد من حادثة الإسراء، ليرى محمد -صلى الله عليه وسلم- الآيات الكبرى في السموات العلى، منها الجنة والنار، وسدرة المنتهى، كما في قوله -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا).
ولا تعارض بين ما رآه النبي -عليه الصلاة والسلام- حين رأى الناروأصناف المعذبين، وكون الحساب يكون يوم القيامة، وهذا من أمور الغيب، التي يجب أن نفوض الأمر فيها لله -تعالى- لعدم إدراك العقل حقيقتها، وقد يقال إنّهم يعذبون في البرزخ، والله أعلم بكيفية العذاب.
والله -سبحانه جعل لنبيه خصوصية، بأن يُريه من آيات الغيب التي لم يراها أحد، ويرى مكانته عند ربه، وكأن المهمة من هذه الرحلة، هي أن يطلع رسوله -عليه الصلاة والسلام- على الآيات، والآية هي الشيء العجيب، كما ذكر في قوله -تعالى-: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى).
فوائد من رحلة الإسراء والمعراج
لمعجزة الإسراء والمعراج فوائد جليلة وعظيمة، ينبغي التوقف عندها، وسيتم ذكرهم:
- للسماء أبواب حقيقية وحفظة موكّلين بها.
- فضّل السير بالليل على النهار، فالحادثة وقعت ليلاً، وكان سفر النبي -صلى الله عليه وسلم- وعبادته أغلبه ليلاً.
- الجنة والنار خُلقتا، لأنه -عليه الصلاة والسلام- عرض عليه الجنة والنار. وشاهد من أصناف النعيم والعذاب.
- الإكثار من سؤال الله -تعالى- والشفاعة عنده لما حصل من سؤال الرسول الكريم، للتخفيف من الصلاة، عندما فرضت في السماء السابعة.
- طلب الاستئذان، وينبغي أن يقول أنا فلان، ولا يقتصر على كلمة أنا فقط، وهذا ما حدث عندما التقى -عليه الصلاة والسلام- بالأنبياء في السماوات العلى.
- استحباب الترحيب لأهل الفضل، والثناء عليهم، والبشر والدعاء لهم.
- فضل الاستحياء، ويظهرعندما استحيا موسى -عليه السلام- من ربه، عند سؤاله التخفيف من الصلاة.
- (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ)، فيها تقديس -لله تعالى- وقدرته في حادثة الإسراء، بأن يأتي بالبراق، ويأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد الأقصى، ثم عروجه إلى السماوات السبع، بجسده وروحه معاً.